ثار جدل بين بعض الخبراء مؤخرا حول طرق تشخيص مرضى كوفيد-19، فعلى حين يرى البعض أن اختبار RT-PCR هو الخيار المثالي، يؤكد البعض الآخر أن الأشعة المقطعية على الرئتين يمكن أن تكون أكثر دقة في تشخيص الإصابة بعدوى فيروس كورونا. بحسب موقع Medical News Today، مع استمرار جائحة كوفيد-19 في حصد ضحاياها حول العالم، تزداد الحاجة إلى التشخيص المبكر للمصابين بالعدوى. وبمجرد حصول تشخيص أي مصاب بكوفيد-19 يعد العزل والحجر الصحي وسيلة أساسية لإبطاء انتشار العدوى بالفيروس وحماية أرواح وصحة الآخرين. ومن هنا تظهر أهمية معرفة أفضل طرق لتشخيص العدوى بفيروس كورونا.
وفيما يلي نتعرف على ما نشره موقع Medical News Today من آراء لطبيبين متخصصين عرضا وجهات نظرهما المتعارضة حول استخدام الأشعة المقطعية للرئتين في تشخيص مرضى كورونا، حيث يؤيد البروفيسور جوزيف فريمان، طبيب طوارئ يعمل في منطقة نيو أورليانز بلوس أنجلوس، ومدير طبي سابق لفريق المهام والإنقاذ الحضري الأول في حالات الكوارث في لوسيانا، استخدام الأشعة المقطعية للرئتين لتشخيص ما إذا كان المريض مصابا بعدوى كوفيد-19، وعلى الجانب الآخر يعارض البروفيسور مارك هامر، أستاذ بقسم الأشعة في بريغهام ومستشفى النساء بكلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن بماساتشوستس.
الاختبار بطيء وغير موثوق
يقول البروفيسور فريمان إن الكلية الأميركية للأشعة ACR والمركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC أوصيا بعدم الاستخدام للأشعة المقطعية لتشخيص كوفيد-19 بشكل روتيني، على الرغم من أن الهيئات الصحية في الصين، التي تسيطر على انتشار فيروس كورونا بسرعة وفعالية، تتفق مع توجهات المنظمات الطبية المهنية عالميًا على أن الأشعة المقطعية على الرئتين تلعب "دورًا حيويًا في الكشف المبكر والملاحظة وتقييم المرض". ولكن يوصي ACR بعدم استخدام الأشعة المقطعية بناءً على أنها تعطي معدلات إيجابية كاذبة أو احتمال نقل العدوى عن طريق جهاز الأشعة المقطعية نفسه، على الرغم من تأكيدات الخبراء الصينيين بأن استخدام التصوير بالأشعة المقطعية يضمن تحقيق تشخيص سريع يساعد على سرعة اتخاذ القرار بالحجر الصحي والالتزام باتباع تدابير الصحة العامة الخاصة بمصابي كورونا.
ويوضح البروفيسور فريمان أنه أصبح من الواضح أن اختبار RT-PCR بطيء وغير موثوق به. وتشير تقديرات الخبراء الصينيين إلى أن نسبة حساسية اختبار المسحة بحوالي 30% أي أنها منخفضة، فيما تتراوح التقديرات الأكثر تفاؤلاً من ACR ما بين 42-71% لاختبار RT-PCR. وبعبارة أخرى، فإن اختبار المسحة لا يكتشف ما يقرب من ثلث الحالات الإيجابية في أفضل الأحوال.
وفقًا لمقالة بحثية نُشرت في دورية Radiology، فإن الأشعة المقطعية تعد أكثر حساسية بكثير، وعادة ما تكتشف الحالات التي لا يمكن اكتشافها بواسطة اختبار RT-PCR، لأن حساسية الأشعة المقطعية العالية (يتم تقديرها بشكل روتيني بأكثر من 90%) كما تظهر نتائجها في نفس اللحظة.
إن الهدف الاستراتيجي لمنظمة الصحة العالمية WHO هو وقف انتشار مرض كوفيد-19 بين البشر مما يعطي الأولوية لكشف وعزل الحاملين المحتملين للفيروس في المقام الأول للحفاظ على مصلحة الجميع.
