اتصالات خجولة تحرّك المياه الحكومية الراكدة... الدول الغربية تدخل على خط الأزمة وتضغط

اتصالات خجولة تحرّك المياه الحكومية الراكدة... الدول الغربية تدخل على خط الأزمة وتضغط
اتصالات خجولة تحرّك المياه الحكومية الراكدة... الدول الغربية تدخل على خط الأزمة وتضغط
يحلّ عيد الاستقلال هذا العام، مختلفاً على لبنان واللبنانيين.  اذ يتنازع المشهد اليوم "استقلالان" واحد عسكري تحتفل به السلطة وآخر مدني يحتفل به الشعب الثائر على هذه السلطة وفساد رموزها. الاحتفال الأول سينحصر ضمن نطاق وزارة الدفاع في اليرزة بعدما تم إلغاء الاستعراض العسكري التقليدي في جادة شفيق الوزان في وسط بيروت، ويحضره الى رئيس الجمهورية العماد ميشال، كل من رئيسي مجلسي النواب والوزراء، ووزيري الدفاع والداخلية، وقائد الجيش، وعدد من القادة والضباط. كما ألغي الاستقبال التقليدي في قصر بعبدا.

أما الاحتفال الثاني، فسيكون في وسط بيروت، حيث ستشهد ساحة الشهداء عند الثانية بعد الظهر عرضاً يتوقع أن ينخرط فيه أكثر من ثلاثة الاف شخص ضمن فاعليات تضم فرقاً من مختلف المهن والاختصاصات والقطاعات. وهي المرة الأولى في تاريخ لبنان منذ نيله استقلاله عام 1943 يقام عرضان كهذين.

وما بين الاحتفالين، تتجه الأنظار الى الاجتماع الثلاثي الذي من المتوقع ان يعقد على هامش عرض وزارة الدفاع بين كل من رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والوزراء يبحث في السبل الممكنة لاستعجال حل الأزمة الحكومية.

الاتصالات تراوح مكانها
وبعيداً عن الاحتفالات بعيد الاستقلال، يبقى الوضع الحكومي بنداً أولاً على طاولة الأزمات اللبنانية في ظل المراوحة المستمرة بانتظار الانتفاق على اسم رئيس الحكومة العتيدة وشكل الحكومة المقترحة.

وفي الموازاة، اكدت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا لـ"اللواء" ان اي خرق جدي لم يسجل وان الإتصالات على الرغم من قيامها الا أنها لم تؤد الى نتائج ملموسة. واشارت الى انه من المبكر الخوض في تكهنات عن تسمية الحكومة المقبلة واوضحت ان الرئيس عون حدد مواصفات الحكومة انما لم يطرأ اي شيء جديد.

ونفت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" اي تداول حول حكومة اللون الواحد ولا حتى الكلام عن حكومة عسكرية ناجمة عن حالة طوارئ. واكدت المصادر ان الاتصالات في هذا الملف لم تنقطع لكن الوضع على حاله ويعول على التواصل الثلاثي بين رئيس الجمهوريه ورئيس مجلس النواب ورئيس حكومة تصريف الأعمال في الاحتفال الرمزي للاستقلال في وزارة الدفاع.

وأشارت صحيفة "النهار"، في هذا الاطار، الى أن ثمة ملامح لعودة الاتصالات بين الرئيس سعد الحريري و"التيار الوطني الحر" من جهة والحريري والثنائي الشيعي من جهة أخرى. وأفادت معلومات مصدرها "التيار الوطني الحر" أن أسماء قدّمت الى الحريري هي عبارة عن مروحة واسعة تضم وجوها غالبيتها جديدة منها من هو اقتصادي وقضائي وكذلك من الحراك المدني وأن الأسماء ليست تقليدية. لكن معلومات أخرى توافرت ليلاً أظهرت أن تبادل الأسماء البديلة لترؤس الحكومة لم يؤدّ الى نتيجة جديّة لأن الحريري عاد طرح أسماء سبق له أن اقترحها ولم تحظ بموافقة الثنائي الشيعي. وإذ تردّد أن اسمي النائبين بهية الحريري وسمير الجسر طرحا ضمن تبادل الاقتراحات، تبيّن لـ"النهار" أن الاتصالات لا تزال قائمة والقنوات مفتوحة بين "حزب الله" والرئيس الحريري، وهناك تعويل مستمر من الحزب على دور الحريري في تشكيل الحكومة المقبلة وترؤسها. 

