خبر

"نسور قاسيون" وصمود "الفدائيين": قصص من كأس العرب تُخلّد في الذاكرة

في أجواء كروية مشحونة بالإثارة والحماس، تواصلت رحلة كأس العرب 2025 في قطر، حيث وصل قطار البطولة إلى محطة ربع النهائي، حاملا معه قصصًا من العزيمة والإصرار والانتصارات التي تُخلّد في ذاكرة الجماهير. فعلى استاد خليفة الدولي، واجه المنتخب المغربي نظيره السوري، بينما كان "الأخضر" السعودي يتحدى منتخب فلسطين على ملعب لوسيل، في مواجهتين رسمتا ملامح الإثارة الحقيقية لهذه الجولة.

بالنسبة لسوريا، لم يكن الوصول إلى ربع النهائي مجرد صدفة، فقد لعب "نسور قاسيون" بتكتيك واضح وحسن التخطيط، مستفيدين من الانضباط الدفاعي وسرعة الهجمات المرتدة. الشوط الأول شهد سيطرة مغربية متقطعة، لكن الدفاع السوري وحارسهم إلياس هدايا صمدوا أمام محاولات "أسود الأطلس"، لينتهي الشوط الأول بلا أهداف. ومع بداية الشوط الثاني، كان المغرب يسعى لحسم اللقاء، لكن الأقدام السورية كانت بالمرصاد، حتى جاءت الدقيقة 77 لتشهد هدف وليد أزارو الذي أنهى حلم سوريا بالتأهل. ورغم الخسارة، خرج "نسور قاسيون" برأس مرفوع، بعد أن أظهروا روحًا جماعية وانضباطًا تكتيكيًا يليق بفريق يسعى لإثبات نفسه على الساحة العربية. المدرب خوسيه لانا أشاد بلاعبيه، مشيرًا إلى تضحيات عمر خريبين، الذي خاطر بصحته في الدقائق الأخيرة، مؤكدًا أن الفريق قدم أداءً يُحتذى به رغم الخسارة.

وفي مباراة أخرى كانت أكثر توتراً ودرامية، التقى "الأخضر" السعودي بـ "الفدائي الفلسطيني"، الفريق الذي تألق بجدارة في البطولة، متحديًا تصنيف "الفيفا" المنخفض نسبيًا، ومثبتًا أن التخطيط الجماعي والروح القتالية قادران على قلب التوقعات. المباراة شهدت أحداثًا مثيرة، تدخلت فيها تقنية الفيديو لإلغاء هدف وركلة جزاء للسعودية، لكن فلسطين أظهرت صلابة تكتيكية واضحة في الدفاع، وتحكمًا في إيقاع اللعب رغم الضغط السعودي.

على الجانب الآخر، كان نجم السعودية، سالم الدوسري، عنوانًا للفن الفردي ضمن منظومة هجومية متكاملة، حيث تسبب بركلة جزاء سجل منها فراس البريكان، وصنع الهدف الحاسم لمحمد كنو في الوقت الإضافي، ليؤكد دوره القيادي والاستثنائي في صناعة الفارق داخل الملعب. لكن الأداء الفلسطيني لم يكن أقل شرفًا؛ فقد قاوم اللاعبون حتى آخر دقيقة، وحملوا رسالة أكبر من مجرد الفوز أو الخسارة، عكسوا من خلالها صمودهم وروحهم المعنوية، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها اللاعبون وأهاليهم في قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل.

تخرج سوريا وفلسطين معًا من الدور ربع النهائي، لكنهما يتركان بصمة واضحة: فريقان يعرفان كيف يلعبان وفق خطط محكمة، يظلان قادرين على صناعة المفاجآت، ويقدمان أداءً يستحق الإشادة، رغم مغادرة البطولة.

ومع نهاية هذه الجولة، يصبح المغرب والسعودية على أبواب نصف النهائي، في مواجهة مرتقبة لكل منهما مع الفائزين من مباراتي الجزائر والإمارات والأردن والعراق اليوم، ما يرفع سقف الترقب أكثر نحو المباراة النهائية. البطولة بهذا الإيقاع لا تعكس فقط قوة الفرق ومهارات اللاعبين، بل أيضًا الذكاء والإصرار على صنع اللحظات الفارقة، التي تشهدها الملاعب العربية كل يوم.

أخبار متعلقة :