خبر

هل يؤثر تأييد قادة جمهوريين لبايدن على حظوظ ترامب؟

تزداد في الولايات المتحدة سخونة المشهد الانتخابي، فيما يتلقى الرئيس دونالد ترامب، الساعي للفوز بفترة رئاسية ثانية، ضربات متتالية، كان أبرزها مؤخرا إعلان أكثر من 90 جمهوريا، هم أعضاء سابقون في الكونغرس ومسؤولون أمنيون في إدارات سابقة، تأييدهم للمرشح الديمقراطي، جو بايدن.

وذكر تقرير لشبكة "سي أن أن" الأميركية، الجمعة، أن المجموعة التي أعلنت عن دعم بايدن تضم المدير السابق لوكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، الجنرال مايكل هايدن، ونائب وزير الخارجية السابق ومدير الاستخبارات الوطنية، السفير جون نيغروبونتي، والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي)، وليام ويبستر، ورئيس الديوان السابق في وزارة الأمن الداخلي في إدارة ترامب، مايلز تايلور.

وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية الأسبق، كولن باول، تأييده للمرشح الديمقراطي، وصرح خلال ذروة الاحتجاجات على مقتل "جورج فلويد" لشبكة "سي أن أن"، بالقول: " لدينا دستور، وعلينا أن نتبعه، وقد ابتعد الرئيس عنه".

وقال باول عن ترامب: "إنه يكذب في أمور، ويفلت منها لأن الناس لن يحاسبوه".

خسارة.. لكن لأسباب أخرى

وفي ظل تراجع شعبية ترامب بحسب استطلاعات للرأي، تدور تساؤلات حول ما إذا كان إعلان هؤلاء القادة الجمهوريون تأييدهم لبايدن سيؤثر على حظوظ ترامب الانتخابية.

ويؤكد المتخصص في الشأن الأميركي، عبد الحميد صيام، على أن "هذا الانشقاق"، كما وصفه، سيعزز من موجة المعارضة لبقاء ترامب في البيت الأبيض، وبالتالي ستكون حظوظه أضعف مما كانت عليه عام 2016.

إلا أن صيام، في حديث لـ"عربي21"، أضاف موضحا: "بالمقابل، فإن هذا لا يعني أن ترامب سيخسر الانتخابات بسبب هذه الانشقاقات".

وتابع بأن ترامب "سيخسر الانتخابات لأسباب أخرى تدور في معظمها حول عدم الرضا عن أداءه في المسائل الأمنية والاقتصادية وموضوع وحدة المجتمع الأميركي وقضية العنصرية والإساءة لحلفاء أميركا".

وقال: "بالتأكيد حينما يحدث تصدع داخل الحزب الواحد يؤثر ذلك على حظوظ المرشح، أي أنه لا يكون مرشحا بالإجماع، لكن هذا لا يعني أن الحزب لن يلتف حول ترامب فهو بشكل عام بالتأكيد سيستقر اختياره عليه كمرشح للحزب وسيكون موحدا ضد المرشح الديمقراطي".

وأشار "صيام" إلى أن "هذا الانشقاق على الرغم من أهميته إلا أن تأثيره على حظوظ ترامب الانتخابية أقل بكثير من قضايا أخرى، لكنه سيكون دليلا آخر على أن الغالبية الشعبية وغالبية النخب غير مقتنعة بترشيحه لدورة ثانية".

وأضاف: "بالطبع هناك كثير من الخلافات حول شخصية ترامب وهذه الخلافات ليست فقط على مستوى شعبي بل على مستوى الأحزاب والنخب السياسية بما في ذلك الحزب الجمهوري، فمثلا شخصية مثل كولن باول حينما تترك الحزب الجمهوري وتلتف حول بايدن وتؤيده وتلقي كلمة في مؤتمر الحزب الديمقراطي فإن هذا أمر مهم".

وتابع بأن "ترامب ترك خلافات عميقة داخل المجتمع الأميركي حول طريقة وأسلوب أدائه وحول الأشخاص الذين يقفون معه في ممارساته التي يمكن أن توصف بأنها عنصرية، وبالتالي هو سيخسر ليس فقط لأجل الخلاف داخل الحزب بل أيضا لفشله في عدة قضايا ومنها العنصرية والاقتصاد".

