أخبار عاجلة

المودِع المذعور يحوّل أمواله نحو العقارات... ولكن حذاري!

المودِع المذعور يحوّل أمواله نحو العقارات... ولكن حذاري!
المودِع المذعور يحوّل أمواله نحو العقارات... ولكن حذاري!
لم يتراجع منسوب هلع اللبنانيين حيال مصير ودائعهم مع تأليف حكومة جديدة، خصوصًا أنّ الحكومة لم تقم بأيّ خطوة عملانية تعيد للمودع بعضًا من الثقة المفقودة بالسلطة وبالقطاع المصرفي على حدّ سواء. والأخير يمضي بقيوده الصارمة ضاربًا عرض الحائط بالقوانين اللبنانية التي لا تجيز "الكابيتال كونترول". لذلك يعمد المودعون إلى تحرير أموالهم من سجون المصارف، بعضهم يلجأ إلى شراء الذهب والسيارات الفخمة وحتى اللوحات الثمينة، والبعض الآخر يذهب إلى  مقايضة أمواله بشقق وعقارات، بحيث تلعب المصارف دورًا وسيطًا بين المودع المذعور والمطوّر المديون، لتشجّع الأول على استبدال وديعته بشيك مصرفي يدفعه للمطوّر المديون بما ينعكس إيجابًا على ملاءة المصارف، وبعض هذه العمليات يحصل داخل المصارف مباشرة.

نقيب الوسطاء الإستشاريين العقاريين في لبنان رئيس الإتحاد العقاري الدولي وليد موسى أكّد في حديث لـ "لبنان 24" ارتفاع الطلب على شراء العقارات في الآونة الأخيرة، "بفعل الأزمة المالية وما تبعها من إجراءات مصرفية، دفعت المودعين إلى اللجوء لشراء عقارات خوفًا من عمليات اقتطاع أو "هيركات" قد تطال أموالهم المحجوزة في المصارف بطرق مختلفة".

ماذا عن الأسعار؟

في بداية الأزمة، يوضح موسى، "كانت أسعار العقارات منخفضة جدًّا بفعل الركود في القطاع العقاري طيلة السنوات الماضية، بحيث وصلت التخفيضات الى 40 %، ولكن مع ارتفاع الطلب عادت الاسعار لترتفع من جديد، وكل مطوّر يسعّر على مزاجه ووفق حاجته للبيع. وبعض المطورين عمد إلى رفع أسعاره بنسبة 25%، وهذا إجراء غير سليم ولا ننصح به ولا يمكن أن يستمر أيضًا".

شروط اللعبة تغيّرت وفق مقاربة موسى، بمعنى أنّ  من كان يعرض الشقق المكدّسة للبيع ومستعد للتفاوض على السعر تراجع عن البيع، خوفًا من عدم قدرته على تحصيل الشيكات المصرفية لقاء عملية البيع "ومن يبيع هم فئة المطوّرين العقاريين المديونين للمصارف، أو أيّ شخص مرتبط بقرض مصرفي وملزم بتسديده، بحيث  تساهم هذه العملية  في تخفيف عبء الديون التي عادة ما تكون مقابل رهونات. هناك فئة أخرى من المطوّرين ستقبل بالبيع في المرحلة المقبلة، لتغطية المصاريف الحياتية والأعباء المالية التي ارتفعت مقابل تراجع في المدخول وفي القدرة الشرائية ".

على رغم زيادة الطلب على العقارات لا يمكن الحديث عن فورة عقارية، "فليس كلّ المطورين العقاريين يقبلون ببيع عقاراتهم لقاء شيكات مصرفية، من هنا تراجع العرض، فضلًا عن لجوء بعض المالكين إلى إستغلال حاجة المودع لتهريب أمواله من المصارف، بحيث رفع هؤلاء أسعارهم". ومن موقعه ينصح موسى الشاري بوجوب التنبه وعدم الخضوع لهذه الزيادة غير المبررة في الأسعار "خصوصًا أنّ الشاري من خلال استبدال أمواله بعقار يهرب من "الهيركات" في المصارف أو من سيناريوهات سلبية، وبالتالي لا يجب أن يخسر أيضًا باللجوء إلى العقار، وعندها ما الفائدة من العملية".

نقابة الوسطاء العقاريين وجرّاء الجمود الذي أصاب القطاع وبلغ ذروته بعد إيقاف القروض المدعومة، كانت قد بادرت ونظّمت حوارًا عقاريًا بين القطاعين العام والخاص في أيار الماضي، بمشاركة وزارية ونيابية وكل الجهات المعنية بالقطاع، خلُص إلى توصيات لتنشيط القطاع، وإلى إنشاء لجنة متابعة للشؤون العقارية، التي عقدت اجتماعين في أيلول وتشرين الماضيين. موسى طالب الحكومة الجديدة بإيلاء القطاع العقاري أولوية، وإعادة تنشيط الاجتماعات من خلال لجنة المتابعة لحمايته في المستقبل القريب والبعيد، لا سيّما وأنّ الأزمة ما زالت قائمة، وما نشهده من طلب هو مرحلي.

وعن إمكان أن يشكّل القرض الكويتي المقدّر بـ 165 مليون دولار من الصندوق العربي للإنماء، حلّا لأزمة القروض السكنية، استبعد موسى ذلك لافتًا إلى أنّ القرض الكويتي لا يشكّل سوى 8 % فقط من حجم الدعم الذي كان يوفّره مصرف لبنان بقيمة 2 مليار و200 مليون دولار عام 2017، كما أنّ الحاجة تضاعفت نتيجة تكدّس الطلبات جرّاء إيقاف القروض المدعومة.

بالخلاصة وفي ظلّ تفاقم الأزمة المالية لا يمكن اعتبار الشاري والمطوّر سوى ضحايا لأسوأ أزمة عرفها تاريخ بلدهما. فالأول يشتري مكرهًا خائفًا لا راغبًا، والثاني يبيع مديونًا ملزمًا ويقبض أموالًا على الورق غير قابلة للتسييل حتّى إشعار آخر. 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى