خبر

'الشام الجديد' سيغير شكل المنطقة: نسخة مصغرة عن الاتحاد الأوروبي.. وماذا عن لبنان؟ (فيديو)

عاد مشروع "الشام الجديد" الذي يربط العراق ومصر عبر الأردن إلى الواجهة. ويركز هذا المشروع على التعاون الاقتصادي وتعزيز الجوانب الاستثمارية والتجارية بين البلدان الثلاثة في خطة ستكون تدفقات رأس المال التكنولوجيا فيها أكثر حرية، وتكون نسخة مصغرة عن الاتحاد الأوروبي. 

 

 

وفي قمة ثلاثية بين العراق ومصر والأردن طرح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على الرئيس المصري والعاهل الأردني الثلاثاء المنصرم مشروع "الشام الجديد". ويقوم المشروع على التفاهمات الاقتصادية بين الدول الثلاث، إذ يقول الكاظمي إن "المشروع سيكون وفق النسق الأوروبي"، ويتوقع أن يشجع الدول على ضخ استثمارات جديدة في المنطقة.

 

وتعتمد رؤية المشروع على التكامل بين مصر، التي تمثل كتلة بشرية، والعراق ككتلة نفطية، كما سيستفيد منه الأردن؛ علماً أنّه سبق لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي أن طرح المشروع في البداية، وأطلقت الدول الثلاث آلية للتعاون بدأت من القاهرة في آذار 2019، بحسب تقرير نشرته "سبوتنيك". 

 

ويتزامن إطلاق المشاورات حول "الشام الجديد" الآن مع تحولات إقليمية كبرى تطبيع العلاقات الإماراتية- الإسرائيلية، وتصاعد حدة التوتر بين واشنطن وطهران، ويقول المراقبون إن "الشام الجديد" ربما يكون مرتبطا بهذه التحولات.

 

مشروع "الشام الجديد" هذا يختلف عن مشاريع سابقة طرحت لتحالفات دول منطقة الشرق الأوسط، ووفق المشروع، سيُمدّ خط أنبوب نفطي من ميناء البصرة جنوب العراق، وصولاً إلى ميناء العقبة في الأردن ومن ثم مصر. وتحصل كل من الأردن ومصر على النفط العراقي بخصومات تصل حتى 16 دولاراً للبرميل، في حين يستورد العراق الكهرباء من مصر والأردن، ويعمل على استقطاب الاستثمارات إلى العراق. ويبلغ الناتج المحلي لكل من العراق ومصر والأردن مجتمعين نحو 500 مليار دولار، في حين تصل الكثافة البشرية فيها إلى نحو 150 مليون شخص.

وتعود جذور المشروع لما قبل تصريح الكاظمي وقمة عمان، حيث كان محوراً لدراسة أعدها "البنك الدولي" في آذار من العام 2014، لكن بخريطة جغرافية أوسع، واشتملت على دول الشرق الأوسط، سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، بالإضافة إلى تركيا والعراق ومصر، في مساحة جغرافية إجمالية تصل حتى 2.4 مليون كم مربع، وخزان بشري يفوق ربع مليار إنسان.

ويقول نص المشروع الذي أعده "البنك الدولي"، إنه يعتمد على طاقات المنطقة التجارية والاقتصادية والسياحية والخدماتية الكامنة، فضلاً عن قواسم تاريخية وثقافية مشتركة تجمع شعوبها، والتي من شأنها أن تجعلها منطقة اقتصادية ناجحة.

ويضاف إلى المشاريع السابقة، مشروع تحدثت عنه إسرائيل قبل عام، ويقوم على جعل دولة الاحتلال الإسرائيلي بوابة عربية نحو القارة الأوروبية والولايات المتحدة، بحيث تكون إسرائيل جسراً برياً، والأردن مركز نقل إقليمي، مع إقامة شبكة من السكك الحديدية تربط إسرائيل بدول الخليج، ولاحقاً العراق، تنقل البضائع والمسافرين بين المملكة المتحدة وأوروبا والبحر المتوسط شرقاً، وبين دول الخليج العربي والسعودية والعراق غرباً.

