يتسبب فيروس كورونا المستجد (2019-nCoV) في ظهور أعراض شبيهة بالإنفلونزا في البداية، ولكنه قد يؤدي إلى حدوث مشاكل دائمة في الرئتين في بعض الحالات الشديدة، وذلك وفقًا لتقرير قدمته مجلة (MIT Technology Review).
كانت البداية في 31 ديسمبر 2019، حين تلقّت منظمة الصحة العالمية تنبيهاً بوجود حالات التهاب رئوي متعدّدة في مدينة ووهان الواقعة في إقليم هوباي بالصين. ولم تتطابق سمات ذلك الفيروس مع أي فيروسات أخرى معروفة، مما أثار القلق بسبب عدم معرفة مدى تأثير هذه الفيروسات الجديدة على الناس.
أكّدت السلطات الصينية بعد أسبوع واحد أنها اكتشفت بالفعل فيروساً جديداً، والذي ينحدر من فصيلة فيروسات كورونا نفسها التي تسبّب الإنفلونزا، وأُطلق على هذا الفيروس الجديد اسم فيروس كورونا المستجدّ (2019-nCoV).
أصبح من المعروف أن أعراض هذا الفيروس تشمل السعال والحمّى الشديدة وصعوبة التنفس وغيرها من الأعراض، وسنتحدث في هذا المقال عن آليّة تأثيره على الإنسان.
ما هي فيروسات كورونا؟
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
تأتي كلمة (كورونا) من اللغة اللاتينية، وتعني التاج أو الهالة، وتُشير إلى الجزيئات الناتئة التي تُحيط بهذه الفيروسات وتجعلها شبيهة بتاج الملكة. تتواجد فيروسات كورونا بشكل شائع عند الحيوانات، ولكن يمكن لبعض أنواعها الانتقال إلى الإنسان، وخاصة إذا تعرّضت للطفرات.
هناك 7 أنواع معروفة حتى الآن، أدّت 3 منها إلى جائحات مُميتة، بما فيها الفيروس المستجدّ الأخير (2019-nCoV)، بالإضافة إلى الفيروس المسبّب لمتلازمة سارس أو الالتهاب التنفسي الحادّ (SARS)، الذي انتشر في عاميْ 2002 و2003 وأدّى إلى إصابة 8098 شخص ومقتل 774 شخصاً، والفيروس المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، الذي ظهر عام 2012 وأدّى إلى إصابة 2494 شخص ومقتل 858 شخصاً.
وعلى الرغم من أن عدد المصابين بفيروس كورونا المستجدّ بلغ أكثر من 11700 شخصاً حتى 31 يناير 2020، متجاوزاً عدد إصابات كل من الفيروسيْن المميتيْن السابقيْن، إلا أن نسبة الوفيات به يتوقّع أن تكون أقل منهما، إذ قدّرت منظمة الصحة العالمية أن نسبة الوفيات بالمرض المستجدّ يتوقّع أن تبلغ 4%، بينما بلغت 11% في حالة السارس و35% في متلازمة الشرق الأوسط التنفسية. ومع ذلك، لا تزال هذه النسبة قابلة للزيادة أو النقصان مع التطوّر الحالي والمستقبلي للإصابات.
كيف تؤثّر فيروسات كورونا على الإنسان؟
عادةً ما تكون أعراض الإصابة بفيروسات كورونا خفيفة، مثل العطاس، وسيلان الأنف، والتهاب الحلق والحمّى، ولكن أجهزتنا المناعية لا تملك مناعةً مسبقةً تجاه فيروس كورونا المستجدّ، وبالتالي، فإن أعراضه قد تكون أشدّ.
يشير تقرير مفصّل جديد نُشر مؤخراً في مجلة لانست (Lancet) الطبية حول أول 99 مريضاً أصيبوا بالفيروس ونُقلوا للعلاج في مستشفى جينيينتان بمدينة ووهان الصينية إلى تأثيرات فيروس كورونا المستجدّ على جسم الإنسان وخصائصه الوبائية والسريرية والفئات الأكثر عرضة للخطر.
