أثار قيام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض عقوبات على شركة هواوي الصينية ضجة عالمية وعربية كبيرة، ليس لدى أوساط المهتمين بمتابعة عالم الأعمال فحسب، بل هذه المرة وصلت الضجة إلى شريحة كبيرة من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، الذين قاموا بنقاش وتحليل هذه الخطوة، خاصة أن العقوبات تطال بين من تطال – هواتف هواوي العاملة بنظام أندرويد من جوجل، التي أعلنت أنها ستضطر إلى إيقاف تعاونها مع الشركة الصينية؛ تنفيذًا للقانون الأمريكي.
سنقوم في هذا المقال بطرح ونقاش الموضوع بأسلوب أسئلة وأجوبة، محاولين تغطية كل النقاط التي يحتاج القارئ إلى معرفتها حول القضية.
بقلم: أنس معراوي، مختص بالشؤون التقنية، وخبير بشؤون أندرويد.
ما أهمية هواوي؟
يعرف مُستخدمو الهواتف الذكية هواوي كواحدة من كبرى شركات تصنيع الهواتف المحمولة في العالم، لكنها كذلك من كبرى مُصنّعي تجهيزات الاتصالات، وأبرز مطوّري تجهيزات الجيل الخامس، إلى جانب نوكيا الفنلندية، وإريكسون السويدية.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
توظف الشركة حوالي 80 ألف موظف في قسم البحث والتطوير وحده، وتمتلك عددًا ضخمًا من براءات الاختراع، معظمها في مجال الاتصالات. تصل تجهيزاتها إلى ثلث سكان العالم، أي يوجد احتمال كبير أن اتصالك بالإنترنت حاليًا، أو جميع اتصالاتك الهاتفية تمر جميعها عبر إحدى تجهيزات هواوي في برج اتصال ما، أو مزوّد لخدمة الإنترنت.
هل أمريكا هي الدولة الوحيدة التي تخشى من قيام الصين باستخدام هواوي كوسيلة للتجسس؟
لا! إضافةً إلى أمريكا منعت أستراليا أيضًا الشركات الأسترالية من التعاون مع هواوي منعًا كاملًا. في حين منعت كل من نيوزلندا واليابان وبريطانيا منعًا جزئيًا (منع استخدام تجهيزات هواوي ضمن شبكات اتصال مُعينة، تتضمن معلومات حساسة عن المُستخدمين، أو تتيح التنصت على الاتصالات).
هل المنع جاء لأسباب تجارية (الخوف من المُنافسة)، واستُخدِم التجسس كحجّة؟
لا! التجسس خطر حقيقي (كما سنُفصل لاحقًا). من السذاجة الاعتقاد بأن بعض أكبر اقتصادات العالم كالولايات المتحدة وبريطانيا واليابان ستتآمر على شركة واحدة فقط، كي تُبعد هواوي عن المُنافسة. الدول المذكورة لا تمتلك أصلًا شركات يُمكن اعتبارها مُنافسة لهواوي من حيث تخصصها الأهم (البنية التحتية لشبكات الاتصال).
في الحقيقة، لو كان الهدف هو إخراج هواوي من المنافسة لكان ممكنًا للولايات المتحدة أن تضرب هواوي ضربة قاتلة بمعنى الكلمة. رغم التطور الكبير الذي حققته هواوي إلا أنها مثل غيرها من الشركات الصينية، ما زالت تعتمد بشكل كبير على التقنيات الغربية، التي لو قُطعت عن هواوي لاعتُبِر ما تتعرض له الشركة الآن مجرد لهو، ومزاح . فعلى سبيل المثال، تعتمد مُعالجات شركة هواوي على ترخيص تصاميم المعالجات من شركة ARM البريطانية (حليفة الولايات المتحدة)، كما تقوم بتصنيع مُعالجاتها، والكثير من شرائحها الإلكترونية لدى سامسونج، (وكوريا الجنوبية أيضًا حليفة قوية للولايات المتحدة). في حال كانت هناك مؤامرة لإخراج هواوي من المنافسة يكفي قطع هذه الخدمات عنها. إضافة إلى سامسونج تصنع هواوي جزءًا من شرائحها لدى TSM التايوانية، التي تملك الولايات المتحدة الضغط عليها أيضًا؛ لامتلاك الشركة التايوانية سوقًا كبيرًا في الولايات المتحدة.
