الحراك إلى الشارع مجدّدًا... ورفضٌ لعودة باسيل

الحراك إلى الشارع مجدّدًا... ورفضٌ لعودة باسيل
الحراك إلى الشارع مجدّدًا... ورفضٌ لعودة باسيل
على رغم أن طرقات لبنان، شمالًا ووسطًا وجنوبًا وسهلًا، التي فُتحت بعد ثلاثة عشر يومًا من إغلاقها من قبل المحتجين على وصول الاوضاع الإقتصادية إلى حافة الإنهيار- عادت فإغلقت ليلًا - فإن ثمة تخوفًا يبديه المعنيون بهذه الازمة حيال ما يمكن أن تكشفه الأيام الطالعة، وإن كان إعلان الرئيس سعد الحريري إستقالة حكومة العهد الأولى قد نفسّ إحتقان الشارع بعض الشيء إلى حين، خصوصًا في ضوء تلكؤ الطبقة السياسية في دفع الأمور إلى خواتيمها المرجوة، مما حتّم عودة المحتجين إلى الساحات، وهذا ما حصل ليلًا، وبالأخص في الشمال، مع تصعيد من نوع آخر هذه المرّة قد يفاجىء الجميع، الذين ينتظرون الحراك من الشرق وقد يأتيهم ربما من الغرب.
 
ويبدو أن ثمة من يراهن على وهن الشارع وعلى أن العودة إليه لن تكون هذه المرّة بالسهولة التي يتصورّها البعض، وأن تكليف شخصية سنية لتشكيل الحكومة لن يكون سهلًا أو مستطاعًا، لأن ثمة تعقيدات تدور حول هذا التكليف، وأن مرسوم دعوة الكتل النيابية لإستشارات ملزمة يجريها رئيس الجمهورية لن يصدر قبل بلورة الصيغة التي يمكن أن تتلاءم مع وضعية مطالب الذين نزلوا إلى الساحات وشلوا البلد طيلة ثلاثة عشر يومًا، وكذلك تطابقها مع الواقع السياسي المأزوم.
 
وفي إعتقاد بعض المصادر المراقبة أن إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري هي ثابتة لا يمكن الالتفاف عليها، أيًا تكن إعتبارات المحيطين بمركزية القرار الرئاسي، الذين يلومون الحريري على تسرّعه في تقديم إستقالته، إذ كان يمكنه على الأقل التنسيق مع بعبدا قبل الإقدام على خطوته، وهو الذي طوّل باله ثلاثة عشر يومًا، وكان في إمكانه الإنتظار يومًا أو يومين على الأكثر، لأن ثمة تغييرًا في المعطيات كان قد بدأ يلوح في الأفق.
 
إلاّ أن نزول المحتجّين على المماطلة في إصدار مرسوم الإستشارات النيابية الملزمة إلى الشارع مجدّدًا قد أعاد البحث إلى نقطة الصفر، خصوصًا أن المحتجّين أثبتوا أنهم على إستعداد دائم لمواجهة العقلية التي لا تزال متحكّمة ببعض مفاصل الحياة السياسية، لأن من في أيديهم سلطة القرار يتصرّفون وكأن شيئًا لم يتغيّر في البلاد بعد السابع عشر من تشرين الأول، وهم لا يزالون يعتبرون أن الأمور ستسير كما يشتهون غير مدركين أن ما كان مقبولًا قبل إندلاع الإنتفاضة لم يعد كذلك بعد هذا التاريخ المفصلي.
 
لا شك في أن البعض لا يزال يتصرّف وكأن البلاد تعيش أفضل حالاتها، من دون أن يأخذوا في الحسبان التغيير الجوهري لدى الناس، الذين يصرّون على إحداث نقلة نوعية في طريقة تعاطي السلطة الحاكمة مع الأوضاع المستجدّة، خصوصًا أن أهل السلطة لا يزالون يناورون ولا يزالون يتصرّفون بطريقة ملتبسة.
 
ويسأل المحتجون عن الأسباب التي تحول دون دعوة الكتل النيابية إلى إستشارات ملزمة في القصر الجمهوري، خصوصًا أن مطالبهم أصبحت واضحة، وهم يرفضون العودة إلى الوراء وتسليم البلد من جديد إلى من كانوا مسؤولين عن كل هذه الكوارث التي حلّت بالوطن، وإن كانت مسألة إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري مقبولة من الحراك الشعبي، شرط تأليف حكومة لا يكون فيها ممثلون للأحزاب السياسية، بعدما بلغهم إشتراط توزير جبران باسيل مقابل عودة الحريري، وهذا ما هو مرفوض، وبالأخص بعدما أظهرت الإستفتاءات الشعبية أن الأول غير مرغوب فيه، وأن الإتيان به من جديد يُعتبر إستفزازًا للشارع الرافض بقوة عودته وعودة الطقم السياسي إياه.
 
أمام هذه المعطيات الجديدة يبدو الأفق مسدودًا أكثر من أي مرحلة سابقة، في إنتظار ما ستؤول إليه التطورات المتسارعة في الساعات القليلة المقبلة، وفي إنتظار ما سيعلنه رئيس الجمهورية في الذكرى الثالثة لتوليه الرئاسة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى