انتهكت فيسبوك عن عمد قانون الخصوصية والمنافسة في المملكة المتحدة، ويجب أن تخضع بشكل عاجل للتنظيم القانوني، وذلك وفقًا لتقرير برلماني جديد مكون من 108 صفحة صدر الليلة عن المملكة المتحدة يشجب الشركة ومديريها التنفيذيين ويصفها على أنها تتصرف كعصابة رقمية.
واتهم التقرير النهائي للتحقيق الصادر عن اللجنة الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية DCMS، والذي استمر 18 شهراً حول المعلومات الخاطئة والأخبار المزيفة، فيسبوك بإعاقة التحقيقات عند عمد وتقاعسها عن معالجة محاولات روسيا للتلاعب في الانتخابات.
وبدأ التحقيق في عام 2017 مع تزايد المخاوف بشأن تأثير المعلومات الكاذبة وقدرتها على الانتشار بدون تدقيق على منصات التواصل الإجتماعي، وتسارع التحقيق في شهر مارس/آذار من العام التالي، مع فضيحة بيانات كامبريدج أناليتيكا.
وتقول اللجنة إنه لو التزمت فيسبوك بشروط الاتفاقية التي تم توقيعها مع لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية في عام 2011 للحد من وصول المطورين إلى بيانات المستخدمين، لما حدثت الفضيحة، وخلص التقرير إلى أن فضيحة كامبريدج أناليتيكا قد تم تسهيلها من خلال سياسات فيسبوك.
وحذر رئيس اللجنة، داميان كولينز Damian Collins، قائلاً: “إن الديمقراطية معرضة للخطر من الاستهداف الخبيث والدؤوب للمواطنين الذين يعانون من التضليل والإعلانات المزورة من مصادر غير معروفة، والتي يتم تقديمها من خلال منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية التي نستخدمها يوميًا”.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
واتهم التقرير مارك زوكربيرج Mark Zuckerberg، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لفيسبوك باحتقار البرلمان البريطاني لرفضه الطلبات العامة للإجابة على أسئلة الأعضاء وتقديم أدلة، وأرسل بدلًا من حضوره شخصيًا موظفين صغار غير قادرين على الإجابة على أسئلة اللجنة.
وكتبت اللجنة: “حتى لو لم يكن مارك زوكربيرج يعتقد أنه مسؤول أمام البرلمان البريطاني، فهو مسؤول بالنسبة لمليارات مستخدمي فيسبوك في جميع أنحاء العالم. لقد فشل في إظهار مستويات القيادة والمسؤولية الشخصية التي يجب توقعها من شخص مسؤول عن واحدة من أكبر الشركات في العالم”.
ويحذر التقرير من أن القانون الانتخابي البريطاني معرض للتدخل من قبل الجهات الأجنبية المعادية، بما في ذلك عملاء الحكومة الروسية في محاولة لتشويه سمعة الديمقراطية، وطالب الحكومة بإصلاح بعض قوانينها الخاصة بالإعلانات السياسية مع الحاجة الملحة للتحديث.
ويدعو الحكومة البريطانية إلى إجراء تحقيق مستقل في التأثير الأجنبي والتضليل والتمويل والتلاعب بالناخبين ومشاركة البيانات في استفتاء الاستقلال الاسكتلندي لعام 2014 واستفتاء الاتحاد الأوروبي لعام 2016 والانتخابات العامة لعام 2017.
وطالب أعضاء البرلمان شركات التواصل الاجتماعي بإزالة المحتوى الضار أو غير القانوني من منصاتها وأن تكون مسؤولة عنه، وتوصي اللجنة الآن بتدابير أقوى، وتطلب أن تخضع المنصات إلى مدونة قواعد السلوك الإلزامي التي سيشرف عليها منظم مستقل.
وينبغي أن يكون لدى الجهة التنظيمية القدرة على اتخاذ إجراءات قانونية إذا رفضت شركات مثل فيسبوك إزالة المحتوى غير القانوني، بحيث يضع هذا التقرير الجديد الأساس لمزيد من التشريعات التي يمكن أن تنظم هذه الطلبات وتحولها رسميًا إلى قانون.
وقال داميان كولينز: “حدد تحقيقنا خلال العام الماضي ثلاثة تهديدات كبيرة لمجتمعنا. التحدي للسنة المقبلة هو البدء في إصلاحها. لا يمكننا التأخير أكثر من ذلك”.
واتهم التقرير عملاقة التواصل الإجتماعي بالاستمرار في إعطاء الأولوية لأرباح المساهمين على حقوق خصوصية المستخدمين، حيث قال: “تستمر فيسبوك في اختيار الربح على أمن البيانات والمخاطر. ويبدو من الواضح لنا أن فيسبوك لا تتصرف إلا عندما تصبح الانتهاكات الجسيمة علنية”.
وحذرت اللجنة من أن فيسبوك تستخدم هيمنتها في السوق لسحق المنافسين، وإغلاق أنظمتها في وجههم لمنع تنافسهم معها أو مع الشركات التابعة لها، وأنه لا ينبغي السماح لشركات مثل فيسبوك بأن تتصرف مثل رجال العصابات الرقميين في العالم عبر الإنترنت.
كما أصدرت اللجنة وثائق داخلية جديدة عن فيسبوك تم الحصول عليها من خلال النزاع القانوني لفيسبوك مع شركة Six4Three، والتي قالت إنها تسلط الضوء على الرابط بين بيانات الأصدقاء والقيمة المالية لعلاقة المطورين مع فيسبوك.
وردت فيسبوك على التقرير عبر قولها إنها مسرورة بمساهمته الكبيرة في تحقيق اللجنة، وقال كريم بالانت Karim Palant، مدير السياسة العامة بالشركة في المملكة المتحدة: “نحن منفتحون على تنظيم ذي معنى ونؤيد توصية اللجنة بإصلاح القانون الانتخابي”.
وأضاف “لقد أجرينا تغييرات جوهرية حتى يتم التصريح حول كل إعلان سياسي على فيسبوك ويكون من الواضح من يدفع مقابل تلك الإعلانات، وتخزين تلك المعلومات في أرشيف قابل للبحث لمدة سبع سنوات.
وقال بالانت إن فيسبوك تدعم تشريع الخصوصية، وأنه “بينما لا يزال أمامنا الكثير للقيام به، فنحن لسنا نفس الشركة التي كنا عليها قبل عام، لقد زاد عدد الفريق العامل في المحتوى المسيء إلى 30 ألف شخص، واستثمرنا في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لمعالجة المشكلة”.
ويدعو التقرير إلى وضع مواقع مثل فيسبوك تحت الرقابة التنظيمية، بحجة أنه لا يمكن لشركات التواصل الاجتماعي أن تختبئ وراء الادعاء بأنها مجرد منصة، وأنها لا تتحمل مسؤولية تنظيم محتوى مواقعها.