تناقض بين دياب ومكلِفيه ...و'حكومة تكنوسياسية' تعود بمصطلحات مرادفة

تناقض بين دياب ومكلِفيه ...و'حكومة تكنوسياسية' تعود بمصطلحات مرادفة
تناقض بين دياب ومكلِفيه ...و'حكومة تكنوسياسية' تعود بمصطلحات مرادفة

حزينا يحلّ عيدا الميلاد ورأس السنة على اللبنانيين، في ظل أزمة نقدية غير مسبوقة واقتصاد منكوب، وسط تحذيرات من الأسوأ. في المقابل يواصل الفريق الحاكم لعبة الوقت لإنقاذ ما أمكن من نفوذه وحماية حصصه. أمّا حكومة الإختصاصيين التي وعدنا بها الرئيس المكلف حسان دياب، وذهب بعيدًا في التأكيد بأنّه هو من يسمي أركانها خلال فترة قصيرة، فيبدو أن دونها عراقيل.

مهمة التأليف دخلت في إجازة فرضتها فترة الأعياد، إلّا أنّ الإشارات الأولى التي ظهرت منذ ما بعد يوم الإستشارات غير الملزمة في المجلس النيابي، لا تتناسب مع الإيجابية المفرطة التي خرج بها دياب من قاعة استشاراته، مؤكّدا في مؤتمره الصحافي أنّ حكومته لن تضم سوى اختصاصيين مستقلين، وستكون مصغّرة لا تتجاوز العشرين وزيرًا وستبصر النور خلال ستة أسابيع كحدّ أقصى.

أبرز الإشارات السلبية تلك التي سعت قوى سياسية إلى تسويقها عقب زيارة دياب قصر بعبدا، ليضع الرئيس ميشال عون في صورة استشاراته النيابية، والتي عقدها في منزله مع شخصيات مستقلة سرعان ما تبرّأ الحراك من تمثيلها له. فما إن غادر دياب بعبدا حتّى نقلت محطة الـ " أو تي في" كلامًا نسبته إلى مصادر متابعة قالت فيه "من المبكر الدخول في أسماء الوزراء إنما هناك كلام حول مواصفاتهم وعددهم والحقائب الأساسية والوازنة". وهذا الكلام إن دلّ على شيء وفق قراءة مصادر مراقبة، فهو أنّ معزوفة الحقائب الدسمة والسيادية عادت لتحتلّ مكانها في ساحة التأليف، وأنّ المصادر أرادت لفت نظر الجميع وفي مقدمهم دياب إلى أنّ التوليفة الحكومية ليست في جيبه، وأنّ هناك أفرقاء تعود إليهم تسمية الوزراء وتوزيع الحقائب على عكس الجو الذي أشاعه دياب في مؤتمره الصحافي، وقوله حرفيّا " رئيس الحكومة هو من يسمّي الوزراء".

ولعلّ تغريدة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعد صمت طويل أبلغ تعبير عن الطبخة الحكومية التي عُدّلت مكوناتها أو على الأقل المكونات المعلنة منها، بما يتناقض مع الموقف الذي أعلنه دياب وكرره وجزم من خلاله بأنّ "الحكومة لن تكون حكومة فئة سياسية من هنا وهناك..وستكون حكومة اختصاصيين بامتياز".وذهب فرنجية إلى حد تسمية وزير الخارجية جبران باسيل في تغريدته بالقول "حتى الآن طبخة الحكومة تُظهر أنّها حكومة ظاهرها مستقل وباطنها مرتبط بباسيل ؟ حكومة تضم مستقلين تاريخهم تسويات مع أصحاب النفوذ والسلطة وسياسيين مشهود لهم بالتقلّب ".

وبنظر المصادر أنّ تغريدة فرنجية أتت لتؤكّد أنّ باسيل لن ينكفىء عن المشهد الحكومي، أو يتراجع عن تفرّده وعن نهجه القديم الجديد في تجاوز صلاحياته والتعدي على صلاحيات الرئيس المكلف، ولو تحت ضغط الأزمة التي تنذر بانهيار اقتصادي ومالي شامل، وبالتالي لن يقف موقف المتفرج في التأليفة الحكومية.

وبدا لافتًا التناقض في المواقف ما بين دياب والقوى التي سمّته في استشارات التكليف، بدءًا بـ"حزب الله" الذي خرجت كتلته من لقاء دياب في المجلس النيابي، متخلّية عن مصطلح " حكومة تكنوسياسية"، ولكنها في الوقت عينه لم تلفظ مصطلح "حكومة اختصاصيين مستقلين" إسوة بدياب، كذلك الأمر بالنسبة للمكونات الأخرى التي تمايزت عن دياب في توصيفها للحكومة العتيدة.

أكثر من ذلك عاد مصطلح حكومة تكنو سياسية ليظهر من جديد وإنّما بتسميات أخرى هي في جوهرها مرادفة لحكومة تكنو سياسية، كقول الرئيس نبيه بري استنادًا إلى ما نقله زواره "أين المشكلة في أن يكون الوزراء اختصاصيين وحزبيين في الوقت نفسه، كما يحصل في كل العالم"، كما أنّه دعا دياب إلى "الاتصال بكل المكوّنات السياسية، التي يجب ألا يألو جهداً لتشارك في الحكومة، وإذا لم توافق فهذا يعود لها". ورداً على قول دياب أنه يريد حكومة من الاختصاصيين والمستقلين، ‏قال بري: "هذا رأيه ولنا رأينا. وفي أرقى الديموقراطيات يشترك حزبيون وتكنوقراط في مجلس الوزراء الواحد. ‏وتستطيع الأحزاب أن تقدم وجوهاً شفافة وخبيرة وقادرة على تولي إدارة الوزارات". الموقف نفسه أيضًا قاله وزير ‏‏"حزب الله" محمد فنيش "أن الحكومة المقبلة بحاجة إلى غطاء سياسي، وعليه، فإننا ندعو ‏إلى مشاركة واسعة من الجميع".

هذه المواقف تشير إلى ثلاثة أمور، أمّا إلى خلاف بين دياب ومكلِفيه، وفي هذه الحال لن تبصر الحكومة النور قريبًا على عكس المتوقع، أو إلى مناورة وتوزيع أدوار بينه وبين داعميه، لتهدئة الشارع وتطمينه في محاولة لكسب الوقت، أو أنّ فهمه للإختصاصيين المستقلين يختلف عن المتعارف عليه.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى