البوابة العربية للأخبار التقنية – دبي: تشهد منطقة الخليج العربي بزوغ فجر الثورة الصناعية الرابعة ليتصاعد معها تطور التقنيات المبتكرة وانتشارها بوتيرة متسارعة، ولا شك أن أبرز التطورات التي باتت جليّة للعيان هي تقنية الجيل الخامس من خدمة شبكات النطاق العريض. وسيحظى كلٌّ منّا هذا العام بفرصة قلَّ نظيرها للتمتع بالسرعة الفائقة التي توفرها هذه الشبكات الجديدة، لاسيما في ضوء تسارع تطور تقنيات الهواتف الذكية لتواكب هذه الابتكارات التي يجري إدخالها على شبكات الاتصالات.
بقلم: أندي شي، رئيس شركة OPPO في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا
وقد تكمن بعض الصعوبة في فهم تفاصيل هذه القفزة التقنية؛ فمنذ أقل من 10 سنوات كنا معتادين على استخدام شبكات الجيل الثالث، ثم انطلقت شبكات الجيل الرابع للاستخدام التجاري في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2011 لتَعِد المستخدمين بسرعات تنزيل مضاعفة مقارنة بأفضل اتصال إنترنت قدمته آنذاك شبكات الجيل الثالث. وفي هذا السياق، توقع الخبراء مساهمة 1% من استخدام الهواتف المتحركة لشبكات النطاق العريض بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1%. لذلك فإن قضية مضاعفة سرعة شبكات النطاق العريض للهواتف المتحركة، التي تتجلّى بوضوح في الانتقال السابق بين شبكات الجيل الثالث إلى الرابع، ستزيد في الواقع من نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3%. وهذه بالطبع نقلة في غاية الأهمية توجّب ذكرها.
وبالعودة إلى قضية شبكات الجيل الخامس، فقد بدأ العديد من مشغلي خدمات الاتصالات في المنطقة خلال الأشهر الستة الماضية مرحلة التشغيل التجريبي لهذه الشبكات الجديدة. وفي الحقيقة، فإن كلّاً من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من أوائل دول العالم التي بدأت بتقديم مزايا شبكات الجيل الخامس.
إن هذه الجهود التي شرعت بتنفيذها الدولتان هي مدعاة فخر لهما بلا أدنى شك، لكن التجربة الحقيقة لشبكات الجيل الخامس تكمن في هاتفكم الذكي أولاً. فهو الجسر الذي يقودكم إلى هذه النقلة التكنولوجية الجديدة. فعلى غرار عجز هواتف الجيل الثاني سابقاً من الولوج إلى شبكات الجيل الثالث. فإن هواتف الجيل الرابع ستكون عاجزة بالطبع عن الاتصال بشبكات الجيل الخامس.
وللأسباب التي أتينا على ذكرها، فقد بدأنا في OPPO بتطوير تقنيات اتصال الهواتف الذكية بشبكات الجيل الخامس منذ عام 2015، وشكلنا لهذا الغرض فريق متخصص للجيل الخامس ضمن وحدة البحث والتطوير. ومنذ ذلك الوقت، حصلنا على أكثر من 1000 براءة اختراع عالمية معنية بتقنية الجيل الخامس، وأبرمنا شراكة مع شركة “كوالكوم” المرموقة -التي تتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقراً لها والمتخصصة في صناعة معالجات الهواتف الذكية والرقاقات الإلكترونية- وذلك في إطار مبادرتها “5G Pioneer”. وخلال الأشهر الاثني عشر الماضية، استكملنا أول اختبارات في العالم للاتصال بالإنترنت عبر شبكات الجيل الخامس باستخدام الهواتف المتحركة، وقمنا بتجربة أول اتصال فيديو متعدد الأطراف عبر شبكات الجيل الخامس في العالم. كما ومن المتوقع أن تمكّن تقنيات الجيل الخامس معظم الأجهزة الحديثة المنتشرة في عالمنا اليوم من الاتصال عبر شبكات توفّر سرعات فائقة، تصل إلى 20 ضعف سرعة شبكات الاتصال اللاسلكي التي نستخدمها اليوم. وستغيّر هذه السرعات العالية محيطنا بأكمله، إذ سيصبح وصول الهواتف الذكية إلى الواقع المعزز والافتراضي أكثر سهولة، الأمر الذي يمنح المستخدمين تجربة غامرة بكل المقاييس دون ترك أي فرصة للتباطؤ. وسيعزز المزيج التقني الذي يجمع بين السرعة وسهولة الوصول من إمكانات أشياء على غرار السيارات ذاتية القيادة، والطائرات دون طيار (الدرون)، وإنترنت الأشياء، وهي التقنيات التي يجري إدخالها على خطط المدينة الذكية في منطقة الخليج العربي.
يتمحور التحول نحو الجيل الخامس أيضاً حول القدرة الاستيعابية، ما يعني أن الهواتف الذكية المتصلة بشبكات الجيل الخامس ستمنح المستخدمين إشارة أفضل في المناطق الحضرية المكتظّة، وسيتمكن مزيد من المستخدمين والأجهزة من التواصل في وقت واحد. وهذا بالطبع أمرٌ بالغ الأهمية لاسيما في منطقة الخليج العربي التي تسجل معدلات مرتفعة لاستخدام الأجهزة الذكية، وحيث تنفرد دولة الإمارات العربية المتحدة بأعلى معدلات انتشار للأجهزة الذكية على مستوى العالم، وتسجل المملكة العربية السعودية أعلى نسبة مستخدمين لموقع “يوتيوب” في العالم مقارنة بتعدادها السكاني مما يؤكد الانفتاح الكبير في المنطقة على وسائل الإعلام الرقمي،
وباختصار، يمكننا القول بأن شبكات وتقنيات الجيل الخامس ستغيّر الهواتف الذكية التي نستخدمها اليوم تغييرا جذرياً وستضعنا في آفاق أكثر رحابة لم نعتد عليها سابقاً، كما ستدفعنا قدماً نحو أساليب جديدة لاستخدام هذه الهواتف وأماكن استخدامها. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن شحنات الهواتف الذكية انخفضت معدلاتها عالمياً خلال العام الماضي وفقاً لإحصائيات شركةIDC ، لذلك فإن بزوغ فجر الجيل الخامس سيعيد الأمور إلى نصابها ليعاود قطاع الهواتف الذكية للنمو خلال عام 2019. وبالطبع فإن منطقة الخليج العربي هي مثالية بكل المقاييس للانطلاق بهذه الرحلة الطموحة.