- الالتهاب الرئوي:
لوحظ وجود التهاب رئوي عند كافة المرضى الـ 99 الذين تمّت دراستهم، حيث كانت الحويصلات الرئوية الدقيقة التي ينتقل فيها الأكسجين من الهواء إلى الدم مملوءةً بالسوائل. كان أول مريض تعرّض للوفاة يبلغ من العمر 61 عاماً، وعانى من ضائقة تنفسية حادّة، حيث لم تتمكّن رئتاه من تأمين الأكسجين بكمية تكفي لبقائه على قيد الحياة، وتمّ وضعه على أجهزة التنفس الاصطناعي، ولكن رئتيه تعرّضتا للفشل الكامل، ثمّ توقف قلبه عن النبض، وتوفّي بعد 11 يوماً من دخوله المستشفى.
أما المريض الثاني، فقد كان عمره 69 عاماً، وتوفّي بسبب الالتهاب الرئوي الشديد بعد 9 أيام من دخوله المستشفى. كلا المريضين كانا مدخّنين منذ فترة طويلة، مما يقترح أن رئتيهما كانتا معرّضتين لخطر الإصابة الشديدة.
إذن، يؤثر فيروس كورونا المستجدّ بشكل رئيسي على الرئة، مما يؤدي إلى التهابها وحدوث ضائقة تنفسية بدرجات متفاوتة تتراوح من البسيطة إلى الفشل الكامل. قد يؤدي الفيروس أيضاً إلى حدوث مضاعفات أخرى مثل تعفّن الدم (وجود بكتيريا في الدم)، والذي قد يسبّب بدوره حدوث فشل في الأعضاء الداخلية، مثل القلب والكلى.
- العمّال في سوق الحيوانات:
يُعتقد أن فيروس كورونا المستجدّ قد بدأ بالانتشار من الحيوانات التي تُباع في أحد أسواق المأكولات البحرية بمدينة ووهان. أدّى وجود علاقة بين هذا السوق والمرضى إلى زيادة احتمال أن يكون هذا الاعتقاد صحيحاً. فمن بين المرضى الـ 99 الذين تمت دراستهم، كان 49 مريضاً بعلاقة مباشرة مع ذلك السوق، حيث كان 47 مريضاً منهم من أصحاب المتاجر أو العاملين فيها، بينما قام اثنان من المرضى بالتسوّق منه.
- الرجال في منتصف العمر هم الأكثر تأثراً:
كان معظم المرضى الـ 99 في منتصف العمر، حيث بلغ عمرهم الوسطي 56 عاماً، كما كان 67 مريضاً منهم من الذكور. ولكن بالرغم من هذه الأرقام، فقد صرّح المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن نسبة الإصابة عند النساء هي قريبة من نسبتها عند الرجال. ربما كان الرجال أكثر تعرّضاً للفيروس في بداية الوباء لأسباب ثقافية أو اجتماعية، أو ربما يكون الرجال أكثر عرضة للإصابة بالأعراض الشديدة التي تحتاج إلى العلاج في المستشفى، بسبب الوقاية التي تحصل عليها النساء من الكروموسوم الأنثوي إكس والهرمونات الجنسية، والتي تلعب دوراً كبيراً في المناعة.
- الأمراض الأخرى تفاقم من خطر الإصابة:
كان معظم المرضى الـ 99 مصابين بأمراض أخرى جعلتهم أكثر تأثّراً بالفيروس، بسبب تراجع وظائف المناعة لديهم. حيث كان 40 مريضاً منهم يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، و12 مريضاً يعانون من داء السكّري.
أما بالنسبة للوفيات، فبالإضافة إلى الشخصين الذيْن تحدثنا عنهما أعلاه، توفي تسعةٌ آخرون من بين المرضى الـ 99، حيث كان يعاني ثمانية منهم من قلّة اللمفاويات، وسبعة من الالتهاب الرئوي ثنائي الجانب، وثلاثة من ارتفاع ضغط الدم، وكان خمسة بأعمار تزيد عن 60 عاماً، وشخص واحد كثير التدخين.
وفي الختام، بما أن فيروس كورونا المستجدّ حديث الاكتشاف، فلا يزال هناك الكثير حوله من الأمور المجهولة التي تزداد معرفتنا بها مع دراستنا للمرض وتطوّره. ونؤكّد على أن معظم حالات الإصابة بالمرض التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن تراوحت شدّتها من بسيطة إلى متوسّطة، مع حدوث مضاعفات خطيرة عند نحو 20% من المصابين، معظمهم من كبار السنّ أو من الذين يعانون من أمراض أخرى سابقة.
أخبار متعلقة :