تحقيق الفائدة لجميع الأطراف
ويضيف البروفيسور فريمان أن الخبراء في الدول، التي سبق أن عانت بشدة من وباء السارس، تعلموا أن الاختبار السريع والحساس أمر بالغ الأهمية أثناء تفشي المرض ليس لأنه يفيد الأفراد المصابين فحسب ولكن لأنه يفيد الجميع.
ويشرح البروفيسور أن تركيز الخبراء الأميركيين على إدارة الحالات الفردية هو أمر حسن النية وجدير بالثناء أخلاقيا، لكن المنطق نفسه يصبح سريعًا خطرًا خلال تفشي وباء، إذ يتطلب الأمر التحول إلى استراتيجيات تتوافق مع الأوبئة، حيث إن دولا مثل الصين رأت أن الإفراط في تشخيص كوفيد-19 كان أفضل بكثير من عدم التشخيص.
فائدة إضافية
في المقابل يقول البروفيسور هامإن جائحة كورونا تعد بمثابة اختبار حقيقي للنظم الصحية المتبعة أكثر من أي مرض في العصر الحديث. ويضيف أنه من المستحسن أن يتم التشخيص السريع لكوفيد-19، لأنه يسمح بالاستخدام الأمثل للمعدات الواقية وغرف العزل في المستشفى والحجر الصحي الدقيق للمرضى الخارجيين. ويوضح البروفيسور هامر أنه إذا توفرت العلاجات المُثبتة، وعندما يكون العلاج متاحًا، فسيكون للتشخيص الأسرع فائدة إضافية من العلاج الأسرع.
آراء متضاربة
ويرى البروفيسور هامر أن العديد من الدراسات البحثية من الصين كانت آراؤها متضاربة بشأن الأشعة المقطعية على الرئتين، وتوصلت بعضها إلى نتائج مضللة لعدة أسباب:
أولاً، معايير الاختيار للمرضى في هذه الدراسات غير واضحة، ولكن يبدو أن هناك تحيزًا تجاه الأشخاص الذين يعانون من حالات أكثر حدة من المرض، أو أولئك الموجودين في المستشفى، أو كليهما. ومن المرجح أن الأرقام لا تشمل الأشخاص الذين يعانون من أعراض أكثر اعتدالًا (أو لا) والذين ربما تكون ظهرت نتائج عادية عند فحصهم بالأشعة المقطعية.
ثانيًا، لا يقدم الباحثون في هذه الدراسات معايير لتحديد متى يُعتبر الفحص بالأشعة المقطعية "إيجابيًا". وبدلاً من ذلك، يبدو أن هذه المعايير ربما تتضمن أي خلل يظهر في صور الأشعة المقطعية على الإطلاق. في حين أنه في الممارسة الواقعية للتشخيص، لا يمكن الادعاء بأن الشخص مصاب بمرض كوفيد-19 بناءً على وجود شذوذ طفيف في الأشعة المقطعية بما يعني تجاهل التهاب الرئة غير الحاد الشائع، والذي يرصده أخصائيو الأشعة بشكل متكرر بالإضافة إلى الأمراض الأخرى التي ربما يعاني منها المرضى بخلاف كوفيد-19.
ثالثًا، تتعارض نتائج المقالات وبعض الدراسات مع منشورات أخرى، منها على سبيل المثال ورقة بحثية أعدها باحثون في المستشفى المركزي للقوات اليابانية في طوكيو ونشرت في مجلة Radiology: Cardiothoracic Imaging، حيث تم فحص 104 مصابين بكوفيد-19 من ركاب السفينة Diamond Princess Cruise. واكتشف الباحثون أن ما يقرب من نصف الأشخاص، الذين لا يعانون من الأعراض، وخمس المرضى، الذين يعانون من الأعراض، لم تظهر الأشعة المقطعية للرئتين أنهم مصابون بالعدوى.
معدل سلبي كاذب
وتشير هذه النتائج المبكرة إلى أن الأشعة المقطعية تنتج معدلا سلبيا كاذبا مرتفعا بشكل غير مقبول وبالتالي من المرجح أنها ربما تفشل في تشخيص نسبة كبيرة من المصابين بكوفيد-19 بالفعل (حتى 50%).
أخبار متعلقة :