خبر

تحقيق: هكذا يمحو الاحتلال التراث الديني الفلسطيني!

كشف تحقيق إسرائيلي كيف ييقوم الاحتلال بمحو التراث الديني الفلسطيني العريق. ويبيّن التحقيق كيف حوّل الاحتلال أضرحة لشخصيات إسلامية بارزة، وأماكن عبادة أخرى إلى مناطق مهجورة، ومهملة، إضافة إلى تحويل بعضها لمناطق عسكرية.

وتقول معدة التحقيق إيريت سيغولي، وهي ناشطة حقوقية في منظمة "نساء من أجل حقوق الإنسان وضد الاحتلال" في تحقيقها؛ إن "السنوات الأخيرة شهدت بناء الفلسطينيين لحدائق عامة جيدة الصيانة، ونابضة بالحياة حول المقامات الدينية، لكنّ مراجعة تاريخية منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في 1967، تُظهر تمييزا في التعامل بين المقامات التوراتية والإسلامية".

وأشارت في التحقيق الذي نشره موقع "محادثة محلية"، إلى أنه "تم الاعتراف الإسرائيلي بالمقامات اليهودية الدينية من قبل مسؤول الشؤون الدينية في إسرائيل، وتجديدها، وهي اليوم مراكز حج يهودية، مقابل عدم الاعتراف بالأماكن الدينية للمسلمين، بل التخلي عنها، وإهمالها".


وأوضحت أن "الكثير من المواقع التاريخية والأثرية الإسلامية مسجونة اليوم في مستوطنات، ومناطق محميات طبيعية، وحالتها المتهالكة تهدد استمرار وجودها، بما ينتهك القانون الدولي الذي يلزم المحتلين بحق إقامة الشعائر الدينية في مواقعهم التراثية، التي تبلغ أربعين موقعا".

ولفتت إلى أن "النموذج الصارخ على هذا التمييز يتمثل بمقام السيدة الزهراء عند قرية دير جرير، حيث يؤمه المسلمون، ولكن في محيطه تم بناء نصب تذكاري لوزير السياحة رحبعام زئيفي، الذي قتله عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في 2001، ومع مرور الوقت تم تدمير المقام بالكامل، بفعل جرافات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، ومع ذلك فالوصول إليه مغلق أمام الفلسطينيين، لأن مدخله يمر عبر بوابة البؤرة الاستيطانية".

وتابعت أن "هناك مسجد سلمان الفارسي في قلب مستوطنة يتسهار، وهو مقام على جبل ارتفاعه أكثر من 800 متر، محاط ببستان من أشجار البلوط القديمة، لكنه الآن يقف متصدعا يستجدي الترميم والرعاية، ومع ذلك فإن وصول المسلمين إليه مغلق ببوابة وسياج الاستيطان"، فيما وضعت سلطة المحميات الطبيعية لافتة على مدخله كتبت عليها "ألوني يتسهار"، مع إغفال متعمد للاسم الإسلامي".

ونقلت عن سمير موسى مدرس من قرية بورين ومالك أرض في الجبل، أنه "في 1983 تمت مصادرة هذه الأراضي بأمر عسكري، ولم يُمنح أصحابها فرصة الاستئناف أو الاعتراض، ثم تفاجأنا بعد عامين بتحول المكان من بؤرة عسكرية ثم مستوطنة يسكنها يهود متطرفون، أتمنى أن أزور المسجد، ولو مرة واحدة، قبل أن أموت، وأراه، وأتذكر الأماكن التي صليت فيها وجلست".

وأشارت إلى وجود مقام الشيخ بلال الذي أقيمت على أنقاضه مستوطنة إيلون موريه في محمية طبيعية ضخمة، تغطي 26 ألف دونم من الأراضي الزراعية الفلسطينية، وتم الدخول إليها من بوابة المستوطنة فقط.

وعلى الحافة الشرقية للجبل الكبير يقف المقام، نسبة لأول مؤذن في الإسلام، وكان يأتيه مسلمون من قرى دير الحطب وسالم وعزموت وروجيب وعورتا ومن مدينة نابلس عند سفح الجبل.

وأوضحت أن "المقام له قبة مدببة، وتتكئ عليها شجرة بلوط، لكنه اليوم، تحت إدارة سلطة الطبيعة الإسرائيلية، أصبح خرابا ومتشققا، والقذارة فيه مخزية، ليس ما يدل على المقام. وتُظهر هذه الأمثلة الثلاثة كيف أن الاستيلاء على الأرض يترافق مع ازدراء وتدمير للتراث والمواقع الدينية الفلسطينية، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى مواقعهم التراثية، وتهويد المكان من خلال إنشاء مواقع تذكارية لمستوطنين وجنرالات إسرائيليين محتلين".

وأكدت أن "المنظومة الاحتلالية الإسرائيلية لم تستطع إبعاد الفلسطينيين عن المساجد المعروفة، لكن قلة منهم تمكنوا من الصلاة بمقام النبي صموئيل بسبب الحواجز الكثيرة في طريقهم، في حين تتواصل الوفود الجماعية لليهود هناك دون انقطاع، وفي الحرم الإبراهيمي بالخليل يظهر الوضع التمييزي، وكذلك في قبر راحيل ببيت لحم، وقبر يوسف بنابلس، تمكنت إسرائيل من منع وصول الفلسطينيين، وأصبحت مواقع حصرية لليهود".

وقالت إن "قبر يوسف بمدينة نابلس، يستخدم كموقع لليهود فقط، وإن صعودهم الجماعي يحدث في الليل، وهو بؤرة احتكاك متفجر مع الفلسطينيين، ليس فقط في القبر نفسه، ولكن أيضًا على طول الطريق المؤدي إليه، تمتد العديد من قوات الجيش لأميال على جانبي الطريق الذي يمر عبر عدة أحياء فلسطينية في المدينة، وأصيب العديد من الفلسطينيين، بل قُتل بعضهم هناك على هذه الخلفية".