في العام 2017 أصدر ترامب قرارًا بمنع الشركات الأمريكية من التعامل مع شركة ZTE الصينية؛ بسبب التفافها على العقوبات المفروضة على إيران. ولأن ZTE تعتمد على شرائح شركة كوالكوم الأمريكية في 70% من هواتفها توقف إنتاج الشركة، وخسرت مليار دولار خلال أيام، وكادت تُعلن إفلاسها لولا التماس الرئيسي الصيني لدى ترامب، ووعد الشركة بعدم اللجوء للاحتيال مرة أخرى. طبعًا هواوي أكبر بكثير من ZTE، لكن هذا المثال يُظهر أن الشركات الصينية بحاجة كبيرة إلى التكنولوجيا الغربية، ولو كان الموضوع هو الخوف من المنافسة لاتخذت الولايات المتحدة أساليب أقسى.
هل المخاوف من استخدام الصين لهواوي كوسيلة للتجسس هي مخاوف حقيقية؟
نعم! تمتلك الصين تاريخًا طويلًا من التجسس الإلكتروني، وسرقة المعلومات. حيث اتُهِمت باختراق مؤسسات حكومية أمريكية ودولية. وقد صُنِّفت أخيرًا – من قبل عدد من مؤسسات الأمن الرقمي – بأنها باتت أخطر من روسيا في مجال الهجمات الإلكترونية، التي ترعاها الحكومات state-sponsored attacks.
تسرق الصين – وبشكل مُنظم – براءات الاختراع.
والمُضحك أن الصين لا تنكر ذلك، حيث عقدت في عام 2015 اتفاقية مع الولايات المتحدة تتعهد فيها بوقف رعاية سرقة براءات الاختراع، وهو اعتراف ضمني بأفعالها. وينبغي علينا ألّا نتجاهل كون الصين دولة دكتاتورية، دولة حكم الحزب الواحد، والفرد الواحد، والشركات هناك مُجبرة على تنفيذ أوامر المُخابرات الصينية.
لكن ألا تقوم الولايات المُتحدة بالتجسس أيضًا؟ ما هذه المهزلة؟
لعله من أكثر الأسئلة تكرارًا. الإجابة بكل بساطة هي نعم، لكن هناك فارق:
– فحسب المعلومات المتوفرة لدينا من تسريبات سنودن، والتي تضمنت تسريب كامل قائمة الكلمات المفتاحية، التي طلبت NSA (هيئة الأمن القومي الأمريكية) من الشركات فلترتها، فإن التجسس تضمن مراقبة كلمات تتعلق بالإرهاب مثل (قنبلة بريدية Mail Bomb، حماية الشخصيات الهامة VIP Protection، حرب المعلومات Information Warfare … إلخ). لا يبدو بحسب تسريبات سنودن بأن الولايات المتحدة استخدمت الشركات الأمريكية لأهداف تتعلق بافتعال اضطرابات عالمية في دول أخرى، أو سرقة براءات اختراع من دول أخرى، أو التجسس على رجال أعمال وصفقات اقتصادية، وهي جميعها أشياء تفعلها الصين، وستفعلها بشكل أقوى لو أُتيح لها ذلك. لاحظ أني لا أقول بأن الولايات المُتحدة لا تفتعل الاضطرابات، أقول فقط بأنها لا تستخدم الشركات الأمريكية – مثل جوجل، أو آبل – أداةً لهذا الغرض، وفقًا لما يتوفر لدينا من معلومات وتسريبات.
– الصحافة الحرّة: في الولايات المتحدة صحافة حرّة، فتسريبات سنودن نشرتها صحف أمريكية. ونشر التسريبات أدى إلى اتخاذ الشركات احتياطات قوية، كتشفير جميع المحادثات الفورية بتقنية End-to-end-encryption، حيث إن الشركات نفسها (كجوجل، أو آبل، أو فيسبوك مثلًا) لا تستطيع الاطلاع على محتوى المحادثة، ولا تمتلكه، ومن ثَمَّ فهي لا تستطيع تقديم المعلومات للمخابرات الأمريكية، لو طُلِب ذلك منها. أعرف أن الكثير من غير المتخصصين تقنيًا يضحكون من هذا الكلام؛ لعدم معرفتهم التقنية، ولا يقتنعون به، لكنه حقيقي.
هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لن تستمر بالتجسس الإلكتروني. لكن معلوماتي ومعلوماتك هي أكثر أمنًا في جوجل أو آبل منها في شركة صينية، حيث لا حدود ولا مُساءلة ولا محاسبة، ولا صحافة، ولا من يحزنون.
هل يعني هذا القرار أن الولايات المتحدة ضربت بالسوق الحرة، وقوانين التجارة والمنافسة العالمية عرض الحائط؟
لا نختلف بأن سياسة الحماية Protectionism التي يتبعها ترامب خطيرة جدًا، وغبية بالفعل، لكن عندما نتحدث عن الصين يبدو أن الكيل قد طفح بالنسبة للديموقراطيات الغربية، إذ إن الصين تضرب بالكثير من اتفاقيات التجارة العالمية (الموقّعة عليها) عرض الحائط.
لا تتقيد الصين نفسها باتفاقيات وأخلاقيات التجارية الحرة. حيث تقوم بشكل مستمر برفع دعاوى قضائية على الشركات الأجنبية العاملة في الصين، هذه الدعاوى تكون بحجة الاحتكار، لكن هدفها الحقيقي هو إجبار الشركات على الكشف عن جزء من تقنياتها، التي تُعتبر من أسرار المهنة؛ كي تستفيد الصين بدورها من هذه التقنيات. كما أنها لا تُعطي الشركات الغربية مساحة الاستثمار نفسها، التي تمنحها للشركات المحلية، وذلك يتعارض مع اتفاقيات منظمة التجارية العالمية، في حين فتحت الشركات الغربية أبوابها للاستثمارات الصينية على مصاريعها منذ العام 2001 (تاريخ انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية)، ولم توضع الاستثمارات الصينية في الغرب موضع التساؤل والتدقيق إلا مؤخرًا.
مع كامل تحفظي واعتراضي على سياسات ترامب الاقتصادية، من فرض رسوم على البضائع الصينية والأوروبية، والتضييق عليها، إلا أن الصين ليست ضحية حيث يجب عليها أيضًا احترام قوانين التجارة العالمية، وإظهار أنها تريد أن تكون لاعبًا (طبيعيًا) غير مثير للمشكلات في العالم.
هل ثبت بالفعل أن هواوي تتجسس عبر تجهيزات الاتصال الخاصة بها؟
وفق تقارير عديدة قد ثبت وجود العديد من الثغرات والبوابات الخلفية، في بعض تجهيزات هواوي، لكن لم يثبت أن الشركة (أو الحكومة الصينية) قد استغلت هذه الثغرات لأهداف تجسسية. وبحسب تقرير نشرته صحيفة بلومبيرغ الشهر الماضي، فقد صرّحت فودافون البريطانية أنها عثرت على بوابات خلفية في بعض تجهيزات الاتصال، التي تستخدمها من شركة هواوي، وذلك بين العامين 2009 و 2011، إلا أن الشركة لم تُعلن عن الأمر في ذلك الحين، واكتفت بإصلاح الثغرات، حيث ذكرت أن استبدال الأجهزة المُصابة سيكون عملية مُكلفة.
وبحسب مؤسسات أمنية بريطانية – بعضها مُكلّف من قِبَل الحكومة، أو شركات الاتصالات بفحص تجهيزات هواوي، بشكل دوري (منذ العام 2005) – فإن منتجات هواوي مليئة بالثغرات البرمجية، التي يمكن تطويعها من قبل القراصنة، وتحويلها إلى بوابات خلفية، حيث يمكن لهذه الثغرات أن تبدو كالثغرات العادية، التي لا تخلو منها البرمجيات عادةً، والتي يمكن للقراصنة العثور عليها (بالصدفة)، واستغلالها بشكل لا يجعلها تبدو كأنها مزروعة عمدًا.
هواوي نفسها اعترفت بالثغرات الموجودة في أجهزتها، ووعدت باستثمار ملياري دولار لتحسين وتطوير برمجياتها، من الناحية الأمنية.
