ساعد تطور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي الشركات في جمع بيانات أكثر من أي وقت مضى، وكانت هذه الزيادة الكبيرة في حجم البيانات التي يتم تجميعها هو السبب في أن وظيفة عالم البيانات أصبحت هي أفضل وظيفة في أمريكا لمدة أربع سنوات على التوالي، وفقًا للتصنيف السنوي لموقع Glassdoor المختص بالوظائف، حيث يؤدي جمع المزيد من البيانات إلى الحاجة للمزيد من الأشخاص المختصين لتفسير وتحليل تلك البيانات.
تعتبر تحليلات البيانات الآن أحد الأدوات الضرورية للمؤسسات والشركات عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات تجارية كبيرة، وسيستمر استخدامها في النمو مستقبلاً، حيث قال دوغلاس لاناي Douglas Laney المحلل البارز في تحليلات البيانات والاستراتيجيات في غارتنر: “بحلول عام 2022 سوف تعتبر 90% من المؤسسات والشركات البيانات أحد الأصول المهمة وكذلك تحليل البيانات باعتبارها المهارة الأساسية”.
بغض النظر عن حجم النشاط التجاري الذي تديره، فأنت دائمًا بحاجة إلى بيانات ورؤى جديدة لتتمكن من فهم هوية جمهورك المستهدف وما هي تفضيلاته، بحيث يمكنك توقع احتياجاتهم. وهذا ما يُعرف باسم البيانات الضخمة Big data التي تلعب دورًا مهمًا في الأنشطة التجارية حاليًا حيث يمكنك التعرف على جميع المشكلات وحلها بسهولة لتحقيق أهداف علامتك التجارية.
تستخدم المؤسسات والشركات تحليلات البيانات لمعرفة المزيد عن استراتيجيات الأعمال، مما يساعدها على اتخاذ قرارات صائبة، وكما ذكرت لبيرفرلي رايت Beverly Wright رئيسة قسم التحليلات في شركة Aspirent: “تلجأ الشركات إلى التحليلات عند محاولة كسب المزيد من الإيرادات وخفض النفقات، فمن خلال التحليلات يمكن للأنشطة التجارية معرفة الأماكن التي تعمل بها بشكل غير فعال، وبالتالي يتم اكتشاف المناطق التي يمكن فيها تقليص النفقات”.
كما حددت رايت 6 نقاط يجب على الشركات الاهتمام بها لتتمكن من فهم أفضل للحالة الراهنة لتحليلات البيانات ولمساعدتهم في النمو.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
1- اعتماد مبادرات ثقافة البيانات
قالت رايت: “إن الشركات ستصبح معتمدة أكثر على البيانات، وستدمج البيانات في ثقافتها، لذلك تعتبر ثقافة البيانات Data culture هي نوع من الاستيعاب والاستعداد والثقة في النتائج أو الحلول التي تأتي من التحليلات”.
وأضافت: “تعمل مجموعات التحليلات أو المتخصصين في علوم البيانات على إيجاد حلول ثم يدفعون بهم لحل مشكلات الأعمال”.
ومع ذلك فقد كانت هذه الثقافة صعبة بالنسبة للمهنيين التقليديين، ولكن الشركات بدأت في تفسير ذلك، حيث ظهرت المزيد من المبادرات التي تهدف بشكل متعمد إلى استيعاب الحلول التحليلية.
إذا تم استخدام البيانات بشكل جيد من قبل الجميع داخل المؤسسات والشركات فإن ذلك سيساعد في زيادة الأرباح وودعم عملية صنع القرار، لأنه إذا تحولت تحليلات البيانات إلى أداة أساسية لتوحيد المعلومات من جميع الأقسام، يمكن للمؤسسات والشركات الحصول على رؤى ثابتة حول المبيعات، والتسويق، وتحسين المنتجات، مما يساهم في تمكين أقسام المؤسسة للعمل معًا بشكل أفضل وتحقيق نتائج أفضل والتغلب على المنافسة.
كما تعمل تحليلات البيانات على تمكين الموظفين من رؤية البيانات في سياقها والاستفادة من خيارات الأعمال الأكثر ذكاءً لتطوير المنتجات والخدمات بما يتناسب مع العميل.
2- انتشار البيانات غير الهيكلية
قالت رايت: “إن العناصر غير المنظمة مثل الصوت والفيديو ستغير طريقة جمع البيانات، في الماضي ظلت البيانات منظمة بشكل كبير”.
بينما الآن ونظرًا لأننا نحصل على المزيد من البيانات غير الهيكلية، فنحن نلتقط المزيد من أنواع البيانات المرئية والصوتية وغير الرقمية، علاوةً على ذلك نعمل على تطوير أنواع أقوى من التقنيات لتحليل تلك البيانات والحصول عليها بتنسيقات منظمة.
ومن خلال وضع البيانات غير المنظمة في شكل منظم، يمكن للمؤسسات والشركات تحويلها إلى بيانات يمكن الاستفادة منها.
3- زيادة تطوير المنتجات
في الماضي ركزت التحليلات بشكل رئيسي على الأهداف طويلة المدى وهو ما يعني النظر في المعلومات على مدار السنة ثم اتخاذ القرارات بناءً على تلك المعلومات السابقة. ولكن الآن مع تقدم التكنولوجيا ستتمكن الشركات من استخدام التحليلات في الوقت الفعلي. فعلى سبيل المثال بحلول عام 2022 ستتأثر نسبة 30% من تفاعلات العملاء بتحليل الموقع في الوقت الفعلي.
تحليلات البيانات تعزز كل من التوقعات وقدرات اكتشاف المعرفة، مما يساعد في فهم الوضع الحالي للأنشطة التجارية ويعطي أساسًا قويًا لتوقع النتائج المستقبلية، كما أن تحليلات البيانات تمكن المؤسسات والشركات من فهم الوضع الحالي للسوق وتغيير الإجراءات أو الحاجة إلى تطوير منتج جديد يتناسب احتياجات السوق بسرعة أكبر.
4- التخصيص الشامل
تؤكد رايت على أن التخصيص هو كل شيء فيما يتعلق بتجربة العملاء والتحليلات لها تأثير هائل في ذلك، حيث يؤدي القيام بالتسويق بشكل شخصي personalized marketing إلى زيادة التفاعل مع علامتك التجارية ويخلق ولاء العملاء ويعزز المبيعات، وهذا هو السبب الذي يجعل الكثير من الشركات والمؤسسات تهتم به.
علاوة على ذلك تعتقد رايت أن التخصيص سيعتبر مثل الكوبونات التي يحصل عليها العملاء عند التسوق، ولكنها ليست مجرد كوبونات عشوائية، بل يتم تخصيصها بشكل صريح لنوع مشترياتهم، وأضافت رايت أنها تَعني الخوارزميات التي سيتم الاعتماد عليها في أنظمة تحليل البيانات التي لديها معلومات حول لون العميل المفضل وأي نوع من المنتجات يفضلها ويستخدمها.
5- استهداف العملاء من خلال المحتوى Targeted Content
إدراك ما يحتاجه العملاء مسبقًا يجعل الجهود الإعلانية تستهدفهم بشكل أكثر دقة، حيث تتمكن المؤسسات من تخصيص إعلاناتها للتركيز على قسم من قاعدة العملاء.
كما أنها تشجعهم أيضًا على معرفة أي جزء من قاعدة العملاء سوف يتفاعل بشكل أفضل مع الحملة الإعلانية.
6- زيادة الاعتماد على الأتمتة والذكاء الاصطناعي
خلال عام 2023 ستزيد الموارد الحاسوبية المستخدمة في الذكاء الاصطناعي بمقدار 5 أضعاف ما كانت عليه في عام 2018.
سوف يستمر الذكاء الاصطناعي والأتمتة في التطور وسيزيد الاعتماد عليهم حيث يتيح الذكاء الاصطناعي الآن للشركات والمؤسسات أتمتة التواصل مع العملاء مثل التواصل عبر الرسائل أو الدردشة عبر الإنترنت أو مناقشات وسائل التواصل الاجتماعي أو المكالمات الهاتفية، وذلك من خلال تحليل المعلومات التي تم جمعها من الاتصالات والمحادثات السابقة، ومن الممكن تصور أن أجهزة الكمبيوتر يمكنها الرد بدقة على العملاء وإدارة استفساراتهم.
ومن أبرز هذه الأمثلة هي بوتات الدردشة التفاعلية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي AI Chatbots والتي يمكنها التواصل مع عدد لانهائي من العملاء في نفس الوقت – على عكس البشر تمامًا – ويمكنها التفاعل والبدء في الاتصال بغض النظر عما إذا كانت على موقع أو تطبيق. كما تتوقع جارتنر أنه بحلول عام 2020 سيتم التعامل مع 85% من جميع تفاعلات العملاء بواسطة آلات ذكية يمكنها تقليد القدرات البشرية.