أخبار عاجلة
OpenAI تقترب من إطلاق محرك بحث خاص بها -

كواليس الساعات الأخيرة قبل استقالة الحريري

كواليس الساعات الأخيرة قبل استقالة الحريري
كواليس الساعات الأخيرة قبل استقالة الحريري
كتب مجد بو مجاهد في صحيفة "النهار" وقال: كان ذهن الرئيس سعد الحريري سارحاً في مشهدية المتظاهرين وقلبه ينبض معهم، في الأيام الأخيرة التي سبقت حدث إعلانه وضع استقالته بتصرّف الرئيس ميشال عون وكلّ اللبنانيين. ويروي المقرّبون الذين واكبوا حركته وانطباعاته في "بيت الوسط"، أنه كان متعاطفاً حتى الذّروة مع ما تشهده الساحات، وقد اختلى بنفسه طيلة الفترة، حتّى أن نوّابه لم يستطيعوا مقابلته أو التواصل معه بسهولة، فيما اجتمع أعضاء المكتب السياسي في منزله ولم يستطيعوا رؤيته، وبرز الرئيس فؤاد السنيورة من بين الحلقة الضيّقة التي كانت على تواصل معه في هذه المرحلة الدقيقة. ولاحظ المقرّبون أن التعاطف الذي أبداه الحريري مع مفترشي الساحات وارتياحه الى اللوحات البشرية المرسومة من طرابلس الى الجنوب، أتيا من انطباع أن هتافات المعتصمين وانتقاداتهم لا تستهدفه شخصيّاً كما غيره من السّاسة، وهو انطباع صحيح في رأي المراقبين للتحرّكات التي بلغ عمرها 13 يوماً. ويرجع السبب الرئيسي الى الجسر المفتوح الذي بناه الحريري مع المحتجّين بقوله "أنا معكم"، وفق قراءة أوساطه، الى رفضه استخدام القوّة بوجههم، حتّى أن الدعوات الموجّهة الى استقالة الحكومة لم تصوّب بالتجريح على شخص رئيسها.

تعاطف الحريري مع الشارع وارتياحه اليه، لم يلغيا الحمل الثقيل الملقى على كتفيه، فهو لم يكن يحسد على ساعات مثقلة بالانتظار عايشها مع احتكامه الى الوحدة وتجنّبه مقابلة الناس. ويصوّب المراقبون على مشهدية تعاطف المتظاهرين مع الحريري التي اتسعت حلقتها في البيئة السنية بعد صورة تكوّنت أمامهم عن رفض إسقاط رئيس الجمهورية في الشارع، وهذا ما خلق نوعاً من البلبلة وشدّ العصب الطائفي، رغم أنه من الطبيعي ديموقراطياً اعتبار رئيس الحكومة عنصراً متغيّراً مقابل اعتبار رئيس الجمهورية عنصراً ثابتاً حتى انتهاء ولايته. وترجمت هذه المشهدية التي تكوّنت في الأيام الأخيرة فعلياً بعد استقالة الحريري، اذ صدح صوت الهتافات المؤيدة للزعيم السني، وهو ما دفع الى طرح علامات استفهام حول ما اذا كان زمن الاصطفاف العمودي (حقبة الثامن والرابع عشر من آذار) يتحضّر للعودة.

التصويب اليوم على من يمثّل الطائفة السنية. الأجواء التي كانت تكوّنت قبل ساعات من اعلان الحريري وضع استقالته بتصرّف رئيس الجمهورية، كانت تشير الى مسارين: تؤيّد فئة كبيرة من كوادر "تيار المستقبل" اختيار مسار القناعة القديمة – الجديدة التي يتبنّاها هؤلاء الكوادر والسير في اتجاه الجوّ السياسي السنّي الداعي الى ضرورة الاستقالة وترك الميدان لـ"حزب الله" كي يتحمّل مسؤولايته، فلماذا وضع الحريري في "بوز المدفع"؟. وكانت الخشية أن تؤدي الاستقالة الى اضعاف الحريري سياسياً اذا لم يعد رئيساً للحكومة الجديدة، وهي معادلة يخشاها الحريري نفسه.

في غضون ذلك، كان "حزب الله" يحضّ الرئاستين الأولى والثالثة على الصمود، وهذا ما شكّل حذراً لدى قياديين في "تيار المستقبل"، الذين منهم من اعتبر أنها لعبة خطرة. واعتبرت أوساط في "التيار الأزرق" أن "الرهان على إنهاك الشارع هو لعبة خطرة واقعياً، رغم أن التعب بدأ يظهر على صفوف المتظاهرين، إلا أن خيبة هؤلاء من دون تحقيق أهدافهم ستؤدي الى تجذّر حقد رهيب في نفوسهم ونشوء حركات متطرّفة مجتمعياً وسياسياً، ما يعني أن الحلّ يكمن في استقالة الحكومة".

هل يمكن فعلاً تشكيل حكومة جديدة من دون رئاسة الحريري في هذه المرحلة؟ في رأي الأوساط نفسها أن الاسم الوحيد الذي يمكن أن يطرح هو اسم سعد الحريري، لكن يخشى أن يتحوّل الى ضحية اذا ما كان "حزب الله" يسعى الى التضحية بأحدهم وتحميله مسؤولية الوضع القائم، وعندها يترجم الانقسام العمودي في البلاد. وفي النهاية، الحزب هو من سيشكّل أي حكومة جديدة في كونه الحاكم الفعلي للبلاد.

هل استبعاد ورقة جوكر الحريري في مرحلة مقبلة مرتبط باستبعاد ورقة وزير الخارجية جبران باسيل، وهي نظرية روّجت لها تحليلات وقراءات عدّة في الأيام الأخيرة؟ في رأي مصادر في "التيار الوطني الحرّ"، لا يمكن التفكير انطلاقاً من المقايضات، وهي مسألة غير واردة. ولا يمكن معالجة أزمة سياسية بحكومة غير سياسية، علماً أن الحكومة مليئة بوجوه من خلفية تكنوقراط. وترى المصادر نفسها أن قسما من المتظاهرين يفترش الساحات لأهداف سياسية أكثر منها معيشية، والمطلوب رؤية لها علاقة بالسياسات المالية واسترداد الاموال الموهوبة والمنهوبة وتوفير فرص عمل في ظلّ أزمة بطالة حادة لا تحلّ بمزايدات كلامية، بدلاً من استبدال أشخاص.

وبذلك، تستقرّ بوصلة المشهدية السياسية على احتضان جماهيري للحريري وقراره الاستقالة، فيما تبقى علامات الاستفهام مرسومة حول المستقبل الحكومي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى