استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم، في الصرح البطريركي ببكركي، مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، يرافقه سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور والمستشار الاول في السفارة حسن ششنية، وتمحور البحث حول مسألة تهويد القدس.
وعلى الاثر، أعرب حسين عن سعادته لزيارة الراعي، وقال: “كنا مسرورين جدا بهذه المواقف الثابتة لغبطة البطريرك لدعم القدس والقضية الفلسطينية بشكل عام، ورفضه الكامل والتام للقرارات الاميركية التي تتعلق بالقدس، سواء لجهة الاعتراف بها عاصمة لاسرائيل او لجهة نقل السفارة الاميركية الى القدس، وكذلك مسألة اللاجئين وكل ما يتعلق بمؤسسة الاونروا والجهة الدولية التي تدعم حقوق اللاجئين حتى العودة الى فلسطين”.
أضاف: “مواقف غبطته ليست جديدة وانما هي مواقف مبدئية وثابتة، ونحن ابناء الشعب الفلسطيني نقدرها عاليا ونتمنى لغبطته دائما تمام الصحة والعافية ودوام هذه المواقف الثابتة التي تدعم العدالة والحرية والحق، وهذه المبادىء بشر بها سيدنا المسيح”.
ثم التقى الراعي وفدا من طلاب الماستر2 في مادة التاريخ، من جامعة السوربون باريس 1، تقدمهم الدكتورة ديما فرنسوا الزين دي كليرك البروفيسور بيار فيرمان وعدد من الأساتذة، في زيارة لالتماس البركة والتعرف الى تاريخ نشأة الموارنة في الشرق وعلاقتهم بفرنسا.
وقال فيرمان باسم الوفد: “نشكر ونقدر لغبطته حفاوة الإستقبال، والمعلومات التاريخية الشيقة التي زودنا بها عن تاريخ الموارنة في الشرق ولا سيما في لبنان، ودورهم الكبير في انشاء لبنان الكبير مع البطريرك الياس الحويك. وهذه المعلومات ساعدتنا للتعرف اكثر الى الجماعة المارونية”.
وكان الراعي عرض امام الوفد للعلاقات التاريخية التي تربط البطريركية المارونية بفرنسا، مشيرا الى “التقليد السنوي المتمثل باحتفال البطريرك الماروني بالقداس الإلهي يوم اثنين الفصح على نية فرنسا، بحضور السفير الفرنسي وطاقم السفارة، في البطريركية المارونية”.
وردا على عدد من الأسئلة، أوضح البطريرك الماروني ان “الموارنة هم جماعة مسيحية تبعت القديس مارون، والكنيسة المارونية تضم سينودس اساقفة وينتشر مؤمنوها حول العالم. انها كنيسة كاثوليكية شرقية تقاليدها انطاكية وسريانية وبطريركها يحمل لقب بطريرك انطاكيا وسائر المشرق اي من تركيا الى موريتانيا وصولا الى الحدود الهندية. واول ظهور للموارنة في التاريخ كان مع المجمع الخلقيدوني في العام 431. وانتخب الموارنة اول بطريرك لهم في العام 686 وهو مار يوحنا مارون”.
وقال: “بعد انتشارهم في لبنان شكل الموارنة الجماعة الاقوى. وفي العام 1920 وبمسعى من البطريرك الماروني الياس الحويك الذي طالب به المسلمون والمسيحيون في لبنان ليترأس وفد فرساي، انشىء لبنان الكبير حيث يعيش حتى هذه اللحظة ابناؤه مسيحيين ومسلمين معا وفق الميثاق الوطني الذي يشكل ضمانة لهم يتشاركون من خلالها معا في السلطة وفق نظام ديمقراطي يحترم الحريات المدنية، ويؤمن حرية الرأي والتعبير وفق الإحترام المتبادل”.
وشدد على “ضرورة احترام الآخر وتقبله لأن هذا ما يتميز به لبنان حيث تعيش نحو 18 طائفة معا وتشكل لوحة من الموزاييك الفريد في المنطقة”، مؤكدا ان “المسيحيين في الشرق ليسوا بأقلية فهم اصيلون في هذه الأرض ولكن بسبب الحرب العابثة والهدامة التي ضربت ارضهم ونسبة لعددهم الضئيل تأذوا كثيرا ما اضطرهم الى ترك ارضهم والهجرة، وهكذا بات عددهم في بعض الدول العربية كالعراق شبه معدوم”.
وأكد ان “الحرب قد فرضت على شعوب المنطقة وان الإسلام منها براء، ومن يقوم بها هم الجماعات الإرهابية من قاعدة ونصرة وغيرها ومنظمات متطرفة ومرتزقة”. وقال: “لقد بنينا مع المسلمين حضارة عمرها 1400 سنة لا يعقل ان يكون الإسلام هو من يود تدمير هذه الثقافة والحضارة التي بنيناها معا على مر التاريخ”.
ثم استقبل الراعي وفدا من “المنتدى الحقوقي” برئاسة المحامي عباس صفا الذي تمنى على البطريرك الماروني “رعاية الشباب غير المسيس في لبنان لكي يتمكن من التعرف الى بعضه البعض والتحاور والعمل معا من اجل مستقبل افضل للبنان كوطن للجميع وليس لفئة معينة”.
وقال صفا: “البطريرك الراعي هو الجهة الوحيدة المؤهلة لاحتضان الناس الذين لا يؤمنون الا بالولاء للوطن. ان لبنان بحاجة الى رجالات تحمل فكرا جديدا ونهجا جديدا يؤسس لمستقبل ناجح لأبنائه وليس لاشخاص يطلبون المواقع والمراكز لأهداف شخصية”.
وبعد الظهر، استقبل مدير عام مصلحة المياه في بيروت وجبل لبنان جان جبران الذي عرض لواقع المياه والتطلعات والمشاريع المستقبلية المنوي انجازها بهدف “مكافحة ندرة المياه والعمل على ترشيدها والحفاظ عليها كثروة طبيعية يحق لكل مواطن لبناني الإستفادة منها”.
ثم التقى الراعي وفدا من الأدباء والكتاب السريان في العراق، يرافقهم مدير الجامعة اللبنانية الدولية في جبل لبنان الدكتور غابي خوري، وضم الوفد رئيس اتحاد الأدباء والكتاب السريان في العراق الدكتور راوند بولس، مدير عام التعليم السرياني في وزارة التربية اقليم كردستان العراق نزار حنا بطرس، مدير عام الدراسات السريانية في الحكومة الإتحادية في العراق الدكتور عماد سالم، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب السريان نزار حنا الديراني الذين شاركوا في مؤتمر “العلامة الأباتي جبرائيل القرداحي للدراسات السريانية”، الذي نظمته الجامعة اللبنانية الدولية في جبل لبنان بالتعاون مع الأدباء والكتاب السريان في العراق، وانعقد في لبنان من 12 الى 14 الحالي.
واطلع اعضاء الوفد البطريرك المارون على نتائج المؤتمر الذي وصفوه ب”الممتاز”، وعلى التوصيات التي صدرت في ختامه ومن بينها “الطلب من الدولة اللبنانية ادراج اللغة السريانية كلغة وطنية وادخالها الى الجامعات والمدارس ومطالبة منظمة الأونيسكو دعم مشاريع وعملية النهوض باللغة السريانية في لبنان والمشرق”.
وشدد أعضاء الوفد على “اهمية اللغة السريانية التي تحتضن تاريخا وتراثا غنيا لا يمكن ان ينضب خصوصا بالنسبة للموارنة في لبنان وللمسيحيين في دول الشرق الأوسط، فارتباطها وثيق بجذورهم، لذلك عليهم اتقانها للتعرف اكثر الى تاريخهم في المنطقة”.
وفي الختام تسلم الراعي من الوفد درعا تكريمية.
ومن زوار الصرح البطريركي الدكتور ألكسي مكرزل، فالنائب السابق محمود عواد والمحامي زياد حواط.