إحدى هيئات الاستخبارات الإلكترونية البريطانية قالت إنه تم العثور على 70 نسخة من أربع إصدارات مختلفة من بروتوكول Openssl للاتصالات، ضمن أحد تجهيزات هواوي. هذا البروتوكول يُعتبر قياسيًا في عالم الاتصالات، وهو آمن إلى حد بعيد، لكن دائمًا ما يعثر على ثغرات فيه، ويُحدث بشكل مُستمر، ومن المُثير أن يوجد في بعض أجهزة هواوي نسخ مختلفة منه، بعضها قديم. ولا أحد يعرف إن كان كل هذا بسبب الإهمال البرمجي، والاستعجال في بيع الأجهزة، أم أنه مزروع عمدًا، لكنه أمر مُثير للشك بشكل كبير.
لماذا يُعتبر الجيل الخامس من الاتصالات هو المُحرّك الرئيسي للخوف الغربي من هواوي؟
يُقدم الجيل الخامس تطويرًا كبيرًا في مجال الاتصالات، ولا يقتصر فقط على السرعات العالية للاتصال بالإنترنت التي يُقدمها، بل هو مُصمم خصيصًا لأجهزة إنترنت الأشياء. وسيتم اعتماد الجيل الخامس لبناء المُدن الذكية، حيث يكون كُل شيء مُتصل بالإنترنت، بدءًا من السيارات وإشارات المرور، وانتهاءً بكاميرات المُراقبة. كما يُمكّن الجيل الخامس الأجهزة من التواصل بعضها مع بعض بشكل مُباشر، (تخيّل إشارات مرور تُعدّل من عملها تلقائيًا، وفقًا لتحليلها الفوري لحركة السير، عبر مجموعة من الحساسات المزودة بها، ثم تتواصل مع إشارات المرور الأخرى؛ للحصول على معلومات إضافية، أو تخيّل أن السيارات الذاتية القيادة ستُصبح قادرة على التواصل مع بعضها البعض؛ لتحسين حركة المرور، وتجنب الحوادث).
هذا فقط مثال واحد على تطبيقات الجيل الخامس، الآن تخيّل دولة مثل الصين وقد امتلكت وصولًا دقيقًا، بالوقت الحقيقي لحركة السيارات في مدينة غربية، مع إمكانية مُراقبة ومُتابعة سيارة بعينها، ومعرفة صاحبها وتحركاته. إنه سيناريو مُرعب، أليس كذلك؟
فكرة الجيل الخامس أنه يُخرج الإنترنت من مركزيتها، إذ لم تعد الإنترنت موجودة في سيرفرات مُعينة يُخشى من اختراقها، بل باتت موجودة في كل مكان حولنا، وفي جميع الأشياء، بدءًا من السيارة وانتهاءً بفرن المايكرويف. لهذا السبب تُريد الولايات المتحدة أيضًا حث حلفائها على عدم استخدام هواوي في تجهيزات الجيل الخامس.
دعنا من الجيل الخامس، ما مصير هواوي بعد أندرويد؟
جوجل، كغيرها من الشركات الأمريكية، ليس بوسعها مخالفة القانون الأمريكي ومن ثَمّ فقد اضطّرت للإعلان عن وقف منح ترخيص استخدام أندرويد في هواتفها الجديدة، لكن هنا ينبغي أن نوضح بعض الأمور:
– أندرويد هو نظام مفتوح المصدر، وبالتالي يحق لهواوي الاستمرار باستخدامه بغض النظر عن العقوبات.
– ما لا يحق لهواوي استخدامه هو خدمات جوجل. هذا يعني أنها لا تستطيع تزويد هواتفها المُستقبلية بمتجر تطبيقات جوجل، ولا بأي من تطبيقات جوجل مثل يوتيوب، أو الخرائط. الأسوأ من ذلك: الكثير من تطبيقات أندرويد غير التابعة لجوجل، تستخدم وراء الكواليس خدمات تُقدمها جوجل، كخدمة تحديد الموقع مثلًا، أو خدمة إرسال الإشعارات عبر مُخدّمات جوجل، هذا يعني أن الكثير من التطبيقات لن تعمل على هاتف هواوي بنسخة أندرويد المفتوحة المصدر، الخالية من خدمات جوجل.
