قررت الولايات المتحدة الأميركية تمديد إعفاء العراق من العقوبات المتعلقة باستيراد الغاز والكهرباء من إيران، لمدة 45 يوماً، على أن يُطبّق وفقاً لشروط صارمة، تتفاوض عليها وبغداد وواشنطن حالياً. وبحسب موقع "المونيتور" الأميركي، فإنّ هذا القرار يضطلع بأهمية كبرى بسبب مجموعة من العوامل، وذلك في وقت تعتمد فيه بغداد على طهران لتأمين حصة الأسد من احتياجاتها من الكهرباء.
في تقريره، لفت الموقع إلى أنّ تجديد الإعفاء الذي تنتهي مدته اليوم الخميس يأتي في ظل التوترات التي تشوب العلاقات الأميركية-العراقية بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، ونائب "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، في غارة أميركية على بغداد، في 3 كانون الثاني الفائت. وذكّر الموقع بأنّ هذه الغارة، التي أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأوامر بشنّها، أدت إلى إطلاق بغداد تهديدات بطرد ما تبقى من الجنود الأميركيين في العراق وتعليق حملة قتال "داعش" لفترة وجيزة.
وتابع الموقع أنّ إدارة ترامب هدّدت آنذاك بفرض عقوبات شديدة على العراق، الأمر الذي دفع كثيرين إلى استبعاد إمكانية تجديد الإعفاء. في المقابل، رأى موقع "المونيتور" أنّ واشنطن ما زالت تضغط على العراق لخفض الاعتماد على إيران لتلبية احتياجاته من الكهرباء، لافتاً إلى أنّ بغداد، وعلى الرغم من ذلك، أعلنت الأحد الفائت أنّ شركة نفط البصرة ستخفض إنتاج الخام في حقل نهر بن عمر (تديره شركة إكسون موبيل الأميركية) لأدنى حد ممكن بسبب التلوث وانبعاثات غازية.
توازياً، يطرح القرار بتجديد الإعفاء تساؤلات بشأن فاعلية حملة "الضغوط القصوى" الرامية إلى تصفير صادرات النفط الإيراني وإجبار طهران على الاختيار بين قابليتها للاستمرار اقتصادياً وأنشطتها المزعزعة للاستقرار حول المنطقة؛ وهذه استراتيجية يحذّر محللون كثيرون من أنّها "تقوّض استراتيجية الأمن القومي الأميركي".
ففي مقالة نشرها "المجلس الأطلسي"، رأى المحلل ديفيد ويلش أنّ التصعيد العسكري (في إشارة إلى استهداف إيران قاعدة عين الأسد رداً على اغتيال سليماني) هو نتيجة منطقية لحملة "الضغوط القصوى" التي تحفّز طهران على الرد نتيجة لخنق الاقتصادي الإيراني المتواصل وعدم توفير مخارج ديبلوماسية قابلة للاستمرار.
واعتبر ويلش أنّ الولايات المتحدة تواصل وضع نفسها أمام معضلة الرد على إيران عبر ضبط النفس أو رفع السقف بهدف "إعادة بناء الردع"، منبهاً من أنّ حلقة التصعيد هذه تأتي بنتائج عكسية بالنسبة إلى استراتيجية الأمن القومي الدفاعية التي تتمحور حول إعطاء الأولوية لمنافسة القوى العظمى المتمثلة بالصين وروسيا. وعلى الرغم من تأكيد ويلش أنّ الولايات المتحدة ستكون أفضل حالاً إذا ما سحبت إيران قواتها من سوريا وأوقفت دعمها للمجموعات الموالية لها في العراق ولبنان واليمن، قال إنّ واشنطن لم تلحظ أي تقدّم على هذه الجبهات، لافتاً إلى أنّ أغلبية الخبراء يستبعدون أن تتراجع إيران على هذه الأصعدة على الرغم من معاناتها نتيجة العقوبات. وعليه، دعا ويلش ترامب إلى إعادة تقييم سياسة "الضغوط القصوى" إزاء إيران، إذا ما كانت الولايات المتحدة جدية بتأكيدها أنّ المنافسات الاستراتيجية طويلة المدى مع الصين وروسيا تمثّل أولويات أساسية.
المصدر: ترجمة "لبنان 24" - Al-Monitor - العربية - المجلس الأطلسي