في العالم الرقمي؛ تُنتج كميات هائلة من البيانات، من خلال كل بحث يُجرى على محرك جوجل لكل دقيقة يقضيها المستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من الأنشطة الرقمية الأخرى، والآن مع انتشار الساعات الذكية، وتطور الأجهزة القابلة للارتداء، سيصبح العالم آلية موجهة لجمع البيانات.
يُشير مصطلح البيانات الضخمة إلى كميات هائلة من المعلومات المختلفة، التي يصعب جمعها وتقييمها عبر التقنيات التقليدية، بالإضافة إلى أنها تتميز بالحاجة للمعالجة السريعة، بحيث يمكن من خلالها عرض النقاط المشتركة، والتوجهات، والأنماط في سلوك المجموعة المستهدفة.
تعتبر مراقبة البيانات عملية صعبة؛ لأنها تضم عدة عناصر هامة بدءًا من الأمان، والخصوصية، وحتى تلبية معايير الامتثال والاستخدام الأخلاقي للبيانات، وعندما يتعلق الأمر بالبيانات الضخمة فإن المشكلات والتحديات تزداد حجمًا؛ لأن البيانات غير منظمة، ولا يمكن التنبؤ بها، حيث تشير الإحصائيات إلى أنه بحلول عام 2020 سيكون هناك نحو 44 تريليون جيجابايت من البيانات.
تكافح الشركات التجارية الكبيرة لاكتشاف طرق لتخزين البيانات وإدارتها، واستخدامها، وتحليلها؛ لتحقيق أقصى استفادة منها، وقد أوضح استطلاع رأي قامت به مؤسسة NewVantage Partners أن نحو 37.1% فقط من الشركات تعتقد أنها ناجحة في محاولة استخدام البيانات الضخمة، في حين تعتقد 71.7% من الشركات أنها لم تقم بعد بصياغة ثقافة الاعتماد على البيانات، ونسبة 53.1% من الشركات صرحت بأنها لم تتعامل بعدُ مع البيانات كأصل تجاري.
لذلك من الآن فصاعدًا؛ يجب على الشركات فَهْم تحديات التعامل مع البيانات الضخمة واستغلالها، والحلول التي يجب اعتمادها للتغلب على هذه التحديات.
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
فيما يلي أبرز 5 تحديات تواجهها الشركات عند استخدام البيانات الضخمة، وطرق حلها:
1- عدم فهم أهمية البيانات الضخمة:
في كثير من الأحيان؛ تفشل الشركات في معرفة الأساسيات نحو: ماهية البيانات الضخمة، وفوائدها، والبنية التحتية اللازمة لاعتمادها، وما إلى ذلك. وبدون فهم واضح لكل هذه الأساسيات سيفشل مشروع تبني البيانات الضخمة، وقد تُضيع الشركات الكثير من الوقت، والموارد على أشياء لا تعرف كيفية استخدامها.
كما أن التحدي الأكبر يتمثل في الموظفين، وتدريبهم، فإذا كان الموظفون لا يدركون فوائد البيانات الضخمة، أو لا يرغبون في تغيير منهجية العمليات الحالية من أجل تبنيها، فسيقومون بمقاومتها، ومن ثَمَّ إعاقة تقدم الشركة.
الحل: لكون البيانات الضخمة تُمثل تغييرًا كبيرًا للشركة، يجب قبولها، وتَبنيها من قِبل الإدارة أولًا، ومن ثم توضيح مدى أهميتها للموظفين كلٍ حسب منصبه الوظيفي، لضمان فهم أهمية الأمر وقبوله من جميع المستويات، لذلك تحتاج أقسام تكنولوجيا المعلومات إلى تنظيم العديد من الدورات التدريبية، والورش.
ولمعرفة المزيد عن قبول الإستراتيجيات الجديدة للبيانات، يجب مراقبة طريقة تطبيق الموظفين لها، ولكن يجب ألا تُبالغ الإدارة في السيطرة؛ لأن ذلك قد يكون له تأثير سلبي.
2- جودة البيانات:
تواجه الشركات مشكلة تكامل البيانات، نظرًا لأن البيانات التي تحتاج إلى تحليلها تأتي من مصادر متنوعة، في مجموعة متنوعة من التنسيقات المختلفة، فعلى سبيل المثال: تحتاج شركات التجارة الإلكترونية إلى تحليل البيانات من سجلات المواقع الإلكترونية، ومراكز الاتصال، ومواقع المنافسين، ومن الواضح أن تنسيقات البيانات ستكون مختلفة، وتصعب مطابقتها.
كما يوجد تحدٍ أكبر وهو البيانات عدم الموثوق بها، حيث إن البيانات الضخمة ليست دقيقة بنسبة 100%، ليس فقط لأنها يمكن أن تحتوي على معلومات خاطئة، ولكن لأنها يمكن أن تكون متكررة، وكذلك قد تحتوي على تناقضات. ومن غير المحتمل أن توفر البيانات ذات الجودة المتدنية أي معلومات مفيدة، أو فرصًا مهمة، بل قد تؤدي المعلومات غير الدقيقة إلى زيادة خطر اتخاذ قرارات تجارية خاطئة تضر بالشركة.