تأثير ضعيف

من جهتها أشارت الأكاديمية والباحثة في الشؤون الأميركية، عبير كايد، إلى أن "تأييد شخصيات سياسية وأمنية سابقة لا يعني تلقائيا فوزا مرتقب وساحق لبايدن، كون هذه الشخصيات شبه مغيبة عن الساحة السياسية اليومية في الولايات المتحدة وليس لها دورا رياديا في توجيه المواطن وصوته".

وأوضحت كايد في حديث لـ"عربي21"، إن هذه الشخصيات لا تتمتع بتأثير مباشر على الواقع الفعلي، "والأهم من ذلك أنه لا تأثير لها على توجيه مناصري ترامب من الجمهوريين".

وأضافت: "لا يتمتعون أيضا بأي دعم من قاعدة شعبية نشطة وفعالة، بل هذه الشخصيات تظهر بصفة موسمية خلال الانتخابات الرئاسية لهدف واحد وهو دعم مرشح ضد أخر كونها شخصيات معروفة وعامة".

وقالت: "على الرغم من الأزمات التي مرت بها أميركا من استمرار العنصرية الممنهجة إضافة للبطالة التي أوجعت الطبقتين المتوسطة والفقيرة، مع إخفاق ترامب في احتواء فيروس كورونا، إلا أن طبيعته الشعبوية وخطابه التحريضي تلقى صداها لدى فئة كبيرة من البيض الأمريكيين يواصلون التمسك به".

وتابعت بأن "شعور مؤيدي ترامب بأنهم أصبحوا أقلية بدون قوة وحماية وأنهم بحاجة ماسة لمخلص اقتصادي عنصري كترامب سيدفعهم لانتخابه".

وأعربت كايد عن توقعها بأن يفوز ترامب مجددا رغم دعم نخب جمهورية لمنافسه.

حزب نخبوي ومهزوز

وبعيدا عن المشهد الانتخابي، تدور تساؤلات في السياق ذاته عن تأثير هذه الفوضى في الحزب الجمهوري على مستقبل وحدته وتماسكه.

وترى "كايد"، وهي أستاذة العلاقات الدولية بجامعة واشنطن، أن "حملة تأييد بعض الجمهوريون لبايدن لن تؤثر على تماسك الحزب".

وأضافت: "بالطبع بدا للبعض وكأن الحزب الجمهوري يلفظ أنفاسه الأخيرة، لكنه في الواقع متماسك في عقيدته ويدعم ترامب بصورة علنية ومبطنة، لهذا يجب عدم الاكتراث بالتغريدات والتصريحات التي ينشرها بعض أعضاءه، فهي تمثل رؤية ورأيا بشأن موقف محدد من حادث معين، لكن في داخل الحزب وفي العقيدة الجمهورية هم مع سياسة ترامب ويسعون أيضا للفوز بمقاعدهم كجمهوريين سواء نواب أو أعضاء في مجلس الشيوخ".

وبدوره قال صيام إن "الحزب الجمهوري يتعرض لهزات داخلية، فمثلا لم يكن الحزب بشكل عام مقتنعا في في انتخابات 2016 بالاصطفاف وراء ترامب، وذلك لأسباب كثيرة، ولكن حينما رأى أعضاءه أن له شعبية كبيرة وأنه يمكنه الفوز على هيلاري كلينتون اصطفوا خلفه".

وتابع صيام مستدركا بالقول: "لكن هناك مشكلة في الحزب الجمهوري، فهو أصبح نخبويا بحيث لم يعد له تمدد حقيقي في الطبقات الشعبية خاصة بين السود والنساء والمثليين والعلمانيين، بالتالي بدأ الحزب ينكمش أكثر ليبقى مستقرا عند البيض والأغنياء وكبار السن والمتدينين الانجليكان وأنصار (الاحتلال) إسرائيل المتطرفين، وهو في طريقه للتقوقع ليصبح حزبا نخبوي بحيث لا يوجد قناعة عامة فيه لدى جماهير الشعب الأميركي من مهاجرين وأقليات".

وأشار المحلل السياسي إلى "وجود دعوات داخل الحزب لإعادة النظر في سياساته وكيف يمكن أن يصبح حزبا جماهيريا أكثر من أن يكون حزبا نخبويا".

وخلص صيام بالقول: "أعتقد بأن هذه الانتخابات ونتائجها ستدفع الحزب لإعادة النظر في سياساته، وتوجهاته بشكل كبير".