من الملحوظ أن العديد من الشركات قد بدأت في الاعتماد بشكل متزايد على الموظفين الذين يعملون عن بعد لإنجاز مهام العمل، ونتيجة لذلك ظهر ما يعرف باسم فرق العمل الافتراضية Virtual Teams، وقد بدأ هذا الاتجاه في الانتشار؛ نظرًا لما يوفره من نفقات كثيرة، حيث إن تكلفة تعيين الموظفين للعمل عن بعد تكون أقل بكثير من تكلفة تعيين الموظفين للعمل في مقر الشركة.
وهذا بالطبع سيوفر الكثير من المال للشركات التي تريد تقليص نفقاتها، واستثمار المال في أوجه أخرى، ولكن انتشار مفهوم الاعتماد على فرق العمل الافتراضية لا يعني بالضرورة أن جميع الشركات ستكون قادرة على إدارة هذه الفرق بنجاح.
وبحسب دراسة تم نشرها في العام الماضي فإن 70% من العاملين على مستوى العالم يعملون مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، كما جاء في تقرير مؤسسة غالوب لعام 2016 أن 24% من الموظفين بالولايات المتحدة الأمريكية يقضون 80% من وقتهم في العمل عن بعد.
ومن الواضح أن التطورات التي حدثت بمجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال الفترة الأخيرة قد ساهمت بشكل كبير في انتشار مفهوم العمل عن بعد، وبالتالي زيادة اعتماد الشركات على فرق العمل الافتراضية.
ولكن على الرغم من ذلك فإن الكثير من فرق العمل الافتراضية لا تعمل بالكفاءة المتوقعة منها، ففي بحث عالمي أجرته مؤسسة OnPoint Consulting على 50 فريق عمل افتراضي يعملون بشركات ذات تخصصات مختلفة تبين أن 27% منهم لايعملون بالكفاءة المطلوبة.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
كما أوضحت نتائج دراسة تم إجراؤها بواسطة MIT Sloan Management Review أن من بين 70 فريق عمل افتراضي كان هناك 18% منهم فقط يعملون بكفاءة عالية، بينما لم يتمكن 82% من هذه الفرق من تحقيق أهداف العمل.
ويعتبر أحد الأسباب الرئيسية لفشل فرق العمل الافتراضية، هو أن الشركات تقوم بتوجيهها وإدارتها باستخدام الممارسات والأساليب نفسها المخصصة لفرق العمل الموجودة بمقر الشركة، دون مراعاة للفروق بينهما.
سنقوم الآن باستعراض أبرز 5 أسباب تؤدي إلى فشل فرق العمل الافتراضية:
1- عدم كفاءة قيادة الفريق.
لا شك أن القيادة هي العامل الأكثر أهمية في نجاح الفرق الافتراضية، وهناك بعض المؤشرات التي تدل على وجود قائد فريق غير فعال وهي كما يلي:
- الفريق لا يفي بأهداف الأداء، ويتم تأخير النتائج، أو تكون ذات جودة ضعيفة.
- العلاقات بين أعضاء الفريق والقائد غير جيدة.
- أعضاء الفريق ليسوا واضحين بشأن اتجاه أو هدف الفريق.
- عدم التفاعل بين أعضاء الفريق لتحقيق الأهداف بفعالية وسرعة أكبر.
ولكي تكون قيادة الفريق فعالة يجب أن يكون لديها القدرة على التعامل بشكل خاص مع العوامل الشخصية، والاتصالات، والعوامل الثقافية؛ للتغلب على قيود المسافة. ويجب على المؤسسات اختيار قادة الفرق الذين يرتاحون للتكنولوجيا، ولديهم المهارات الشخصية المطلوبة لقيادة فعالة في بيئة افتراضية.
قادة الفريق الناجحون قادرون على ضبط سلوكهم من أجل تنظيم فرقهم، وتحديد الأهداف، وتحديد الاتجاه الذي يحتاجون إليه، كما أنهم يحافظون دائمًا على مشاركة الأعضاء من خلال ردود الفعل Feedback في الوقت المناسب، مع حرصهم على تطبيق أفضل الممارسات لبناء الفريق وتعزيز ترابط أعضاءه، بالإضافة إلى حرصهم على عقد الاجتماعات الدورية مع أعضاء الفريق لمناقشة أي أمور ذات اهتمام مشترك.
2- عدم وضوح الأهداف والأولويات.
سواء كان الفريق يعمل بمقر المؤسسة أو كان فريقًا يعمل عن بعد، فإن عدم وضوح الأهداف والأولويات سوف يؤثر بشكل سلبي على الأداء العام للفريق، وبالطبع يزداد الأمر سوءاً إذا كان الفريق يعمل عن بعد، لذلك تقوم فرق العمل الناجحة بإعادة تقييم الأولويات والأهداف كل فترة؛ لضمان عدم الانحراف عن المسار الرئيسي لتحقيق أهداف العمل.
