تشير دراسة بحثية جديدة أجرتها كاسبرسكي لاب إلى أن المشاركة غير المحسوبة للبيانات عبر الإنترنت لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل تجعل المستهلكين أكثر عُرضة للخسارة.
وأعرب أكثر من نصف مستخدمي الإنترنت (52%) المشاركين في الدراسة عن شعورهم بأن الخصوصية الكاملة في العالم الرقمي الحديث أمر مستحيل، بالرغم من الغضب والقلق الناجمين عن الفضائح التي قد تقع جرّاء مشاركة الآخرين بيانات حساسة، ومثال ذلك عندما أعطت شركة فيسبوك كلًا من نتفليكس وسبوتيفاي القدرة على حذف الرسائل الخاصة للمستخدمين. وبدلًا من ذلك، يختار الكثيرون بيع بياناتهم الشخصية لقاء مكاسب مادية مؤقتة قد تحقق تكلفهم الكثير لاحقًا وربما يكون لها عواقب وخيمة.
ووجدت الدراسة أن شخصًا من بين كل خمسة (21%) سيكون مسرورًا بالتفريط بخصوصية بياناته ومشاركة الآخرين بها إذا حصل على مكسب ما في المقابل، بالرغم من العواقب الوخيمة المرتبطة بإساءة استخدام البيانات الشخصية أو وقوعها في الأيدي الخطأ. كذلك فإن 42% مستعدون لقبول المال في مقابل منحهم شخصًا غريبًا حق الوصول بالكامل إلى بياناتهم الخاصة. ولكن مع زيادة احتمال مشاركة مستخدمي الإنترنت أشخاصًا غرباء في بياناتهم الخاصة لقاء مقابل ما، يرى الخبراء أن اتباع نهج يقوم على المنفعة قصيرة الأمد يمكن أن يؤدي إلى حدوث أضرار فادحة على الأمد البعيد.
وتوضح حالات حديثة، مثل التغريدات التي نشرها جيمز غون أو كيفن هارت، كيف يمكن أن تعود البيانات التي يشارك المرء الآخرين بها عبر الإنترنت عليه بالضرر على مستوى السمعة أو على الصعيد المهني بطرق لا يمكن أحيانًا تصوّرها. وبات من الشائع بين أرباب العمل البحث في الصفحات الخاصة بموظفيهم في منصات التواصل الاجتماعي، مثل لينكدإن وفيسبوك وإنستاجرام، للتحقق من أن موظفيهم أو المرشحين للعمل لديهم يتمتعون بسمعة طيبة. وينبغي للموظفين أنفسهم في المقابل أن يتوخوا الحذر ولا يكشفوا عن الكثير عن أنفسهم ووظائفهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق، تشير الأرقام الواردة في “كرير بلدر” إلى أن 57% من أرباب العمل وجدوا محتوى ما على وسائل التواصل الاجتماعي تسبب في عدم توظيف مرشح ما، بينما قام ثلثهم (34%) بتوبيخ موظف لديهم أو فصله من العمل بسبب محتوى نشره على الإنترنت.
ويمكن أن يكون لمشاركة الآخرين المعلومات في العالم الافتراضي أثر بالغ على الأفراد في الواقع إذا وقعت معلوماتهم في الأيدي الخطأ. فقد وجدت دراسة كاسبرسكي لاب أن 36% من الأفراد تمّ الوصول إلى بياناتهم من قبل شخص ما دون موافقتهم. وكانت عواقب ذلك واسعة ومتنوعة، إذ أفاد أكثر من ثلث المستطلعة آراؤهم في الدراسة (35%) أنهم شعروا بالتوتر نتيجة لذلك، في حين أن 11% تعرّض لخسارة مالية، و16% منهم تعرض لإزعاج البريد الإلكتروني والإعلانات غير المرغوب فيها.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
وجاءت هذه العواقب بالرغم من قيام العديد من الأفراد باتخاذ خطوات للحفاظ على سرية المعلومات أو منع الآخرين من الوصول إلى بياناتهم الشخصية والسرية. وبسبب انتشار النشاط التخريبي لمجرمي الإنترنت الساعين للوصول إلى البيانات الخاصة عبر تتبع حضور الأفراد على الشبكات الاجتماعية، يحمي 73% من الأفراد أجهزتهم لكلمات مرور للحفاظ على خصوصية المعلومات، فيما يقوم نصفهم بانتظام بالتحقق من إعدادات الخصوصية على أجهزتهم والخدمات والتطبيقات التي يستخدمونها ويحرصون على تغييرها، في حين أن أكثر من الربع (27%) يغطون كاميرات الويب للحفاظ على خصوصية بياناتهم، كما أن 26% يحرصون على تشفير البيانات الخاصة بهم.
