كيف تبخّرت دولارات اللبنانيين؟

كيف تبخّرت دولارات اللبنانيين؟
كيف تبخّرت دولارات اللبنانيين؟

بأسرع من سرعة الصوت تبخّرت الدولارات من الأسواق اللبنانية، بعدما كانت متوافرة حتى الأمس القريب بكثرة بين أيدي اللبنانيين، خصوصًا أن الدولار حلّ مكان الليرة اللبنانية في التعاملات النقدية اليومية، وكان التداول فيه أكثر سهولة حتى مع الباعة الصغار، عندما كان سعر صرفه محدّدًا بـ 1500 ليرة لبنانية.

فأين هي هذه الدولارات، التي أختفت بين ليلة وضحاها، وقد أصبح من لديه القليل من العملة الخضراء يعتبر نفسه "ابو زيد خالو" أو أن بيته برأس القلعة؟

في العلم المالي لا توجد مبررات مقنعة لهذا الإختفاء المفاجىء، لأن أصحاب النظريات يتحدّثون عن تكهنات غير مستندة إلى وقائع وأرقام محدّدة، ومن بين هذه النظريات، التي تتراوح بين المعقول والمنطقي وبين ما لا يمكن الركون إليه، نورد الإحتمالات التالية:

أولًا، عند بدء الأزمة المالية بعد سلسلة من الشائعات تهافت المواطنون وفي شكل غير مسبوق على سحب كميات كبيرة من المصارف، التي إضطرّت إلى فرض نوع من "الكابيتال كونترول" غير المقونن على صغار المودعين، حتى وصلت إلى فرض سياسات تقشفية صارمة على المودعين، بحيث حدّدت سقف السحوبات بما لا يتخطّى الـ 400 دولار شهريًا، وهذا ما أنعكس سلبًا على المستوى المعيشي للمواطنين، الذين أجبروا على إلتزام نظام تقشفي صارم، بالتزامن مع إرتفاع جنوني لسعر السلع الإستهلاكية، التي بدأت تنفذ من الأسواق، خصوصًا المواد المستوردة من الخارج.

 

ثانيًا، يُحكى، والكلام للرئيس نبيه بري، الذي يستقي عادة معلوماته من مصادر ذات ثقة، أن عددًا من المصارف وكبار المتمولين إستطاعوا، في غفلة من الزمن، تهريب ما يتخطى الملياري دولار إلى الخارج عبر تحويلات سريعة. ووصفت هذه العملية بأنها بمثابة شفاطة للدولارات من السوق.

 

ثالثًا، يعمد المصرف المركزي على تكديس الدولارات بهدف الحفاظ على إحتياطاته بالعملة الصعبة، في إنتظار الإستحقاقات المالية الداهمة، ومن بينها تسديد ديون لبنان الخارجية، والتي لم يستقرّ الرأي عمّا إذا كان لبنان سيلتزم بدفعها تفاديًا لعدم تصنيفه من بين الدول المتعثرة، أم سيلجأ إلى التفاوض المباشر من أجل إعادة جدولة هذا الدين، أو الإستمهال في الدفع، ولكل من هذه الخيارات محاذير، وهذا ما جعل الحكومة متأنية في إتخاذ أي قرار نهائي ريثما تنضج الفكرة وتتبلور آفاقها.

 

رابعًا، يُحكى أيضًا أن ثمة جهات معنية عمدت إلى تجفيف الأسواق اللبنانية من الدولارات وشحنها إلى سوريا، التي تعاني من شح في الدولار، فضلًا عن التحويلات التي يقوم بها عدد كبير من السوريين، الذين لا يزالون في لبنان، وهم يستفيدون من التقديمات الدولية لهم.

 

خامسًا، يقوم عدد كبير من الصيارفة، عبر التلاعب بسعر الدولار غير الرسمي، بتكديس ملايين الدولارات من أجل فرض واقع جديد في سوق القطع، بصرف النظر عن غياب الرقابة الرسمية على عمل هؤلاء، الأمر الذي يجعلهم متحكّمين بسعر الصرف، شراء ومبيعًا.

لكل هذه الأسباب مجتمعة لم نعد نرى بين أيدي الناس دولارًا واحدًا، مع تزايد حالة القلق على مصير الأموال المودعة في المصارف، خصوصًا أن ثمة أحاديث عن خطة تقضي بتحويل الأموال المودعة بالدولار إلى الليرة اللبنانية على أساس أن سعر الصرف هو 1500 ليرة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