– هواوي تطوّر منذ سنوات نظام تشغيل خاص بها لكننا لا نعرف شيئًا عنه بعد. قد يكون نظامها مبنيًا على النسخة المفتوحة المصدر من أندرويد، وقد لا يكون. كما تمتلك هواوي بالفعل متجر تطبيقات خاصًا بها. لكن من المُستبعد جدًا أن تحقق هواتف هواوي أي نجاح خارج إطار جوجل. في النهاية هناك شركات عملاقة خسرت المُنافسة، وخرجت من سوق الهواتف الذكية، من أبرزها مايكروسوفت. حتى بلاك بيري التي كانت لها صولات وجولات استسلمت وانتقلت إلى أندرويد في النهاية.
نظام التشغيل هو ليس كل شيء، فحتى لو طورت هواوي أفضل نظام تشغيل في العالم، إلا أن الأهم هو الخدمات المُحيطة بنظام التشغيل. لن تنجح هواوي بما فشلت فيه مايكروسوفت بجلالة قدرها. هذا مؤكد!
المشكلة الثانية هي أن الموضوع لا يتعلق بنظام التشغيل وحده، حيث تعتمد شركة هواوي على العديد من القطع الأخرى في تصنيع هواتفها وتشتريها من شركات أمريكية. من هذه القطع وحدات الذاكرة، وشرائح اتصال 3G و LTE، وبعض أجزاء الكاميرا، وغير ذلك. وبعد أن أعلنت شركة ARM اليوم وقف تعاملها مع هواوي، فإن الشركة مُهددة جديًا بأن تتوقف عن إنتاج الهواتف، ما لم تجد بدائل، وهو أمر صعب، وعالي التكاليف.
هل يجب أن أُلقي هاتفي الهواوي في القمامة؟
انتظر لا تتسرع! الحكومة الأمريكية أصدرت قرارًا يُتيح للشركات الأمريكية الاستمراربالتعامل مع هواوي لمدة ثلاثة أشهر، ستتمكن خلالها من استخدام هاتفك بشكل طبيعي، بما في ذلك استقبال التحديثات. ومن المُحتمل أيضًا أن يُتَوصَّل إلى اتفاق خلال هذه الفترة يؤدي إلى عودة الأمور إلى نصابها.
في حال لم يُتَوصَّل إلى اتفاق، ستتمكن من الاستمرار باستخدام هاتفك الحالي بشكل طبيعي، لكن سيتوقف وصول تحديثات أندرويد الجديدة إليك. أما إن كنت تُفكر بشراء هاتف جديد هذه الفترة، فبكل تأكيد لا تشترِ هواوي!
هل يشمل القرار الشركات الصينية الأخرى مثل شاومي أو لينوفو؟
ليس حاليًا، لكن الباب مفتوح! الرئيس ترامب أصدر قرارين، الأول لم يحدد فيه الصين أو هواوي، بل اكتفى بذكر المخاطر على الأمن القومي الأمريكي، مما وصفها بالاعتداءات الخارجية، ومحاولات التجسس على الولايات المتحدة، من خلال زرع واستغلال الثغرات في أجهزة التكنولوجيا الرقمية. ثم بعد ذلك قام بتحديد هواوي بالاسم في قرار لاحق. هذا يعني أن الاحتمالات تظل مفتوحة لإضافة شركات أخرى إلى القائمة السوداء.
ما مصير الشركات الأمريكية التي تصنع أجهزتها في الصين؟
لا يوجد ما يمنعها من الاستمرار بعملها، وأرى من المُستبعد أن تقوم الصين بالرد على قرار ترامب بقرار آخر، يمنع الشركات الصينية من التعامل مع الشركات الأمريكية. الحكومة الصينية تُدرك أن شركاتها بحاجة ماسّة إلى التكنولوجيا الأمريكية. والصين في الواقع تتجه إلى التهدئة، ومحاولة حل الأمر، وليس تصعيده؛ لأن التصعيد ليس في صالحها.