الحل: هناك مجموعة كاملة من التقنيات المخصصة لفحص وإعداد البيانات، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من الحفاظ على جودة البيانات على المدى الطويل.
كما يمكن للشركات البحث عن أدوات الأتمتة التي يمكن أن تؤدي مهام إعداد البيانات، ويمكن تحديد البيانات التي لا تحتاجها مطلقًا، من خلال إنشاء عمليات مؤتمتة لفحص البيانات الضارة في بداية عمليات الجمع؛ للتخلص من هذه البيانات قبل أن تصل إلى الشبكة.
3- إنفاق الكثير من المال:
مشاريع اعتماد البيانات الضخمة تستلزم الكثير من النفقات، حيث يجب مراعاة تكاليف الأجهزة الجديدة، وتعيين موظفين مثل: مديري النظم، والمطورين، وما إلى ذلك. وبالرغم من أن الأنظمة اللازمة مفتوحة المصدر، إلا أنك لا تزال بحاجة إلى دفع تكاليف تطوير البرامج الجديدة، وإعدادها، وصيانتها.
وإذا قررت الاعتماد على أحد حلول البيانات الضخمة المستندة إلى الخدمات السحابية، فستظل بحاجة إلى تعيين موظفين، ودفع تكاليف الخدمات السحابية، وتطوير حلول البيانات الضخمة، بالإضافة إلى إعداد وصيانة الأُطر اللازمة للعمل.
الحل: سيعتمد الحل الأمثل على الاحتياجات التكنولوجية المحددة لأهداف شركتك، فعلى سبيل المثال: الشركات التي تريد المرونة يمكنها الاستفادة من الحلول السحابية، في حين أن الشركات ذات المتطلبات الأمنية الصارمة يمكنها الاعتماد على حلول البرمجيات الداخلية On-premises software.
هناك أيضًا حلول مختلطة، بحيث تُخزن أجزاء من البيانات، وتعالج اعتمادًا على الحلول السحابية، وكذلك يعتمد على البرمجيات الداخلية، التي يمكن أن تكون أيضًا فعالة من حيث التكلفة. أو يمكن اللجوء إلى إستراتيجيات بحيرات البيانات Data lakes، أو الخوارزميات المُحسنة، وإذا تم ذلك بشكل صحيح يمكن أن يوفر أيضًا الكثير من المال.
- يمكن أن توفر بحيرات البيانات فرص تخزين رخيصة للبيانات، التي لا تحتاج إلى تحليل في الوقت الحالي.
- الخوارزميات المحسّنة يمكن أن تقلل من استهلاك الطاقة الحاسوبية بمقدار 5 إلى 100 مرة، أو أكثر.
4- مشاكل الترقية، والتكامل:
الميزة الأكثر شيوعًا في البيانات الضخمة هي قدرتها الكبيرة على النمو، والحاجة إلى دمج البيانات من أقسام العمل المختلفة، ولذلك قد يلجأ البعض لتصميم حلول خاصة، وتعديلها للترقية، دون بذل جهود إضافية. ولكن المشكلة الحقيقية ليست إدخال قدرات معالجة، وتخزين جديدة، ولكن التعقيد يكمن في القدرة على التوسع، مع الحفاظ على مستوى أداء نظامك، وإبقاء الأمر في حدود الميزانية.
الحل: الاحتياطات الأولى والأهم لتحديات مثل هذه: هي بنية لائقة لحل البيانات الضخمة، وشيء آخر مهم للغاية هو تصميم خوارزميات البيانات الضخمة الخاصة بك، مع مراعاة رفع المستوى في المستقبل.
كما ستحتاج أيضًا إلى التخطيط لصيانة ودعم النظام، بحيث يمكن متابعة أي تغييرات متعلقة بنمو البيانات بشكل صحيح، وعلاوة على ذلك فإن إجراء عمليات تدقيق منتظمة للأداء يمكن أن يساعد في تحديد نقاط الضعف، ومعالجتها في الوقت المناسب.
5- المشاكل الأمنية:
في الكثير من الأحيان؛ تُؤجل مشاريعُ تبني البيانات الضخمة موضوعَ الأمن الإلكتروني إلى مراحل لاحقة، ولا شك أن هذه مخاطرة كبيرة، حيث تتطور تقنيات البيانات الضخمة، لكن ميزات الأمان الخاصة بها لا تزال مهملة.
الحل: يجب إعطاء التدابير اللازمة لمواجهة تحديات أمان البيانات أولوية كبرى، حيث إن أمن البيانات أمر مهم جدًا خاصة في مرحلة تصميم بنية الحل الخاص بالشركة، تجنبًا لحدوث أي شيء غير متوقع قد يؤدي إلى فشل المشروع بالكامل، وتهديد أمن الشركة نفسها.