خبر

الفوارق بين معاهدات السلام العربية الأربع مع إسرائيل

كتبت سكاي نيوز: انصب جُل الاهتمام الدولي والعربي على البواعث، والغايات، والمنافع المختلفة التي يمكن أن تحققهما اتفاقيتا السلام الإماراتية الإسرائيلية، والبحرينية الإسرائيلية، وعزف الكل عن التطرق إلى المتمايزات الرئيسية المختلفة بين هاتين الاتفاقيتين المرتقبتين، وبين ما أبرمته مصر وإسرائيل في عام 1979، والأردن وإسرائيل في عام 1994.

 

جَلي أن المعاهدات الدولية التي تبرمها الدول تنشئ أوضاعًا ومراكز قانونية جديدة عن تلك التي كانت قبل إبرام هذه المعاهدات، وبديهي أيضا أن العلاقات الدولية بين أطراف اتفاقيتي إسرائيل مع دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ستختلف وفقا للأصعدة والمجالات التي ستقوم الاتفاقيتين المشار إليهما بتأطيرها وتنظيمها.

 

تعد مسألة إنهاء الحرب وعودة أو إرساء السلام هي جوهر معاهدة السلام بين الدول المتحاربة، كما حدث تماما في الحالة المصرية الإسرائيلية، والحالة الأردنية الإسرائيلية، وبالتالي تأتي المسائل السياسية دائما على رأس المسائل التي تتناولها معاهدات السلام التقليدية بالتسوية، وهنا تشغل مسألة إرساء السلام موضع التنفيذ الفعلي من الناحيتين القانونية والواقعية الشغل الشاغل لأطراف هذه المعاهدات.

 

تصدرت ديباجة معاهدتي السلام الإسرائيلية مع كل من مصر والأردن النص على إنهاء حالة الحرب وإرساء السلام باعتبار أن تلك هي المقدمة الطبيعية والمنطقية لما سيتلوها من نصوص تخص الجوانب الأخرى من التسوية السلمية التي تتناولها معاهدات السلام التقليدية، ولربما تختلف الصياغة التي يكتسي بها هذا النص المهم، ولكن تتفق هذه المعاهدات في أنها تتضمن عزم أطرافها على إنهاء حالة الحرب وإقامة السلام بصفة نهائية ودائمة بين أطرافها.

 

تعتبر التسوية التي تتضمنها معاهدات السلام المشار إليها نهائية ودائمة فيما تتضمنه من أسس التسوية السلمية للنزاعات التي أدت إلى الحرب، وعلى ذلك نصت –صراحة– بعض معاهدات السلام، مثل معاهدة سلام باريس التي أبرمت في عام 1814 بين فرنسا وكل من بريطانيا العظمى والنمسا وبروسيا وروسيا، ومعاهدة السلام التي أبرمت في فيينا في عام 1859 بين إيطاليا وبروسيا، وكذلك معاهدة سلام لندن التي أبرمت في عام 1913 بين اليونان وبلغاريا والجبل الأسود من جانب وتركيا من جانب آخر.

 

يمكن  الزعم بأن كافة معاهدات السلام  القائمة والمقبلة في منطقة الشرق الأوسط بين إسرائيل وجيرانها من الدول العربية تنتمي إلى ما يعرف "بمعاهدات السلام  الحديثة"، وهي التي لا تكتفي فقط بتسوية المسائل محل النزاع بين أطرافها، وإنما تتعدى هذه المسائل لتضع تأطيرا ابتكاريا للعلاقات التجارية والاقتصادية والتكنولوجية والبحثية وغيرها، ولكن لربما يتمايز الاتفاقان الإماراتي والبحريني مع إسرائيل عما أبرمته كل من مصر و الأردن مع إسرائيل في عامي 1979 و1994 على التوالي، لظروف تاريخية، وبراغماتية، وسياقية عديدة .

 

يرتقب أن تُأسّس معاهدتي السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، لتعاون في العديد من المجالات، كما تُأسسا لشراكة مستقبلية بين أطراف هذه المعاهدات، خاصة في القطاعات الواعدة التي تجمع بين الدول الثلاث واستراتيجياتها المعتمدة على تعزيز اقتصاد المعرفة واعتماد التقنيات الحديثة والابتكار في القطاعات كافة.

 

معاهدات السلام الحديثة لا تبرم بمعزل عن التطورات العالمية والإقليمية والوطنية المختلفة، واذا كانت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة قد تبنت قرارا مؤخرا يصف جائحة كوفيد -19 أنه مثل أكبر تحد واجه منظمة الأمم المتحدة منذ تأسيسها في عام 1945، فقد بدأت دولة الإمارات وإسرائيل بالعمل بشكل عملي على تعزيز التعاون بينهما في هذا المجال؛ إذ أعلنت شركة "أبيكس الوطنية للاستثمار" الإماراتية توقيع اتفاق تجاري استراتيجي مع مجموعة "تيرا" الإسرائيلية، بهدف تطوير الأبحاث والدراسات الخاصة بفيروس كورونا المستجد، بما في ذلك إنتاج جهاز للاختبار، الأمر الذي ينطلق بالدولتين إلى مراحل أكثر تطوراً، في المستقبل، على صعيد التعاون في مجالات وأنشطة الأعمال والتجارة والاستثمار، وتعزيز الشراكة في مجالات الأبحاث والتطوير التي تخدم البشرية وتحقق لها الخير والمنفعة.

 

جلي أن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المبرمة في عام 1979 واتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية المبرمة في عام 1994 أسستا لأطر عديدة من التعاون  بين أطراف هاتين المعاهدتين، ومهدتا لإبرام الكثير من الاتفاقات و البروتوكولات ومذكرات التفاهم  الثنائية للتعاون بين الدولتين العربيتين وإسرائيل، ولكن يمكن الزعم في سياق المقبل من الاتفاقات التي ستبرم بين كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جانب وإسرائيل من جانب آخر، ستنبئ عن تعاون "إيجابي" في مجالات تعزيز الاستثمار والتجارة، وقطاعات السياحة والنقل والرحلات المباشرة والتقنيات التكنولوجية، والمجالات العلمية والعلوم والاختراعات والاتصالات، والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة والأمن ومكافحة الإرهاب.