في الأثناء، دوّن التاريخ أسماء العديد من الأبطال الذين ضحوا بحياتهم لإنقاذ 700 من ركاب تيتانيك المقدر عددهم بنحو 2200 راكب. وإضافة لفريق المهندسين الذي رفض مغادرة موقعه مفضّلا مواصلة العمل لآخر لحظة وتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل السفينة، سجّل التاريخ اسم جاك فيليبس (Jack Phillips) حيث عمل الأخير على جهاز التلغراف اللاسلكي إلى آخر لحظة رفقة مساعده هارولد برايد وأرسل نداءات الاستغاثة قبل أن يختفي نهائيا مع غرق تيتانيك.
وفي التفاصيل أنّه في ليلة 14 نيسان 1912، تواجد جاك فيليبس بغرفة التلغراف التي كانت تعرف حينها بغرفة ماركوني. ومع بلوغ إشارات التلغراف اللاسلكي لمركز الإرسال بكاب رايس (Cape Race) بإقليم نيوفندلاند ولابرادور الكندي، عانى جاك فيليبس من اكتظاظ في عدد الرسائل حيث أجبر الأخير على إرسال العديد من البرقيات الشخصية المتراكمة لراكبي السفينة اعتمادا على التلغراف اللاسلكي.
بالتزامن مع انشغاله بإرسال الرسائل الخاصة نحو كاب رايس، تلقى جاك فيليبس تحذيرات عديدة حول صعوبة الإبحار بالمنطقة حيث أرسلت سفينة ميزابا رسالة تحذيرية لتيتانيك حول وجود كميات كبيرة من الكتل الجلدية وحذّرت من خطورة الإبحار ليلا. ومع تلقيه لهذا التنبيه، شكر جاك فيليبس العاملين بسفينة ميزابا وواصل إرسال ما تبقى من الرسائل الشخصية نحو كاب رايس.
في حدود الساعة العاشرة وخمسة وخمسين دقيقة ليلا، تلقى جاك فيليبس رسالة ثانية من سفينة أس أس كاليفورنيا حذّرته من خطورة الإبحار ليلا وأمام هذا الوضع فضّل قائد التلغراف اللاسلكي بتيتانيك تجاهل الأمر مطالبا زميله بسفينة أس أس كاليفورنيا بالتزام الصمت.
وبعد أقل من ساعة، حلّ الكابتن إدوارد سميث مسرعا نحو غرفة التلغراف ليطلب من فيليبس ورفيقه وهارولد برايد إرسال نداء استغاثة للسفن القريبة معلنا عن ارتطام التيتانيك بجبل جليدي. وفي حدود منتصف الليل، عاد الكابتن مجددا نحو هذه الغرفة ليطلب من مسؤولي التلغراف إرسال نداء مساعدة بعد منحهما تقريرا دقيقا حول موقع السفينة.
وعلى مدار ساعتين متواصلتين، رفض كل من فيليبس وبرايد مغادرة غرفة ماركوني وواصلا إرسال نداءات الاستغاثة كما اضطرا للاشتباك مع راكب حاول سرقة سترات نجاتهما. ومع حلول الساعة الثانية ليلا، أقبل الكابتن إدوارد سميث مجددا نحو غرفة ماكروني وشكر جهود كل من فيليبس وبرايد معلنا انتهاء مهامهما وطالبهما بمغادرة المكان.
وبينما نجا هارولد برايد ليعيش 44 سنة أخرى، اختفى جاك فيليبس بشكل غامض دون أن يعثر له على أثر بأي من قوارب النجاة. وعلى حسب رواية نقلها الربان تشارلز لايتولر، صعد فيليبس على متن أحد قوارب النجاة وصمد لساعات قبل أن يفارق الحياة بسبب انخفاض درجة حرارة جسمه عقب سقوطه في الماء.
وبفضل نداء الاستغاثة الذي أرسله جاك فيليبس ومساعده، أقبلت سفينة آر أم أس كارباثيا على جناح السرعة نحو مكان غرق تيتانيك لتنجح في إنقاذ 700 من ركابها من موت محقق.