وأمام المشيشي خياران أساسيان، حكومة كفاءات أو حكومة حزبية من الأحزاب التي لها تمثيل في البرلمان.
ويعتقد على نطاق واسع، أن المشيشي الذي يعد محسوبا على الرئيس قيس سعيد الذي كلفه بعيدا عن ترشيحات الأحزاب، سيختار حكومة كفاءات استكمالا لتوجه سعيد ذاته، ما دفع بعض الأحزاب إلى تشبيه مشاورات المشيشي بمشاورات سابقه حبيب الجملي الذي لم يصل إلى حكومة مرت في البرلمان.
وانطلق المشيشي في 28 تموز الماضي في إجراء مشاورات تشكيل الحكومة المقبلة، ولكنه بدأها بممثلين عن المنظمات الوطنية ولاحقا التقى الأحزاب السياسية، ورؤساء الحكومات السابقين، وكفاءات اقتصادية وثقافية.
حركة الشعب تنتقد المشيشي
من جهته، قال الأمين العام لحركة الشعب (14 مقعدا)، زهير المغزاوي، إن "ما يحصل يذكرني بما قام به المكلف بتشكيل الحكومة سابقا الحبيب الجملي، وكيف قابل الجميع ثم لم يصل لنتيجة".
وقال عبر إذاعة "موزاييك" المحلية: "نرجو أن يكون المشيشي مدركا لما حصل لحكومة الجملي، ولقيمة الوقت في هذا الوضع بالذات".
وأضاف: "هناك وقت ضائع، وبالتالي ننصحه أن يدخل في صلب الموضوع مباشرة"، وقال: "كان الأسبوع الماضي مخصصا للتعرف على الانطباعات، ولم ندخل بعد في صلب الموضوع، وعليه أن يسرع لأنه ستعترضه في الأيام القادمة صعوبات كبيرة بالنظر لشكل الحكومة الذي سيختاره والحزام السياسي الداعم لها".
ولكنه أوضح أن "التوجه الذي اعتمده المكلف بتشكيل الحكومة المشيشي في المشاورات الأخيرة، عبر الاطلاع على مختلف وجهات النظر، هو توجه سليم"، مستدركا: "لكننا في حركة الشعب نعتبر أن هناك مشكلا مع الوقت" من حيث تشابه مشاوراته مع الجملي.
بدوره، اعتبر القيادي في التيار الديمقراطي (22 مقعدا) ورئيس الكتلة الديمقراطية في البرلمان هشام العجبوني، السبت، أنّ "تشكيل حكومة متكونة من التكنوقراط فقط سيكون خطأ".
وأوضح العجبوني، في تدوينة نشرها على حسابه في "فيسبوك"، أن "ترذيل الأحزاب خطر على مسار الانتقال الديمقراطي".
وأكّد، في السياق ذاته، أن "حكومة التكنوقراط لن يكون لها سند حزبي وبرلماني، ولن تكون قادرة على اتخاذ قرارات شجاعة، وستكون بمثابة حكومة تصريف أعمال، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أخطر أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخها الحديث، وتحتاج إلى الكثير من الشجاعة والإرادة للحد من آثارها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه"، بحسب تعبيره.
ويرى العجبوني أن "المنطق يقتضي أن يشكّل هشام المشيشي حكومة يختار هو أعضاءها ولا تفرض عليه الأحزاب تسميتهم، وأن يحافظ فيها على الوزراء الذين كان مردودهم جيدا بعد القيام بتقييم موضوعي وعلمي وذلك حتى نضمن استمرارية الإصلاحات ولا نرجع إلى النقطة الصفر من ناحية ونحمّل الأحزاب مسؤولياتها أمام ناخبيها وأمام كل التونسيين من ناحية أخرى".
وتطرّق القيادي بالتيار الديمقراطي إلى الحديث عن حكومة إلياس الفخفاخ، معتبرا أنّها "كانت تعمل بانسجام بين مختلف مكوّناتها السياسية والمستقلّة، ولم تكن هناك صراعات حزبيّة داخلها، وأنّها كانت عموما أحسن حكومة بعد الثورة"، وفق قوله.
