ووفي الواقع، يحدث هذا عادة بعد 10 سنوات على الأقل من هذا العمر في حياة الذكر الطبيعي، وذلك حين يدخل جسده مرحلة البلوغ. لكن عائلة باتريك لم تجد الأمر غريباً. إذ يعاني باتريك وبعض أقاربه من الذكور من مرض وراثي نادر يُعرف باسم "البلوغ المبكر"، تسببه طفرة جينية.
طفرة نادرة
تسمى حالة باتريك بتسمم الخصية - إنها تجعل الخصيتين "تصدقان" أنّ الوقت قد حان لإنتاج هرمون التستوستيرون، وهو الهرمون الجنسي الرئيسي للذكور، والذي يؤدي إلى تغيرات الجسم المرتبطة بالبلوغ والمراهقة. ولا يعلم الأطباء على وجه اليقين عدد الحالات التي تحدث فيها هذه الطفرة النادرة في العالم، بيد أن أحد التقديرات يشير إلى أن العدد العالمي لا يتجاوز 1000 حالة. وينتقل تسمم الخصية من جيل إلى جيل في عائلة بورلي. وقد أدى البلوغ المبكر لدى باتريك إلى أنه حين كان في سن الثالثة كان وزنه وطوله مماثل لطفل عمره 7 سنوات.
وقال الممثل والكاتب البالغ من العمر 34 عاماً ويقطن في مدينة لوس أنجلوس الولايات المتحدة لـ"بي بي سي": "ذاكرتي الأولى هي أنني كنت غربياً اجتماعياً. شعرت بالضخامة، ولم تكن مسألة شعر العانة فقط، بل كانت التغيرات الجسدية". وأضاف: "لم أتأقلم مع أبناء جيلي وهذا جعلني غريبا وسطهم".
مثير للاستغراب
عاش باتريك في نيويورك وأثار مظهره استغراباً وضجة لدى وجوده في ملاعب الأطفال والمسابح وعند حضوره ومشاركته في أنشطة الأطفال المختلفة. وأدى ذلك في نهاية المطاف إلى العديد من الذكريات السيئة. ويتذكر باتريك: "عندما كنت في الرابعة من عمري، نقلتني أمي إلى غرفة تغيير الملابس للسيدات أثناء درس للسباحة وهناك بدأت امرأة بالصراخ، لأني كنت أبدو أكبر بكثير من 4 سنوات".
وعندما كانت تحدث أشياء مماثلة كانت والدته تحاول تفسير حالته لكنها غالبا ما كانت تواجه بالشكوك. يقول باتريك "كان الأمر صعبا بالنسبة لي ولها. لقد كان مرهقًا من الناحية النفسية".
وعندما بلغ باتريك الثالثة من عمره ، كانت مستويات هرمون تستوستيرون في جسده مماثلة لمستوى من عمره 14 عاما، وسرعان ما بدا وكأنه مراهق ولكنه يتصرف وكأنه طفل. يقول: "لقد كان الناس يروني وكأنني نوع من الحيوانات النادرة".
"فأر تجارب"
تطوعت والدة باتريك لتطبيق دراسات عليه بشأن الطفرة الوراثية التي يعاني منها. واعتاد أن يقضي أسبوعين في المستشفى كل ستة أشهر في مقابل علاج مجاني لمنع تأثير هرمون التستوستيرون على جسده.
يقول باتريك: "كنت محاطًا بأطباء. لقد أجروا جميع أنواع الفحوصات، بما في ذلك قياس خصيتي، والتي كانت أحد المتغيرات الرئيسية لتحديد عمري البدني". ويضيف: "لكني اعتدت على ذلك عندما كان عمري ستة أو سبعة أعوام. أصبح من الطبيعي ملاحظة ذلك، لأنني كنت مختلفا بشكل واضح".
"الولد الشقي"
"لفترة طويلة كان عليّ أن أحصل على حقنة في ساقي كل ليلة. وإذا كنت نائماً في منزل أحد الأصدقاء، فإنّ والدتي كانت تمر بمنزل صديقي لإعطائي الحقنة ثم تذهب".
وتسببت تلك الحالة لباتريك بالكثير من المشاكل في المدرسة، إذ غالبا ما كان يشعر بأنه "كبير ولديه شعر في جسده ويبحث عن المشاكل" - وكان ذلك بشكل أو بآخر طريقته للرد على البلطجة.
ويتذكر قائلاً "لقد أطلقوا علي تسمية "الولد الشرير" في المدرسة. كان الأمر محبطًا لأنني لم أكن أريد أن أكون ذلك الطفل.
بدأ باتريك في تدخين السجائر في سن الـ 9 وبعد ذلك جرب تدخين "الماريجوانا". وتدهورت الأمور حين قرر الأطباء وقف العلاج الهرموني لباتريك حين بلغ سن 11.
يقول: "جميع الهرمونات التي يسيطر عليها الدواء باتت فجأة دون سيطرة وتزايد سلوكي العدائي".
المخدرات
وقال "بدأت في مواعدة فتاة تبلغ من العمر 17 عاماً، أخبرتها أن عمري 16 عاما بينما لم أكن قد تجاوزت الثانية عشرة من العمر". ومع تلك الفتاة جرب لأول مرة عقار "إل إس دي" LSD المخدر. يتذكر باتريك التجربة ويقول: "تناولت حبتين وفي صباح اليوم التالي قلت لوالدي إني لا أريد الذهاب للمدرسة، لقد كنت أتعثر أثناء المشي".
لكن والداه أرسلاه للمدرسة رغم ذلك. وأوضح باتريك "أخبرت بعض أصدقائي عن عقار إل إس دي خلال وقت الغداء، وقد بالغت قليلا في وصف التجربة واعتقد أحدهم أن فكرة وضع بعض حبوب العقار في مشروب شخص ربما تكون فكرة جيدة".
لكن الفتاة التي وضع العقار المخدر في شرابها شعرت بإعياء شديد ما دفع به للاعتراف. ويقول: "ألقي القبض علي وغادرت المدرسة مكبلا بالأصفاد. كانت هذه نقطة تحول في حياتي".
مشاكل الأب
ويعاني والد باتريك، من المرض نفسه، إلا أنه لا يتحدث عن ذلك كثيرا، و"طفولته كانت مؤلمة للغاية".
يقول باتريك: "عندما كان عمري خمس سنوات، كان لدي الدافع الجنسي لشخص يكبرني بعشر سنوات. كان يمكن أن يخبرني كيف أتعامل مع ذلك. لكنه ببساطة لم يستطع".
فقط عندما وصل باتريك إلى سن الخامسة عشرة شعر أنه مثل الأطفال الآخرين. شعر أنه يمكن أن يكون في النهاية أشبه بأقرانه.
"تخليت عن الأصدقاء الذين يتعاطون المخدرات، وبدأت الدراسة ولعب الرياضة ، كما قررت أيضا الذهاب إلى الجامعة".
في حياته البالغة بدأ باتريك أخيرا بالحديث عن حالته ومشاركة وضعه مع زوجته وأصدقائه.
وللمفاجأة، قوبل بالكثير من التعاطف والاهتمام.
ويخلص باتريك إلى القول: "كان سرد قصتي بطريقة ما علاجي".
لقد تمكن باتريك من التصالح مع نفسه.
في عام 2015، أنجبت زوجته ميريديث ولدا سمياه "نيد" وكشفت الاختبارات أنه لم يكن يعاني من ذلك المرض.