خبر

آبل متهمة بمنح الصين سيطرة على البيانات المحلية

يتطلب العمل في الصين من شركات التكنولوجيا الأجنبية الخضوع للرقابة الصارمة للحكومة وقوانين الأمن السيبراني، وتعرضت شركة آبل لانتقادات من قبل نشطاء الحقوق المدنية بسبب امتثالها لقواعد البلاد المعقدة التي تستهدف المعارضة.

وفي السنوات القليلة الماضية، اتُهمت آبل بالرضوخ للرقابة الصينية عبر إزالة تطبيق بودكاست ومجموعة من ألعاب الهاتف المحمول وتطبيق خرائط يستخدمه نشطاء مؤيدون للديمقراطية في هونغ كونغ.

وتستمر المزيد من التقرير، التي تكشف بالتفصيل علاقة آبل الخاصة مع الإدارة الصينية، في الظهور، ويمكن لتقرير جديد يكشف عن الطريقة التي تتعامل بها مع البيانات المحلية أن يخلق كابوسًا أخلاقيًا آخر للشركة.

ووفقًا لعدد كبير من الوثائق التي راجعتها صحيفة نيويورك تايمز، فقد تنازلت آبل عن السيطرة على مراكز البيانات الخاصة بها في قوييانغ وفي منطقة منغوليا الداخلية إلى الحكومة الصينية.

وتوفر الوثائق نظرة ثاقبة نادرة حول التنازلات التي قدمتها الشركة للقيام بأعمال تجارية في الصين، كما أنها توفر نظرة داخلية شاملة حول كيفية استسلام آبل للمطالب المتصاعدة من السلطات الصينية.

وقبل عقدين من الزمن، وبصفته رئيسًا لعمليات آبل، قاد تيم كوك دخول الشركة إلى الصين، وهي خطوة ساعدت في جعل آبل الشركة الأكثر قيمة في العالم وجعلته الوريث الواضح لستيف جوبز.

وتجمع آبل الآن جميع منتجاتها تقريبًا وتحقق خُمس إيراداتها في منطقة الصين، ومثلما اكتشف كوك كيفية جعل الصين تعمل لصالح آبل، فإن الصين تجعل آبل تعمل لصالح الحكومة الصينية.

وبحسب ما ورد حدثت التنازلات في أعقاب قانون صدر في عام 2016 يتطلب بقاء جميع المعلومات الشخصية والبيانات المهمة التي تم جمعها في الصين في البلاد.

ونقلت آبل بيانات آيكلاود iCloud لعملائها الصينيين من خوادم موجودة خارج البلاد إلى شبكة شركة صينية مملوكة للدولة، تُعرف باسم GCBD.

وفعلت الشركة ذلك بناءً على نصيحة فريقها في الصين كجزء من مشروع معروف داخليًا باسم “البوابة الذهبية”.

وسمح هذا لشركة آبل بحماية نفسها من القوانين الأمريكية، التي تمنع الشركات الأمريكية من تسليم البيانات إلى سلطات تطبيق القانون الصينية.

وكان موقع تخزين مفاتيح بيانات العملاء الصينيين نقطة شائكة في المحادثات بين آبل والمسؤولين الصينيين، وأرادت آبل الاحتفاظ بها في الولايات المتحدة، بينما أرادها المسؤولون الصينيون في الصين.

ودخل قانون الأمن السيبراني حيز التنفيذ في شهر يونيو 2017، وتم ترك موقع تخزين المفاتيح غامضًا عن عمد في اتفاقية مبدئية بين آبل والمسؤولين الصينيين، ولكن بعد ثمانية أشهر، كانت مفاتيح التشفير متجهة إلى الصين.

وجعلت تنازلات آبل من المستحيل تقريبًا عليها منع الحكومة الصينية من الوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني والصور والوثائق وجهات الاتصال ومواقع ملايين السكان الصينيين.

وقال مسؤولون تنفيذيون في شركة آبل قلقون لصحيفة نيويورك تايمز: إن هذه الخطوة قد تعرض بيانات العملاء للخطر.

ونبهت المستخدمين الصينيين إلى التغييرات كجزء من شروط وأحكام آيكلاود الجديدة التي أدرجت GCBD كمزود الخدمة وشركة آبل كطرف إضافي.

وأخبرت آبل العملاء أن التحديث كان يهدف إلى تحسين خدمات آيكلاود في الصين والامتثال للوائح الصينية.

