لا يزال الغموض يلف الفيروس المستجد الذي يحمل في طياته ألغازاً تحير العلماء. وفي وقت يتسابق العالم من أجل التوصل للقاح فعال، بشرت دراسة جديدة بأخبار تبعث الأمل.
فالجدير بالذكر أن لقاح الإنفلونزا يتغير من عام لآخر لأن تكوين أجسامنا على مدار سنوات طويلة لمناعة ضد الفيروس يدفعه إلى التغير من عام لآخر، حتى يتمكن من الارتباط بمستقبلات الخلايا البشرية.
ورغم أن ذلك لم يحدث بعد بالنسبة لكورونا، المسبب لمرض كوفيد-19، حيث لا يوجد أي ضغط تطوري للتغيير، لأنه ينتشر بين السكان، فإن أكثر من دراسة زعمت خلال الأشهر الماضية أن هناك تحورات جينية ظهرت بالفيروس أدت لظهور سلالات جديدة بعضها أكثر عدوانية، وهو ما نفته دراسة أميركية لجامعة جونز هوبكنز، تم الإعلان عن تفاصيلها في الموقع الإلكتروني للجامعة الأربعاء.
وبحسب ما ذهب إليه الباحثون في الدراسة، فإن الفيروسات في سعيها للبقاء تتطور بمرور الوقت وتخضع لتغييرات وراثية أو طفرات تنتج عند البعض العديد من الاختلافات، وعند البعض الآخر القليل فقط، ولحسن الحظ، لم يطور كورونا حتى الآن اختلافات كبيرة، كما زعمت الدراسات السابقة.
إلى ذلك ذهبت دراسة صينية نشرت في مارس/آذار الماضي بدورية "المجلة الوطنية للعلوم" التي تصدرها الأكاديمية الصينية للعلوم، أن فيروس كورونا تحور لمرة واحدة على الأقل إلى نوعين مختلفين، أحدهما أكثر عدوانية ويمثل نحو 70% من السلالات التي حللها العلماء، في حين كان الآخر أقل عدوانية ويرتبط بـ30% من السلالات.
وفحص العلماء خلال الدراسة الجديدة عينات الفيروس من منطقتي بالتيمور وواشنطن ووجدوها مماثلة لتلك الواردة من أجزاء أخرى من العالم، ما جعلهم يخلصون إلى أن "التغيرات الجينية المتراكمة مع انتشار الفيروس لا تؤدي إلى سلالات مختلفة منه"، وهو ما يتفق بشكل عام مع سلوك الفيروسات التاجية التي ينتمي لها كورونا.
"يتغير ببطء"
كما تأخذ استراتيجية اللقاح الناجحة في الاعتبار الطفرات من أجل توفير حماية واسعة من الفيروس. ويقول عالم الأحياء الجزيئية في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز، والباحث الرئيسي بالدراسة، بيتر تيلين، في تقرير نشره موقع الجامعة، إن "لدى الإنفلونزا كثيرا من الطرق الفريدة للتغير على مدى فترة زمنية قصيرة، وهي تفعل ذلك على المستوى المحلي والعالمي في كل موسم إنفلونزا، بينما فيروس كورونا على عكس ذلك حتى الآن، فهو يتغير ببطء، لأن الفيروس ينتشر بين السكان ولا توجد مناعة ضده تمثل ضغطاً تطورياً يدفعه للتغيير".
وتمثل هذه النتيجة التي توصلت لها الدراسة أخباراً جيدة للعلماء الذين يحاولون إنشاء لقاح فعال ضد الفيروس الجديد، لاسيما أن كثيراً من مشروعات اللقاحات تعمل على مناطق صغيرة جداً من بروتين السنبلة الخاص بالفيروس، والذي يسمح له بالارتباط بالخلايا البشرية. ويقول تيلين: "حتى الآن، لم نلاحظ أي تغييرات على هذه الأجزاء من الفيروس في أكثر من 20 ألف عينة تم تسلسلها عالمياً خلال الدراسة".
التحورات واللقاحات
إلى ذلك يتبنى الرأي الرسمي لمنظمة الصحة العالمية الرأي الذي ذهبت إليه الدراسة. وقالت مديرة برنامج التأهب للطوارئ واللوائح الصحية الدولية بإقليم شرق المتوسط بالمنظمة، داليا سمهوري، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن مراجعات التسلسلات الجينية للفيروس لم تثبت أي تحورات تؤثر على خطط إنتاج اللقاحات الجارية الحالية.
ويبقى خيار حدوث تغير جيني يؤدي لظهور سلالات جديدة احتمالاً عندما تتشكل لدى المجتمع مناعة ضد الفيروس نتيجة الإصابة به أو بسبب تحصين الناس ضده عن طريق اللقاحات. إلا أن ظهور هذه السلالات لن يكون بقوة الإنفلونزا نفسها، كما يقول أستاذ الأمراض المشتركة بكلية الطب البيطري جامعة الزقازيق بمصر، الدكتور محمد سمير، في تصريحات لـ"الشرق الأوسط". ويوضح: "الإنفلونزا لها عوائل كثيرة يمكن أن يحدث داخلها التحور ليظهر لنا نوع جديد يهدد الإنسان، بينما فيروس كورونا عوائله محدودة، وحتى الآن يوجد انقسام بين من يرى أنه الخفاش أو آكل النمل الحرشفي".
أخبار متعلقة :