مع ظهور متغيرات جديدة بخصوص جائحة كورونا التي تؤرق العالم أجمع، يتساءل البعض عما إذا كان ينبغي عليهم الانتظار حتى يتوفر لقاح أكثر فعالية أو إذا كان عليهم المضي قدمًا والحصول على اللقاح الآن.
وتحاول "العربية.نت" توصيل الإجابة عن هذه الأسئلة الملحة للقراء على لسان كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية الدكتورة سوميا سواميناثان، التي أكدت أن الأمر الجيد هو أن هناك الكثير من اللقاحات قيد التطوير حاليا. ولكن في الوقت الحالي، يوجد عدد قليل من اللقاحات التي اكتملت تجاربها السريرية وحصلت على الموافقة التنظيمية للاستخدام في بلدان العالم.
وأظهر إحصاء لـ"رويترز" أن ما يزيد على 116.29 مليون شخص أُصيبوا بفيروس كورونا المستجد على مستوى العالم، في حين وصل إجمالي عدد الوفيات الناتجة عن الفيروس إلى مليونين و709,095. وتم تسجيل إصابات بالفيروس في أكثر من 210 دول ومناطق منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة في الصين في ديسمبر 2019.
تقليل الوفيات والحد من الحالات الشديدةوأضافت سواميناثان أن النقطة المضيئة في هذا السياق هو أن كل اللقاحات، التي تمت الموافقة عليها، توفر الكثير من الحماية ضد التعرض لحالة مرضية شديدة بسبب فيروس كورونا أو الوفاة بسبب مضاعفاته، مؤكدة أن هذا هو ما تهدف إليه منظمة الصحة العالمية وهيئات الصحة المحلية حول العالم سواء على صعيد الحد من الحالات المرضية الشديدة التي تستلزم الدخول للمستشفيات أو على مستوى تقليل عدد الوفيات.
تصريحات سواميناثان جاءت خلال لقاء أجرته معها غابي ستيرن، في الحلقة رقم 27 من المجلة المتلفزة "العلوم في خمس"، التي تبثها منظمة الصحة العالمية على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، بغرض التوعية والتثقيف بشأن كل ما يتعلق بفيروس كورونا المُستجد، وسلالاته المتحورة واللقاحات التي تم منح الموافقات اللازمة لاستخدامها حول العالم.
واستطردت سواميناثان قائلة إن الهدف الأساسي هو حماية الأشخاص من الإصابة بالمرض والذهاب إلى المستشفى، علاوة على أن العلماء مازالوا يتابعون عن كثب مدى فعالية هذه اللقاحات في الحماية من الحالات المرضية الخفيفة أو العدوى بدون أعراض.
تعبيرية
وشرحت سواميناثان أنه مع ظهور بعض الطفرات المتحورة في عدد من البلدان المختلفة، بدأ البعض في طرح أسئلة حول ما إذا كانت اللقاحات ستكون أقل فعالية في الوقاية من بعض هذه المتغيرات المتحورة، ولكن من الثابت حتى الآن أنه حتى في تلك البلدان، التي شهدت حالات عدوى بطفرات متحورة مثل بريطانيا وجنوب إفريقيا، فإنه مازال من المرجح للغاية أن تحمي جميع اللقاحات، التي تمت الموافقة عليها، من حالات المرض الشديدة والاستشفاء والوفاة.
وقالت سواميناثان: "إذن، ما هو مهم حقًا الآن هو بالنسبة للأشخاص في البلدان التي تم تحديد أولوياتها، والذين هم في تلك المجموعات المعرضة للخطر، هو أنه يجب أن يحصل العاملون في القطاعات الصحية والطبية والعاملون في الخطوط الأمامية وكبار السن وغيرهم ممن تم تحديد أنهم الأكثر أولوية في الحصول على اللقاح، لأن ما تسعى له الصحة العالمية والمؤسسات المحلية في كل بلد هو حماية الأشخاص من الإصابة بالمرض أو التعرض للوفاة بسبب كوفيد-19".