وتضمنت الشروط والأحكام حكمًا جديدًا لا يظهر في البلدان الأخرى: تتمتع آبل و GCBD بإمكانية الوصول إلى جميع البيانات التي تخزنها عبر هذه الخدمة ويمكنهما مشاركة هذه البيانات بين بعضهما بعضًا بموجب القانون المعمول به.

واعترفت صحيفة نيويورك تايمز بأنها لم تر أي دليل على وصول الحكومة الصينية إلى المعلومات، لكن الوثائق تشير إلى تشير أن آبل قدمت تنازلات تسهل على الحكومة القيام بذلك.

وتكمن المشكلة في إمكانية مطالبة المسؤولين بهذه البيانات من الشركات المحلية بموجب القوانين، وهي القواعد نفسها المُستخدمة لتبرير الحظر المفروض على هواوي من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

كما أن هناك مصدر قلق آخر يتمثل في نوع تقنية التشفير التي تستخدمها آبل في الصين.

وتُظهر الوثائق أن موظفي GCBD سيكون لديهم سيطرة فعلية على الخوادم ، بينما يراقب موظفو آبل العملية إلى حد كبير من خارج الدولة، وقال الخبراء الأمنيون: إن هذا الترتيب وحده يمثل تهديدًا لا يمكن لأي مهندس حله.

وتُظهر المستندات أيضًا أن آبل تستخدم تقنية تشفير مختلفة في الصين عن أي مكان آخر في العالم، وعادةً ما يتم تخزين المفاتيح الرقمية التي يمكنها فك تشفير بيانات آيكلاود عبر أجهزة متخصصة، تسمى HSM.

وبعد أن رفضت الحكومة الصينية أجهزة HSM، خططت آبل لبناء أجهزة أمان جديدة لتخزين البيانات تستخدم إصدارًا قديمًا من iOS وعتادًا منخفض التكلفة تم إنشاؤه في الأصل لجهاز Apple TV.

وأثارت التكنولوجيا القديمة مخاوف خبراء الأمن من أن هذه الأجهزة يمكن اختراقها بسهولة من قبل المتسللين.

ويتم إنشاء شبكة آيكلاود الصينية وإدارتها ومراقبتها بشكل منفصل عن جميع الشبكات الأخرى، دون أي وسيلة للانتقال إلى الشبكات الأخرى خارج البلاد، ويهدف هذا الإجراء إلى منع الاختراقات الأمنية في الصين من الانتشار إلى بقية مراكز بيانات آبل.

وتفند آبل المزاعم الواردة في التقرير، وقالت: إنها صممت أمان آيكلاود بطريقة تجعلها وحدها من تتحكم في مفاتيح التشفير، وعزلت مراكز البيانات الصينية لأنها مملوكة للحكومة الصينية.

وأضافت أن بعض الوثائق التي شاهدتها صحيفة نيويورك تايمز قديمة وأن مراكز البيانات الصينية تتميز بأحدث وسائل الحماية وأكثرها تطورًا، وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تبقي جميع الأطراف الخارجية منفصلة عن شبكتها الداخلية.

وبالإضافة إلى معالجة البيانات، تواصل آبل أيضًا حذف البرامج بشكل استباقي بناءً على طلب من الرقابة الصينية.

ووجد تحليل أجرته صحيفة نيويورك تايمز أن عشرات الآلاف من التطبيقات قد اختفت من متجر تطبيقات آبل الصيني على مدار السنوات العديدة الماضية، أكثر مما كان معروفًا في السابق.

وتشمل التطبيقات المحذوفة خدمات إخبارية أجنبية وتطبيقات مراسلة مشفرة، كما حجبت تطبيقات عن الدالاي لاما، الزعيم الروحي للبوذية التبتية الذي فر من الصين في عام 1959 بعد انتفاضة فاشلة ضد الحكم الصيني.

وعارضت شركة آبل هذه الأرقام، قائلة: إن بعض المطورين يزيلون تطبيقاتهم الخاصة من الصين، وإنها أغلقت منذ عام 2017 نحو 70 تطبيقًا إخباريًا استجابة لمطالب الحكومة الصينية.

ووفقًا لشركة آبل، كانت غالبية التطبيقات التي أزالتها بطلب من الحكومة الصينية مرتبطة بالمقامرة أو المواد الإباحية أو كانت تعمل دون ترخيص حكومي، مثل خدمات القروض وتطبيقات البث المباشر.

مواضيع تهم القارئ

أخبار متعلقة :