خبر

أزمة جديدة بين المدنيين والعسكريين في السودان؟!

تثير الأزمة الاقتصادية المستفحلة في السودان خلافات بين المدنيين والعسكريين داخل الحكومة الانتقالية التي تتولى السلطة منذ أكثر من سنة، بعد الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير.
وأطاح الجيش السوداني بالبشير بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية ضده. وفي آب 2019، توصل "تحالف قوى الحرية والتغيير" الذي قاد الاحتجاجات والمجلس العسكري الذي تولى السلطة آنذاك، إلى اتفاق تاريخي حول مرحلة انتقالية تستمر ثلاثة أعوام نصّ على تشكيل مجلس سيادة وحكومة من عسكريين ومدنيين.
ويتألف مجلس السيادة من 11 عضوا، ستة منهم مدنيون وخمسة عسكريون.
ويرأس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، ويرأس الحكومة عبدالله حمدوك. لكن، وفي مواجهة الاستياء الشعبي المتزايد إزاء عدم إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية في السودان، يتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك.
البرهان، قال الاثنين، متحدثا إلى جنود في منطقة عسكرية في مدينة أم درمان المجاورة للخرطوم والواقعة على الضفة الغربية لنهر النيل، "هناك حملة لتفكيك القوات المسلحة.. الآن الحديث يدور عن شركات القوات المسلحة".
وأضاف "عندما جئنا إلى السلطة، وجدنا أن هناك 421 شركة حكومية فقط، 200 منها تعمل تحت إدارة الحكومة و221 منها تعمل خارج النظام الحكومي. طرحنا الأمر على مجلس الوزراء، ولكنهم لم يتخذوا أي خطو".
وجاء كلامه ردا على تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء، الجمعة والسبت الماضيين، واعتبر فيها أن غالبية موارد البلاد الاقتصادية ليست تحت سيطرة الحكومة. وقال في مقابلة مع الإذاعة الرسمية "راديو أم درمان" إن "18 في المئة فقط من الموارد الاقتصادية للبلاد تحت سيطرة الحكومة".
وتعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة بلغ فيها معدل التضخم في يوليو الماضي، نحو 143 في المئة، وفق إحصاءات حكومية.
وتراجعت قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار الأميركي إلى 187 جنيها في السوق السوداء، في حين أن السعر الرسمي، وفق البنك المركزي، هو 55 جنيها للدولار الواحد.
وأكد البرهان أن شركات الجيش لا تحتكر شيئا، وقال "شركات القوات المسلحة لم تحتكر تصدير المواشي أو الذهب ولم تحجر على أحد الاستفادة من موارد البلاد. الفاشلون هم من يريدون أن يجدوا شماعة ليعلقوا عليها الفشل ولا أحد يمكنه تعليق فشله على القوات المسلحة".
وتعمل بعض الشركات المملوكة للجيش في الزراعة وتصنيع وتجارة الأدوية وإدارة مستشفيات خاصة وتصدير اللحوم، إضافة الى مجمعات للتصنيع العسكري.
وأكد البرهان ان هذه الشركات تدفع الضرائب للحكومة.
وقال حمدوك في كلمة لمناسبة مرور عام على توليه منصبه "هناك قضية ذات أولوية تحظى باهتمام متزايد وشوشت عليها أكثر المعلومات الخاطئة، بالإضافة الى وجود تساؤلات جادة بخصوصها في المجال العام".
وأوضح أنها "قضية استعادة الشركات الاقتصادية التابعة للقطاعين الأمني والعسكري. هذه القضية هي محط اهتمام الحكومة وقد بدأت فيها خطوات عملية لمعالجتها بحسب الاتفاق بين هياكل السلطة الانتقالية على مبدأ ولاية وزارة المالية على المال العام".
ويقول المحلل السياسي، خالد التجاني، لوكالة فرانس برس "إثارة هذا الأمر لا يعبر عن اقتناعات رئيس الوزراء، ولكنه أشار إليه بصورة مخففة لوقوعه تحت ضغط يمارسه تحالف الحرية والتغيير وقد اضطر إلى اتخاذ هذا الموقف".
وشدد البرهان على أنه عرض أمام الحكومة تحويل بعض شركات الجيش إلى "شركات مساهمة عامة"، ووضع بعضها "تحت إشراف وزارة المالية، لكن أحدا لم يستجب لذلك".
وعلق التجاني بالقول "تصاعد هذا الخلاف يبقى رهنا برد فعل المدنيين في الحكم باعتبار أنهم من بدأوا بإثارة هذه القضية عبر خطاب رئيس الوزراء والمقابلة التي أجراها مع الإذاعة".