وتقول مصادر الثامن من آذار لـ"الأخبار" إن "الرئيس عون مستاء جداً من تعامل الرئيس سعد الحريري وعدم جديّته، ولذا يفضّل البدء بالبحث عن أسماء بديلة"، وهو ما اعتبرته المصادر "أمراً منطقياً ومحقاً". لكن هذه المشاورات لا تزال محكومة بفكرة "شكل الحكومة". أي أن السؤال اليوم ليسَ "من هو رئيس الحكومة، وإنما شكل الحكومة الجديدة. فهل هي حكومة أكثرية أم حكومة توافق"؟ أمام إصرار الحريري على عدم تشكيل حكومة إلا وفقَ شروطه، صار اسمه مستبعداً من التداول بعدما كان فريق 8 آذار يتمسّك به، لكن البحث عن أسماء بديلة لا يزال في إطار مقربين منه أو من الأسماء التي يُمكن أن تحظى بقبول منه.

فرنسا على خط الأزمة
وسط هذه الأجواء، ذكرت صحيفة "اللواء" ان السفير الفرنسي الذي زار الرئيس عون امس نقل اليه اجواء الاجتماع الثلاثي بين شينكر وفارنو والمندوبة البريطانية ستيفاني كاك حيث حل الوضع اللبناني قسما من مداولاتهم. ولفتت مصادر ديبلوماسية لصحيفة "اللواء" الى انه جرى تقييم للوضع بعد زيارة فارنو كما للسبل الفضلي لمعالجته وكان اصرار على مساعدة لبنان لتأمين استقراره وسيادته واستقلاله والتركيز على اهمية المؤسسات الدستورية وعملها بإنتظام وتشكيل حكومة جديدة اولوياتها تحقيق الاصلاحات التي وردت في ورقة الحكومة المستقيلة والمشار اليها في مؤتمر سيدر . وعلم انه تم البحث في الاجتماع بعلاقة لبنان مع كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا كما ما يتميز هذا البلد من خصوصية يجب العمل للمحافظة عليها.

وفي الموازاة، يبدو أن تطورات خارجية قد تعيد قلب المشهد الداخلي، إذ ذكرت مصادر مطلعة أن المشاورات الأميركية ــــ الفرنسية ــــ البريطانية بشأن لبنان، التي انطلقت في باريس الثلاثاء الماضي، انتهت الى تصوّر لمجموعة من الخطوات تتراوح بين زيادة الضغوط السياسية والاقتصادية، والترغيب بدعم في حال التزام الأطراف في لبنان بـ"خطة إصلاحية شاملة". وقالت المصادر إن "الجانب الغربي يتّجه الى تولي الملف بدلاً من تركه لإدارة السعودية والإمارات وبعض القوى اللبنانية"، وذلك انطلاقاً من كون أن "الرئيس عون وحزب الله رفضا تقديم أيّ تنازل بما خصّ تشكيل الحكومة الجديدة، وبعثا بإشارات الى استعدادهما لتشكيل حكومة فريق واحد إن تطلب الأمر".

وبحسب المصادر لـ"الأخبار"، فإن "المشاورات الغربية قد ينتج منها مبادرة"، ولا سيما أن "فرنسا ستشهد اليوم اتصالات خاصة من أجل احتمال دعوة أصدقاء لبنان الى اجتماع عاجل في باريس قبل نهاية هذا الشهر، في سبيل توفير فرصة تقديم دعم جدي للبنان لمنع الانهيار المالي الذي بدأ يلوح في الأفق".

