التفجيرات بدأت الجمعة الفائت شرق طهران وفي موقع "بارشين" العسكري حيث شوهدت كرة النار فوق الموقع في ظروف أوعزتها السلطات الإيرانية "لانفجار غاز صناعي" في موقع معروف بتطويره قدرات نووية وصاروخية وشهد تفجيرات في السابق. بعد الانفجار بثلاثة أيام، نقلت أسوشيتد برس معلومات عن تفجير جنوب إيران استهدف موكبا للحرس الثوري. التفجير ضرب سيارتين للحرس في إقليم سيستان-بلوشستان جنوبي شرق إيران، بالقرب من الحدود الباكستانية وأسفر عن إصابة قائد الحرس الثوري بالمنطقة.
يوم الثلاثاء أيضا أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني وقوع 19 قتيلا وعددا من الجرحى في انفجار ضرب مستشفى سيناء شمال العاصمة طهران ورجحت السلطات أن يكون أيضا سببه أنبوب غاز.
وجاء التفجير الأكثر غموضا فجر الخميس في موقع نطنز النووي، بالقرب من مدينة أصفهان في وسط إيران والذي تبنته في بيان بالفارسية لإذاعة "بي. بي. سي." البريطانية مجموعة أطلقت على نفسها اسم "نمور الوطن"، وزعمت بأن لها عناصر يعملون داخل أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية وأن التفجير من "الأهداف الأولى" لعملياتها.
أربعة تفجيرات في ظرف سبعة أيام رقم أكثر من إشكالي بالنسبة لإيران في عام أظهر ثغرات أمنية داخل الحرس الثوري وفي الهيكلية العسكرية الإيرانية. ولأن الطوق الداخلي يبقى مشددا في إيران يصعب حسم الجدل حول نظريات عدة عن سبب التفجيرات إنما أيضا يصعب التصديق أنها فقط أنابيب غاز. المعطيات السياسية التي يمكن رسمها من التفجيرات هي كما يلي:
1 ـ اتساع حرب الاستخبارات السرية بين إيران وخصومها: هذا قد يكون على شكل تفجيرات لا يتحمل أي طرف مسؤوليتها أو خروج مجموعات بأسماء غريبة مثل "نمور الوطن" لتتحمل المسؤولية. هذه الحرب تقليديا تدور بين إسرائيل وإيران أو الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وإيران على مدى إدارات وحكومات متعاقبة، وهي اشتدت في الأشهر الأخيرة مع شن طهران هجمات قرصنة إلكترونية على إسرائيل وأميركا وبريطانيا بعضها استهدف جهود التوصل للقاح لفيروس كورونا. ضرب منشآت نووية بشكل سري قد يكون أحد الردود على هذه الهجمات.
2 ـ هشاشة الوضع الداخلي الإيراني، فالثغرات الأمنية التي كشفت في العام 2020 من مقتل قائد الحرس قاسم سليماني إلى الإخفاقات في الرد، وصولا لتفجيرات الأسبوع المنصرم تعكس مشاكل في ضبط الوضع الداخلي ووجود خروقات استخبارية داخل النظام.
3 ـ سخونة المعركة الاستخباراتية بين إيران وإسرائيل والغرب: فالخناق السياسي والاقتصادي المفروض على النظام إنما زاده تشددا وإصرارا على الورقة الأمنية وخيار التصعيد النووي. وفيما تنتظر واشنطن موعد مجلس الأمن الدولي في 18 أكتوبر لتجديد حظر الأسلحة على إيران. الفشل في ذلك، وهو مرجح إزاء الرفض الروسي والصيني، سيعني عودة العقوبات الدولية المشددة على إيران واستمرار هذه المعادلة وقطبي التشدد بين إيران والغرب.
هذه المعطيات والتنافس الأمني بين إيران وخصومها مرجح بالاستمرار سواء فاز دونالد ترامب أو جوزيف بايدن في الانتخابات الأميركية. فتزايد نفوذ الحرس الثوري في إيران، وشبه انهيار الاتفاق النووي الايراني مقابل عجز الأوروبيين عن تقديم بدائل واحتدام التنافس بين الصين وأميركا ورفع طهران نسب التخصيب، يوحي بمرحلة شد حبال في المعترك الإيراني وحرب استخباراتية داخل وخارج المنشآت النووية لوقف مسار التسلح النووي واستغلال الثغرات الأمنية".