وأشار الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية، يوني بن مناحيم، في مقاله بموقع نيوز ون الإخباري، ترجمته "عربي21" إلى أن "رئيس السلطة الفلسطينية يرى نفسه متشجعا من التطورات السياسية الأخيرة في إسرائيل، ويعتقد أن انقلابا سياسيا قادما فيها سيقضي على مخططات الضم التي تسعى حكومة الليكود للقيام بها".
وأكد بن مناحيم، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية-أمان، أنه "في الوقت الذي تنشغل فيه إسرائيل بخلافاتها الداخلية عقب إعلان النتائج النهائية لانتخابات الكنيست، فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب تحاول بصورة سرية تنفيذ صفقة القرن أمام عدد من الدول العربية المعتدلة والسلطة الفلسطينية وحماس، رغم المعارضة الفلسطينية غير المسبوقة لإنجاز خطة السلام الأمريكية".
وأوضح أن "زعيم حماس إسماعيل هنية فجر مؤخرا قنبلة سياسية حين أكد أن إدارة ترامب حاولت عدة مرات فتح قنوات اتصال مع الحركة، وإجراء لقاءات مع ممثلي حماس للدفع قدما بصفقة القرن، لكن حماس رفضت هذه العروض الأمريكية، واعتبرتها تخدم المصالح الأمريكية".
وكشف النقاب عن أن "الادارة الأمريكية لم تنف كلام هنية، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة تعيش تحت ضغط اللحظة، وتحاول إظهار المزيد من الجهود لتنفيذ صفقة القرن بعد إعلان حماس حركة إرهابية في يناير 2018، وإدخال عدد من كبار قادتها في قوائم الإرهاب، لكن إدارة ترامب تعلم جيدا أن حماس تحولت إلى طرف إقليمي مهم، لا يمكن تجاوزه".
وأكد أن "محاولات الإدارة الأمريكية للتواصل مع حماس تعود إلى إدراك واشنطن لقدرة الحركة على إرباك المخططات الأمريكية لتنفيذ صفقة القرن، كما حاولت سابقا إفشال اتفاقات أوسلو من خلال عملياتها التفجيرية في الضفة الغربية وداخل إسرائيل ذاتها".
وأشار إلى أن "الأوساط في حماس ترى أن السلطة الفلسطينية ليست العنوان الوحيد للقيادة الفلسطينية اليوم، لأنها فشلت في تنفيذ اتفاق أوسلو، وتعلم الحركة تماما أن أي اتفاق سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين لن يكتب له البقاء في المنطقة دون موافقتها".
وأشار إلى أن "القنبلة السياسية التي فجرها هنية ليست عفوية، حيث جاءت خلال زيارته إلى روسيا، والتقى وزير خارجيتها سيرغي لافروف، واتفق معه على خطوات مشتركة لإحباط صفقة القرن، مع أن أوساط حماس أشارت إلى أن واشنطن قد تكون مستعدة لإزالة حماس وقادتها من قوائم الإرهاب، إن وافقت على الدخول في مفاوضات، كما فاوضت سابقا مع حركة طالبان لوقف الحرب الدائرة في أفغانستان بعد 18 عاما".
وختم بالقول إن "رفض حماس لإجراء مباحثات سرية مع واشنطن كفيل بزيادة ضغوط الأخيرة على الحركة في الإقليم والمجتمع الدولي والدول العربية المعتدلة، خصوصاً مصر والسعودية وعمان والبحرين والإمارات، وهذا الأسبوع قد تبدأ محاكمة 14 من نشطاء حماس ممن اعتقلوا في الشهور الأخيرة بتهمة نقل أموال للحركة في غزة".
وأشار الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي، تال ليف-رام، في مقاله بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أنه "يمكن الاستخلاص من ذلك، إلى أن حماس تستطيع فرض وقف إطلاق النار، ومنع محاولات تنفيذ عمليات على طول الجدار الحدودي، وفي حال أرادت ذلك فإنها ستقوم بالطبع".
وأكد أن "ذلك لا يتعارض مع استمرار محاولات باقي المنظمات المسلحة في غزة بتنفيذ عمليات إطلاق النار بصورة تدريجية، لتصعيد الوضع الأمني في الجبهة الجنوبية في غزة، وهو ما حصل في الشهور الثلاثة السابقة التي سبقت التصعيد الأخير في القطاع".
وأشار إلى أن "كل ذلك ينفي مصداقية التقديرات الإسرائيلية القائلة إن ما يحصل على حدود القطاع، هو عمليات تنفذها منظمات صغيرة ليس أكثر، لأنه في بعض الأحيان تغض حماس الطرف عما تقوم به هذه المنظمات، وفي بعض الأحيان كانت تخدم هذه الجهود مصالح حماس وأهدافها، من أجل تفعيل مزيد من الضغط على إسرائيل، من أجل تمرير المزيد من التسهيلات في القطاع في الشهور الأخيرة".
وأضاف أنه "منذ تصعيد تشرين الثاني/ نوفمبر عند اغتيال بهاء أبو العطا، وافق المستوى السياسي على مقترح المستوى العسكري للتوصل لتسوية في قطاع غزة، والامتناع عن مواجهة عسكرية، وهذا السبب الذي أظهر فيه الجيش حالة من ضبط النفس بعد إطلاق القذائف الصاروخية، وفي المقابل وافقت على إدخال المواد الإسمنتية، وزيادة البضائع المصدرة والمستوردة من وإلى خارج القطاع، وزيادة أعداد العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل".
وأوضح أن "حماس أوقفت في المقابل عملياتها الحدودية مع غزة، بما فيها المسيرات الأسبوعية، وإطلاق البالونات الحارقة، مع العلم أننا لسنا أمام خطوات نوعية، وقد أثبتت الأيام اللاحقة لذلك الاتفاق عن قدرة حماس على الالتزام بتعهداتها، لكن الأحداث أثبتت أننا أمام هدوء زمني مؤقت ليس أكثر".
وأشار إلى أن "ما يؤكد ذلك أن حماس وباقي التنظيمات الفلسطينية في غزة، أعلنت أنها ستجدد مسيراتها الحدودية أواخر آذار/مارس الجاري، إحياء لمرور عامين على انطلاق مسيرات العودة، واحتجاجا على صفقة القرن، لكن الخطوات التي قامت بها إسرائيل للحفاظ على حالة ضبط النفس التي أبدتها أمام كل جولة تصعيد، قوبلت بانتقادات إسرائيلية كبيرة أمام سلوك المستويين السياسي والعسكري".
وختم بالقول بأن "هذه الانتقادات الإسرائيلية لم تجد تعبيرها في نتائج الانتخابات الإسرائيلية، لأن مستوطني غلاف غزة منحوا أصواتهم مجددا لحزب الليكود، مما يجعل المستوي السياسي يبدي ثقته بالاستمرار في هذه السياسة التي ينتهجها إزاء حماس في مفاوضات إبرام التهدئة في غزة، قبيل الخروج إلى عملية عسكرية واسعة في القطاع".