تعبيرية
وإجابة على سؤال طرحته غابي ستيرن حول اللقاحات المستقبلية، قالت سواميناثان: إن "من المدهش حقًا هو مقدار الابتكار العلمي والتكنولوجي الذي حدث في فترة زمنية قصيرة. فبينما يوجد حاليًا عدد قليل من اللقاحات، التي تمت الموافقة عليها للاستخدام، فإن ما يتم التطلع إليه في هذا الوقت هو الجيل التالي من اللقاحات التي ستكون جرعة واحدة، والتي يمكن تخزينها في درجة حرارة الغرفة، والذي سيكون آمنا للاستخدام في النساء الحوامل، بل ومن المحتمل أنها سيمكن الحصول عليها إما عن طريق رذاذ الأنف أو حتى عن طريق الفم وستوفر مناعة طويلة الأمد.
وأضافت سواميناثان أن كل هذه اللقاحات قيد التطوير، ومع ظهور طفرة متحورة من فيروس كوفيد-19، فإن مطوري ومصنعي اللقاحات يعملون على أن يستخدم الجيل التالي من اللقاحات نفس المنصة، ولكن مع دمج المستضد الجديد، أي البروتين الجديد للطفرة المتحورة، لدمجها في اللقاحات كي تساعد الأشخاص على تطوير الأجسام المضادة لهذا الشكل الجديد من البروتين الشائك.
وأوضحت أن منظمة الصحة العالمية تعمل بالتعاون مع المنظمين في جميع أنحاء العالم، أولاً وقبل كل شيء، على محاولة تحديد متى ستكون هناك حاجة لتغيير اللقاح، وثانيًا، تحديد ما هي البيانات السريرية والمناعية التي سيحتاج المطورون إلى توفيرها حتى يتم اعتماد اللقاحات المستقبلية على نطاق واسع.
تعبيرية
وسألت غابي ستيرن عن نتائج عدد من الدراسات حول الأمصال واللقاحات في عدد من المدن والتي كشفت أن حوالي نصف السكان لديهم أجسام مضادة، فهل هذا يعني أن سكان هذه المدن يتمتعون بمناعة القطيع، بالتالي يمكنهم التخفيف من الإجراءات الاحترازية؟
فأجابت دكتور سواميناثان قائلة: لهذا السبب تقوم منظمة الصحة العالمية بمتابعة نتائج هذه الدراسات الوبائية المصليّة أولًا بأول، وفي آخر إحصاء كان هناك ما يقرب من 500 دراسة من هذا النوع، وبالتالي إذا تم جمعها معًا، فسيعني ذلك أن أقل من 10% من سكان العالم لديهم بالفعل أجسام مضادة لفيروس كورونا المُستجد.
وشرحت أنه بالطبع، في بعض الأماكن، كما هو الحال في التجمعات الحضرية عالية الكثافة، توجد جيوب حيث تعرض 50 إلى 60% من السكان للفيروس ولديهم أجسام مضادة. لكن هذا لا يعني أن المدينة بأكملها أو المقاطعة بأكملها أو الولاية أو الدولة وصلت إلى مرحلة حصانة القطيع.
وأشارت كبيرة علماء منظمة الصحة العالمية إلى أن نفس الأفراد، الذين يعيشون في هذا المجتمع، في اللحظة التي يخرجون فيها إلى مكان تقل فيه مناعة القطيع وإذا لم يكن لديهم أجسام مضادة لنفس الطفرة أو المتغير المنتشر، فإنهم سيصبحون عرضة للإصابة بالعدوى.
وأكدت سواميناثان أن الطريقة الوحيدة لتحقيق مناعة القطيع على نطاق واسع هي من خلال حملات التطعيم، مشيرة إلى أنه لهذا السبب تركز منظمة الصحة العالمية جهودها حاليًا على إيصال اللقاحات إلى جميع البلدان، لتطعيم السكان في أسرع وقت ممكن.
ونصحت دكتور سواميناثان بضرورة استمرار الالتزام بكافة الإجراءات الاحترازية والحصول على اللقاح المتاح في الوقت الحالي.