أما بشان التركيبة الحكومية، فقد كشفت المصادر للصحيفة عينها أن المشاورات الغربية، والتي شملت الرئيس الحريري في بيروت، انتهت الى تعديل في التصوّر الغربي، والموافقة على حكومة تكنو ــــ سياسية، مع تعديل مركزي يقول بأن حصة الوزراء السياسيين لن تتجاوز ربع أعضاء الحكومة، وأن اختصاصيين لديهم خبرات أكيدة في إدارة مرافق وشركات، سوف يتولون الحقائب الخدماتية من دون أن يقع أحد تحت ضغط الإتيان بكوادر أكاديمية". ولفتت المصادر الى أن "الأميركيين دفعوا نحو تجميد نشاط رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري الذي أجرى سلسلة واسعة من الاتصالات في لبنان وخارجه لأجل تعيين حكومة معظم أفرادها من أساتذة جامعيين وأكاديميين عملوا على عقود استشارية مع شركات حكومية وخاصة". وأكدت المصادر أن "الرئيس الحريري أبلغ من يهمّه الأمر في لبنان وفي العواصم الغربية أنه لا يريد أن يكون رئيساً للحكومة في هذه الفترة، وبالتالي فإن المحادثات الجارية الآن مع الرئيس عون ومع حزب الله تتركز على سبل اختيار شخصية غير سياسية لتولي منصب رئيس الحكومة بموافقة الحريري، الذي قال إن تياره سيكون ضمن الحكومة".

وعن وجود تضارب في الآراء داخل الأوساط الغربية حيال كيفية التعامل مع الأزمة اللبنانية، لفتت مصادر عربية مقيمة في باريس الى أن "وزارة الخارجية الأميركية لا تُظهر اهتماماً كبيراً بأيّ قرار من شأنه التسبّب بانهيار كبير في لبنان"، بعكس آراء بعض مراكز القوى في الكونغرس وبعض الأجهزة التي تدعو الى رفع مستوى الضغوط. ونقلت هذه المصادر عن مسؤولين أميركيين أن "وزارة الخزانة الأميركية أعدّت لائحة بأسماء شخصيات قريبة من التيار الوطني الحر لوضعها على لائحة العقوبات"، مع الإشارة هنا الى أن "واشنطن كانت قد منعت رئيس جمعية المصارف سليم صفير من دخول واشنطن، ولم تسمح له بالمشاركة في اجتماعات مالية دولية، قبل أن تعود وتمنحه تأشيرة دخول أخيراً، وكل ذلك على خلفية أنه عقد صفقة سياسية مع الوزير جبران باسيل".

روسيا تعيد حساباتها في لبنان
أما على المقلب الدولي الآخر، فيبدو أنّ موسكو أعادت حساباتها تجاه الملف اللبناني بعدما ظهرت في الآونة الاخيرة في مظهر المعادي للثورة الشعبية اللبنانية، بحيث حرصت مصادر دبلوماسية روسية على نفي الكلام الذي تردد عن اتفاق بين موسكو وطهران على إجهاض الثورة في لبنان، مؤكدةً أنه "كلام عارٍ من الصحة". وكشفت لـ"نداء الوطن" أنّ "موضوع لبنان والمأزق السياسي الذي يمر فيه سيكون على طاولة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وعلى طاولة مسؤولين آخرين في الكرملين لاتخاذ الموقف المناسب إزاء هذا الموضوع"، موضحةً رداً على سؤال أنّ "موسكو لم تتخذ أي موقف رسمي تجاه الأزمة اللبنانية بعد إنما ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فرنسا عن عدم واقعية حكومة التكنوقراط في لبنان كان في إطار مناقشة الأفكار التي تُطرح ولم يجسد بذلك موقفاً روسياً رسمياً".

وإذ قللت من أهمية ما يُحكى عن أنّ الإدارة الروسية تنظر إلى الثورة اللبنانية باعتبارها مؤامرة تقف وراءها واشنطن، أكدت المصادر أنّ "موسكو ترحب بعودة الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة فهو صديق لها، لكنها في الوقت عينه لا تتدخل بشكل الحكومة الجديدة بل هي تساعد فقط لبنان عبر التواصل بين أطرافه المتخاصمين الذين يبقى لهم وحدهم القرار في تحديد شكل الحكومة ورئيسها والأولويات التي تضعها أمامها".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى منخفض جويّ متمركز فوق اليونان... هذا موعد وصوله إلى لبنان