لماذا لا تلجأ الدول الغربية ببساطة إلى الشركات المُنافسة لهواوي، مثل نوكيا وإريكسون؛ لتشغيل شبكات الجيل الخامس بدون كل هذه الضجة؟
شركات الاتصال الغربية بحاجة لشركة هواوي. ورئيس شركة فودافون حذر بأن منع هواوي سيؤدي إلى تأخير تبني تقنية الجيل الخامس لمدة عام على الأقل، وبتكلفة أعلى بكثير. الفكرة هي أن هواوي تُنافس الشركات الغربية من حيث القدرة والإمكانيات بمجال تجهيزات الجيل الخامس، ويمكنها تنفيذ المشاريع الضخمة بمهارة وتكلفة أقل. فببساطة عدد الشركات القادرة على تركيب شبكات الجيل الخامس قليل نسبيًا، أي أن الطلب أكثر من العرض أساسًا، حتى مع وجود هواوي. شركات الاتصال العالمية تُريد تركيب وتشغيل شبكات الجيل الخامس قبل مُنافسيها؛ كي تكون رائدة في هذا السوق، وهي لا تحتمل أي تأخير.
هل من المتوقع أن تقوم أوروبا بمنع هواوي أيضًا؟
ليس منعًا كاملًا، بل قامت بعض الدول الأوروبية فعلًا بمنع تركيب تجهيزات هواوي ضمن الشبكات ذات الحساسية الأمنية. فالولايات المتحدة كانت قد هددت ألمانيا بوقف التعاون الاستخباري معها في حال منحت هواوي عقودًا لتشغيل شبكة الجيل الخامس. وبعض الدول قد تتجاوب مع الولايات المتحدة بشكل كامل أو جزئي. لكن هذا سيقتصر على تجهيزات الاتصالات فقط، ولن يشمل منع بيع الهواتف. لكن لا توجد حتى الآن قرارات أوروبية واضحة أو نهائية بهذا الصدد.
هل ستنتهز أوروبا الفرصة وتمنع هواوي بهدف دعم شركاتها المحلية؟
هذا مُستبعد جدًا. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الإيكونومست فإن أوروبا تحقق أرباحًا كبيرة من تجارتها في السوق الصينية، وإن ازدهار شركات الاتصال الأوروبية لن يُعوّض ما قد تخسره أوروبا لو قررت الصين الرد بحرب تجارية معها. ناهيك عن أن استبعاد هواوي سيؤخر طرح الجيل الخامس في أوروبا المُتخلفة أصلًا بما يُقدّر بحوالي 3 إلى 4 سنوات عن الولايات المتحدة في انتشار الجيل الرابع! كما وصفت الصحيفة بأن المنع الكامل لهواوي في أوروبا سيكون كارثيًا؛ لأن نحو 200 مُشغّل للجيل الرابع في القارة تعتمد تجهيزات هواوي، ومنع الشركة يعني إيقاف صيانة وتحديث هذه التجهيزات.
هل من فرصة للحل؟
الأمل موجود للعثور على حل. هواوي من جهتها قالت بأنها مُستعدة لتقديم كل تعاون ممكن مع الحكومة الأمريكية لحل المسألة. ولا يبدو أن الولايات المتحدة تهدف إلى تدمير هواوي بقدر ما تريد ضمان أمنها القومي، والدليل تراجعها سابقًا عن عقوبات شركة ZTE، بعد أن تعهدت بالتعاون. أتوقع أنه لو تمكنت الولايات المتحدة من الحصول على ضمانات من حلفائها الأوروبيين بعدم استخدام تجهيزات هواوي في الشبكات ذات الحساسية الأمنية، واكتفت بمنع شركات الاتصال الأمريكية من استخدام تجهيزات هواوي للجيل الخامس، يمكن أن ترفع الحظر الكامل، وتعود الأمور إلى مجاريها بالنسبة لاستثمارات هواوي في مجال الهواتف الذكية. أما في حال لم عدم التوصل إلى حل، فقد لا ترى هاتفًا جديدًا من هواوي، على الأقل خارج السوق الصينية.
لكن هذا لا يكفي، لا بد أن تقوم الحكومة الصينية أيضًا بتقديم تعهدات ووعود بالكف عن استخدام شركاتها كأداة للتجسس، وأن تتوقف عن التصرف كدولة مارقة.