ولفت إلى أن "المشكلة كانت أساسا في البرلمان حين اختارت حركة النهضة خلق ترويكا برلمانية، مع قلب تونس وائتلاف الكرامة، لها أغلبية داخل مكتب المجلس، وكان هدفها الأساسي الإبقاء على راشد الغنوشي رئيسا للبرلمان، والضغط على إلياس الفخفاخ لتوسيع الحزام السياسي وإدماج قلب تونس في الحكومة، وبالتالي تحويل الأغلبية البرلمانية إلى أغلبية حكوميّة"، وفق تقديره.
الغنوشي: حكم أحزاب لا كفاءات
من جانبه، اعتبر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أن "الديمقراطية تقتضي حكم الأحزاب السياسية، لا حكم الكفاءات"، موضحا أن "الأحزاب لديها كفاءات كما لديها الخبرة في إدارة شؤون الناس وتجميعهم".
ووجه الغنوشي جملة من الرسائل الضمنية لعدد من الأحزاب السياسية التي تعمل على إقصاء حركة النهضة من الحكومة من خلال اشتراط استبعادها من تركيبة الحكومة المقبلة.
وتساءل الغنوشي: "أيّ الديمقراطيات تُقصي الحزب الأول في البلاد؟"، مستدركا بأنه من غير المعقول استبعاد الحزبين الأول والثاني في البلاد فيما يقع تشريك ما أسماه "الحزب العاشر والحزب الخامس عشر"، وفق تعبيره.
وكان كل من حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب والدستوري الحر، قد دعوا المكلف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي إلى استبعاد حركة النهضة من تركيبة حكومته.
وأكد الغنوشي، في هذا السياق، أنّ "المستقبل للحرية وللإسلام الديمقراطي، وليس للفاشية ولا للإرهاب".
وقال رئيس مجلس شورى حركة "النهضة" في تونس، عبد الكريم الهاروني، إنه لا يمكن القبول بتشكيل حكومة أقلية، مشددا على ضرورة احترام الحكومة المقبلة لدور الأحزاب ونتائجها الانتخابية.
جاء ذلك في تصريحات على هامش انعقاد مجلس شورى الحركة بالحمامات شرق تونس مساء السبت.
وقال الهاروني الذي تحظى حركته بـ 54 مقعدا من أصل 217 في البرلمان، إنه "لا يمكن تشكيل حكومة بأحزاب أقلية لم تنجح في خلق أرضية لتضامن حكومي وبرلماني، لأن ذلك يجعلها غير مستقرة ويجعل رئيس الحكومة غير قادر على تنفيذ عدة قرارات".
وشدد على ضرورة أن "تبنى الحكومات على الأحزاب والنتائج الانتخابية"، وقال: "نحن حريصون على نجاح المشاورات، والشرط الأساسي لذلك، هو العمل على تكوين حكومة سياسية تحترم دور الأحزاب".
وتابع: "لا بد أن تحترم الحكومة الجديدة إرادة الناخبين والتوازنات في البرلمان، حتى تكون لديها أغلبية تمكنها من تمرير قرارات وإصلاحات".
إذا فشل المشيشي دستوريا
وبحسب الدستور التونسي، فإنه "إن لم يتم تكوين حكومة خلال أربعة أشهر منذ التكليف الأول (الفقرة الأخيرة من الفصل 89 من الدستور)، فإنه يمكن لرئيس الجمهورية الدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، في أجل أدناه 45 يوما، وأقصاه 90 يوما.
وقالت أستاذة القانون الدستوري وعضو المكتب التنفيذي لجمعية القانون الدستوري هناء بن عبدة في حديث لـ"عربي21": "عند التكليف يتيح القانون للشخصية الأقدر مدة شهر لتشكيل الحكومة ويقدم حكومته لمنح الثقة، وعند الحصول عليها يقوم رئيس الجمهورية بتسميته رسميا وفوريا رئيسا للحكومة".
وأضافت أنه "في حال الفشل يتم حل البرلمان من رئيس الدولة بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 89".
وفي ما يأتي استعراض لتركيبة البرلمان التونسي:
كتلة حركة النهضة - 54 نائبا
الكتلة الديمقراطية - 38 نائبا
كتلة قلب تونس - 27 نائبا
كتلة ائتلاف الكرامة - 19 نائبا
كتلة الحزب الدستوري الحر - 16 نائبا
كتلة الإصلاح الوطني - 16 نائبا
الكتلة الوطنية - 11 نائبا
كتلة تحيا تونس - 11 نائبا
كتلة المستقبل - 9 نوّاب
غير المنتمين - 16 نائبا.