وباتت صالات القمار "خارج اللعبة" في معظم الأقاليم الروسية منذ عام 2009، مع دخول القانون الفيدرالي رقم 244 الخاص بتنظيم ألعاب القمار، حيز التنفيذ، والذي حدد بضع مناطق سياحية ونائية مصرح بفتح صالات القمار فيها، بهدف تنميتها وجعل القمار بعيدًا عن متناول عامة الروس إثر تفاقم ظاهرة الإدمان.
نص القانون الجديد أولا على تحديد أربعة أقاليم نائية وحدودية لإقامة مناطق لألعاب القمار فيها، وهي إقليم آلتاي في جنوب سيبيريا، وإقليم بريموريه في الشرق الأقصى، ومقاطعة كالينينغراد المطلة على بحر البلطيق والمعزولة عن باقي أنحاء روسيا، بالإضافة إلى منطقة "آزوف - سيتي" بين إقليم كراسنودار ومقاطعة روستوف في جنوب غرب روسيا، التي يتم استبدالها حاليا بأخرى في منتجع سوتشي.
وعلاوة على ذلك، تقررت إقامة منطقة لألعاب القمار في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014، وسط سعي السلطات الروسية لجذب مزيد من السياح إلى شواطئ البحر الأسود. لكن لا يمر أسبوع من دون إغلاق صالة قمار غير مرخصة في مختلف الأقاليم. ومن آخر الفضائح الكبرى من هذا القبيل، إغلاق سلسلة كبرى ضمت 15 صالة قمار في موسكو في أيلول الماضي، كانت تعمل وراء لافتات شركات المراهنات.
تقييم قرار الإغلاق
جاء قرار إغلاق جميع صالات القمار في كافة أنحاء روسيا وفرض حد أدنى مرتفع لقيمة الأصول للعمل بالمناطق الجديدة اعتبارا من منتصف عام 2009، بعد تفاقم مشكلة الإدمان وسط انتشار ماكينات القمار بشكل عشوائي وبأعداد كبيرة في جميع المدن الروسية. وبحسب أرقام صحيفة "إر بي كا" الروسية، فإن عدد صالات القمار في موسكو وحدها قبيل دخول القانون حيز التنفيذ، كان يبلغ 546 صالة، منها 516 لماكينات القمار و30 تقليدية، وعمل بها جميعا نحو 40 ألف شخص.
وبعد مرور عشر سنوات على تطبيق القانون، يعتبر سلوبودكين نتائجه سلبية بامتياز، قائلا في حديثه لـ"العربي الجديد": "أصدرت الدولة 6500 ترخيص لألعاب القمار أولا، ولكنها، لم ترغب في تنظيم نشاطها، فبدأت حملة عليها وقررت إغلاقها ونقلها إلى مناطق نائية. أما وسائل الإعلام، فبدأت بالترويج لفكرة انتشار إدمان القمار في بلادنا رغم عدم صدور أي دراسة تؤكد ذلك، فجاء هذا القرار الشعبوي".
وعلى الرغم من غياب إحصاءات رسمية، إلا أن تقديرات الاتحاد الأميركي لقضايا "بزنس القمار" عن منتصف العقد الأول من القرن الـ21، تشير إلى أن 14 في المئة من سكان روسيا جربوا حظهم بماكينة قمار مرة واحدة على الأقل، وعانى 10 في المئة منهم من مشكلة الإدمان، وكانوا يتركون بصالات القمار نحو 40 في المئة من مالهم الخاص.
وحول نتائج إغلاق صالات القمار، يضيف: "النتيجة الرئيسية هي انتشار صالات القمار غير المرخصة التي لا تقدم أي ضمانات لحقوق المقامرين، كما أن ميزانيات الأقاليم خسرت إيرادات ضرائبية كبيرة بلغت في عام 2005، مثلا، أكثر من مليار دولار. كما تم تسريح نحو 600 ألف موظف كانوا يعملون بصالات القمار، وإلحاق ضربة كبيرة بالبزنس بشكل عام".
ولما كان القانون الروسي الجديد يحظر إقامة صالات القمار خارج المناطق المخصصة لها، يربط سلوبودكين استمرار عملها في المدن الأخرى بتستر عليها من قبل مسؤولين أمنيين، قائلا في هذا السياق: "لا يمكن فتح منشأة غير مرخصة في روسيا إلا بالتنسيق مع الجهات الأمنية، وبذلك أصبحت صالات القمار غير المرخصة مصدرا آخر للنقود السائلة يغذي منظومة الفساد".
وفي أحيان كثيرة، كان يتضح أن صالات القمار السرية وغير المرخصة كانت تعمل لفترات طويلة تحت غطاء من ضباط الشرطة الروسية. ومن بين هذه الوقائع على سبيل المثال لا الحصر، إدانة مسؤول رفيع بمديرية الشرطة المحلية في مدينة تشيليابينسك عام 2017، كان يبلغ أصحاب صالات القمار بالحملات المرتقبة مسبقا.