والمشروع بحسب ما أعلنت عنه وزارة الخارجية الإسرائيلية، في حزيران من العام الماضي "وسيلة لتعزيز السلام الإقليمي، وربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج العربي للسماح بزيادة التجارة وتحسين الاقتصادات المحلية". وتوقعت الوزارة أن حجم التجارة في المنطقة سيجعل المشروع مربحاً في غضون نحو عشر سنوات، وسيسهم في إنعاش اقتصاد دول المنطقة بما فيها العراق، وأوضحت أن حجم التجارة الإسرائيلية سيزيد بنسبة 400 % نتيجة لهذا المشروع.

لكن أبرز ما جاء في إعلان الخارجية الإسرائيلية، أن المشروع يهدف للالتفاف على المخاطر الأمنية التي تشكلها إيران على مضيقي هرمز وباب المندب، فضلاً عن استغناء دول الخليج عن مضيق هرمز، والذي يشكّل شرياناً رئيسياً لتصدير النفط والغاز، ويمر عبره ثلث إمدادات العالم من الطاقة، وهو في نفس الوقت ورقة ضغط بيد إيران على دول الخليج العربي والولايات المتحدة. واعتبرت الوزارة أن المشروع "سيغير خريطة المنطقة، ويقوّي اقتصادات دولها ويساهم في تعزيز الاستقرار ودفع السلام خطوات للأمام".

وفي تعليق له، قال المحلل السياسي العراقي مناف الموسوي إن "العراق يحاول الآن العودة لدورة الطبيعي من خلال علاقات مبنية على احترام السيادة والمصالح المشتركة، وعدم الدخول في محاور، وهو يمتلك علاقات جيدة مع الخصماء في المنطقة، ما يمكنه من العودة كلاعب أساسي، كما أن مصر تمتلك مجموعة من الامتيازات والعلاقات الجيدة التي تسمح لها اليوم بتقديم مشروع جديد لحلحلة أزمات المنطقة خاصة في سوريا".

وأوضح الموسوي أن "مشروع الشام الجديد اقتصادي ومبنى على أساس التعاون الموجود بالفعل بين الدول الثلاث، كما أن هذه المبادرة تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي المعني بإنجاحها لتفادي مشكلات المنطقة خاصة قضية اللاجئين".

قال المحلل السياسي عبد القادر النايل إن "هناك تحديات كبيرة أمنية واقتصادية تواجه المنطقة خاصة أن هناك من يرى أن هذا المشروع يستهدف إيران، خاصة أن الاخيرة استخدمت العراق في تبادل تجاري كبير ومصالح فاقت 20 مليار دولار ما مكنها من التغلب على العقوبات الأميركية، وعلى هذا الأساس هناك تخوف كبير على هذا المشروع في ظل التصعيد الأميركي، إلا أن هذا المشروع يمتاز بتوفر الجدية في عملية التكامل الاقتصادي، كما يحظى بدعم الشعوب وحاجتها لهكذا مشروع وهي التي ضغطت ودفعت إانتاج هذا الاتفاق وهذه مقومات ذاتية قوية".

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي مصطفى البارزكان إن "مشروع الشام الجديدة يواجه تحديات كبرى حيث يحتاج قطاع الطاقة في العراق لاستثمارات ضخمة كما أن هناك بطالة ضخمة في العراق لا بد من وضعها ضمن هذه البوتقة بين الدول الثلاث، إلا أن العراق بلد نفطي وهناك موارد للعراق من خلال الاستثمار في هذا القطاع" مشيرا إلى أنه "من المتوقع أن تنضم دول أخرى لهذا المشروع في المستقبل إذا ما أثبتت هذه الخطوة نجاحها".