كما أن فرق العمل الافتراضية الناجحة تحرص على عقد العديد من الاجتماعات وجهًا لوجه خلال أول 90 يوم لتأسيسها؛ للتأكيد على الأولويات، والأهداف، والمسؤوليات، ولتعزيز الترابط بين أعضائها، كما يتم خلال هذه الاجتماعات تحديد كيفية عمل الفريق، وبعد ذلك يمكن لقائد الفريق عقد الاجتماعات بشكل افتراضي عبر الإنترنت بأي تطبيق مخصص لهذا الغرض.
3- عدم وضوح أدوار أعضاء الفريق.
من المهم جدًا لأعضاء فرق العمل الافتراضية أن يعرفوا بوضوح أدوارهم، والفرق الناجحة دائما ما يكون لدى أعضائها أدوار عمل واضحة محددة مسبقًا، ويتم تقييمها والتأكيد على وضوحها كل فترة، حيث يضمن ذلك سلاسة تنفيذ المهام، وعدم تجاوز التوقيتات الزمنية المحددة لإنهائها.
يمكن لقيادة فرق العمل الافتراضية إنشاء كتيب إلكتروني يتضمن أدوار كل فرد في الفريق، للرجوع إليه دائمًا عند حدوث أي جدل أو سوء تفاهم خلال تنفيذ أحد المشاريع ذات المهام المتعددة.
4- انخفاض مستوى التعاون.
يتطلب الأمر وقتًا طويلا لإنشاء بيئة عمل قائمة على التعاون بين أفراد فرق العمل التقليدية التي تعمل داخل مقر المؤسسة، ويزداد الأمر صعوبة في حالة فرق العمل الافتراضية، حيث لا يتقابل أعضاء هذه الفرق بشكل دوري مما قد يقلل من فرص التعاون بينهم، وبالطبع يكون التواصل ومستوى التعاون أكبر بكثير في حالة الفرق التقليدية؛ لوجودهم في المكان نفسه.
يجب أن يقوم قائد فريق العمل الافتراضي ببناء نظام تواصل قوي بين أعضاء الفريق، وكذلك تحديد مسار واضح لتدفق مهام العمل، بحيث يسهل على أعضاء الفريق التواصل مع بعضهم البعض؛ لطلب المشورة أو المساعدة، وتبادل البيانات والملفات بسهولة.
5- انخفاض مستوى التواصل والتفاعل.
عند قيادة فرق العمل الافتراضية فإنه من الصعب تقييم مستوى التواصل والتفاعل بين أعضائها؛ لبعدهم عن بعض، وندرة التقائهم وجهًا لوجه، وتجنبًا لانخفاض مستوى التفاعل بين الأعضاء يجب على القادة اكتشاف مؤشرات حدوث ذلك مبكرًا؛ ليتمكنوا من معالجته.
يجب على قادة الفرق الافتراضية تقيم مستوى التفاعل بين أعضاء الفريق من خلال طرح الأسئلة التالية:
- هل يقوم جميع أعضاء الفريق بالمساهمة في المحادثات ومشاريع العمل؟
- هل جميع الأعضاء يحرصون على حضور جميع الاجتماعات؟
- هل لدى أعضاء الفريق القابلية للقيام بمهام أخرى جديدة، أم يشعرون بالضغط؟
- هل أعضاء الفريق يعملون بشكل جيد مع بعضهم، أم أن هناك مشاكل تحدث بينهم؟
البحث عن هذه المؤشرات الشائعة يمكن أن يساعد في منع مشاكل التفاعل من إخراج فريق عن مساره، خاصة أن أعضاء الفرق الافتراضية يمكن أن يشعروا بالملل بسهولة؛ بسبب عدم وجود تفاعل ديناميكي وجهاً لوجه. إذا كان قادة الفرق الافتراضية يقيمون باستمرار مستويات مشاركة أعضاء فرقهم، ومراقبة الأداء لتحسين فعالية الفرق.
كما أن ضعف التواصل، وعدم المشاركة، وقلة الاهتمام خلال الاجتماعات الافتراضية؛ تعتبر من المؤشرات التي تدل على أن بيئة المشاركة والتفاعل المطلوبة لم تتحقق، وبالرغم من أن الاجتماعات وجهاً لوجه تتطلب وقتًا ونفقات، فإن الفرق الافتراضية التي تستثمر في اجتماع أو اجتماعين من هذا القبيل كل عام يكون أداؤها بشكل عام أفضل من تلك التي لا تفعل ذلك.
كما يمكن أن تساعد أيضًا أدوات مثل تطبيقات التواصل عبر الفيديو، وبرمجيات الاتصالات في زيادة الاتصال بين أعضاء الفريق، لذلك يجب أن تستخدم الفرق أدوات مثل: برمجيات إدارة المشروع؛ لإنشاء شعور بالمساحة المشتركة، وأخيرًا يجب على كل فريق تطوير إستراتيجية اتصال يتم إعادة فحصها باستمرار؛ للتأكد من أن الجميع مرتاحون ومتفاعلون مع بعضهم باستخدامها.