وذكر أردوغان انه "في لقاءاتنا مع الجانب المصري يقولون لنا إن هناك سوء تفاهم بيننا يجب إزالته".
وتابع أن "الشعب المصري والتركي يقفان مع بعض ويتضامنان مع بعض وحضارتنا ومبادئنا التاريخية أقرب مما هي مع اليونان، وعلى الحكومة المصرية أن تتفهم ذلك".
اللافت أن الإعلام المصري، لم يتعاط على الإطلاق مع تصريحات أردوغان، إذ لم تعلق "الأهرام" و"اليوم السابع"، ولا حتى برامج التوك شو البارزة مثل "حقائق وأسرار" الذي يقدمه مصطفى بكري، و"على مسؤوليتي" لأحمد موسى، وفق تقرير أعده موقع "عربي 21".
وتشهد العلاقات المصرية التركية تجاذبات متواصلة على مدار 7 سنوات، بداية من رفض تركيا الاعتراف بالنظام الحالي واعتبار ما قام به قائد الجيش عبدالفتاح السيسي منتصف العام 2013، انقلابا عسكريا على الرئيس الراحل محمد مرسي، ومرورا بأزمات ترسيم الحدود البحرية بالبحر المتوسط والصراع على غاز شرق المتوسط، وأيضا الأزمة في ليبيا.
تغيير استراتيجي؟
وحول ما يمكن فهمه من هذا التصريح المهم لأردوغان وهل يوحي بانفراجة في العلاقات مع مصر، يعتقد مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية بإسطنبول، الدكتور ممدوح المنير، أنه "ليس هناك تغيير استراتيجي في موقف تركيا من الملف المصري".
المنير، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "الاستراتيجية التركية تعتمد بشكل كامل على موقف أردوغان الأخلاقي من السيسي، ومن الاعتراف بالانقلاب؛ ولكن الاستراتيجية التركية تعتمد على التعاون فيما دون ذلك".
ولفت الأكاديمي المصري إلى أن "هناك تصريحات تركية كثيرة في هذا الجانب قيلت خلال السنوات الماضية؛ والتعاون الاقتصادي والتجاري لم يتوقف بين البلدين".
وبشأن "سوء الفهم الذي يعنيه المسؤولون المصريون"، يرى المنير أنه "يتمثل في شرعية السيسي، والانقلاب؛ فهذه هي نقطة الخلاف المركزية بينهما".
وتابع: "لذلك أعتقد أن تصريحات أردوغان تستهدف خفض التصعيد بالملف الليبي، أكثر من كونها حلا للأزمة السياسية بين البلدين لأنها تتعلق بجانب أخلاقي ومبادئي لا يملك أردوغان فيه تنازلات وإلا سيخسر صورته كزعيم مسلم يتبنى مواقف عادلة".
أمل بوجود حلحلة
ويعتقد المحاضر في جامعة سكاريا التركية، الدكتور محمد الزواوي، أن "تصريحات الرئيس التركي تعيد تكرار ما تؤكده أنقرة دوما بأن النظام الحالي لا يمثل الشعب المصري ولا يحقق أهداف الأمن القومي للدولة المصرية، وأن هذا النظام عارض وعبء على المصلحة الوطنية المصرية".
الزواوي، في حديثه لـ"عربي21"، أضاف أن تلك الرؤية لدى تركيا تأتي "باعتبار أن أوروبا لا يمكن تصور تخليها عن قبرص الرومية أو اليونان، وذلك انطلاقا من الإرث الثقافي والحضاري المشترك بين الجانبين".
وأكد أن "الأمر ذاته الذي يتوقعه الرئيس التركي من الدولة المصرية صاحبة الحضارة والإرث التاريخي الإسلامي، والذي يجب أن ينحاز إلى عمقه التاريخي وحليفه الطبيعي في شرق المتوسط وهو الدولة التركية".
ويرى الأكاديمي المصري، أن "مجرد وجود قناة اتصال ما بين الجانبين هو مؤشر إيجابي، وبادرة أمل يمكن من خلالها حل المسائل العالقة، ومحاولة الوصول إلى تسوية".
وقال إن "النظام المصري من مصلحته أن يقيم علاقات جيدة مع تركيا لأنها منفذه الوحيد لتصدير الغاز إلى أوروبا، وكذلك مصالح تركيا بأن تصبح معبرا لغاز شرق المتوسط إلى أوروبا".
ولفت الزواوي، إلى أن "الدول الأخرى مثل إسرائيل واليونان وقبرص تسير بصورة منفردة بعيدة عن مصر وتركيا بالرغم من المحاولات المستميتة للقاهرة بأن تنضم لذلك التحالف الذي يعمل على احتواء تركيا في شرق المتوسط".
وعلى الجانب الآخر، قال الباحث والمحلل السياسي المصري محمد حامد، إن "العلاقات المصرية التركية قد تشهد انفراجة بسيطة؛ ولكن القاهرة ترغب باعتراف تركي شرعي بالرئيس الذي أتي بعد 2013".
حامد، أضاف لـ"عربي21": "وبشكل عام وحتى الآن تجري الأمور في محادثات خاصة في ليبيا وشرق المتوسط ورغم أنه لم يظهر شيء على السطح؛ فقد كانت هناك حوارات سابقة عبر وسطاء كالكويت والبحرين، وأعتقد أن الفترة القادمة ستشهد مزيدا من الحوارات".
وتابع: "ولكن بشكل عام فإن تصريحات أردوغان تنم عن بداية براغماتية جديدة يلقي فيها بورقة الإخوان المسلمين ويحمل أوراقا أخرى"، لافتا إلى ما اعتبره تغييرا في لهجة الإعلام التركي الناطق بالعربية نحو الجماعة.
وأشار إلى أن "تقريرا لوكالة الأناضول تحدث عن أزمة الجماعة بعد 7 سنوات من فض رابعة، وعجزها عن التجديد وادعائها الصمود والتمسك بالشرعية، بينما هي على أرض الواقع منقسمة على ذاتها".
ويتوقع الباحث السياسي أن "تلقي تركيا بورقة الإخوان المسلمين للبحث عن مصالحة حول ليبيا وشرق المتوسط والحوار مع أكبر دولة عربية تأثيرا وعددا بالسكان ولديها دور تاريخي معلوم".
وقال إن "هذا الحوار المزمع عقده والذي تحدث عنه أردوغان يتوافق مع مبادرة مستشاره ياسين أقطاي الذي تحدث بداية 2020، عن ضرورة مصالحة مع القاهرة وإلقاء الخلافات جانبا وقال في مقال شهير إن مصر مؤثرة ويجب الحوار معها بملفات ليبيا وشرق المتوسط".