وقالت مارينا تيتوفا، رئيس قسم تسويق المنتجات الاستهلاكية لدى كاسبرسكي لاب، إن إساءة استخدام بيانات المستخدمين أو استخدامها ضدهم “متاح حولنا دائمًا في مجموعة متنوعة من السيناريوهات، ولعدة أسباب”، وأضافت: “قد يؤدي الحرص على السلامة الرقمية والاهتمام بالوعي بأهمية الخصوصية عبر الإنترنت وكيفية حماية المرء نفسه، إلى منع تعرضه وبياناته للخطر، وهناك حوادث يمكن الاتعاظ بها مثل انتهاك بيانات ماريوت في العام 2018 والذي أثّر في 500 مليون عميل، وشهد وقوع كثيرين نتيجة لذلك ضحايا الاحتيال عبر تقمّص الهوية، وعندما كشفت أنظمة الدفع في متاجر “فوريفر 21″ بيانات بطاقات ائتمان المتعاملين. وشملت أبرز الحوادث حالة لموسيقى استخدمت صديقته السابقة حساب بريده الإلكتروني لرفض منحة دراسية موسيقية عُرضت عليه، وذلك لمنعه من الابتعاد عن مونتريال”.
ومضت تيتوفا إلى القول: “ينبغي للجميع التمكّن من ضمان خصوصية بياناتهم، إذ ليس من الصعب الحفاظ على الأسرار آمنة، كما لا ينبغي أن يكون فقدان البيانات أمرًا متوقعًا، وإنما استثناء في التعاملات التي تتمّ عبر الإنترنت. ويكمن الحلّ في توليفة من حلّ أمني فعال وخطوات عملية تحدّ من التهديدات وتحافظ على أمن البيانات على الإنترنت”.
وللحفاظ على خصوصية عالم الإنترنت ومنع الفرد من الوقوع ضحية لإساءة استخدام البيانات، توصي كاسبرسكي لاب بالتأنّي قبل نشر أي محتوى على قنوات التواصل الاجتماعي، والتفكير في أية عواقب قد تنجم عن هذا نشر وجهة نظر أو معلومة خاصة، أو في إمكانية استخدام المحتوى ضد المرء أو في أذيته الآن أو في المستقبل.
وتوصي كاسبرسكي لاب أيضًا بالامتناع عن مشاركة أفراد العائلة أو الأصدقاء كلمات المرور إلى حسابات الإنترنت، فذلك يزيد من احتمال وصولها إلى المحتالين، بالرغم من أن مشاركة المقربين حسابات التواصل الاجتماعي قد يبدو فكرة جيدة. وينبغي للمرء الاحتفاظ بكلمات المرور لنفسه وصون معلوماته الشخصية لحماية نفسه في حالة توتر العلاقات.
وينبغي كذلك التعامل مع مسألة الخصوصية عبر الإنترنت على محمل الجد، وعدم السماح لأحد بالوصول إلى المعلومات الشخصية إلا إذا كان الأمر ضروريًا للغاية، وذلك لتقليل فرص وقوعها في الأيدي الخطأ.
أخبار متعلقة :