رحبت الفصائل العراقية الموالية لإيران بإعلان وسائل إعلام أميركية فوز، جو بايدن، بالرئاسة الأميركية، الأمر الذي أثار قلق مسؤولين ونشطاء في بغداد يخشون من أن يؤدي خفض حدة المواجهة، بين الولايات المتحدة وإيران، إلى تعزيز قوة المتشددين في العراق، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة فرانس برس.
ويرى خبراء أن بايدن، الذي أعلنت وسائل إعلام فوزه على خصمه الجمهوري، الرئيس الحالي، دونالد ترامب، سوف يتبع استراتيجية أميركية أكثر تقليدية وأن يسعى إلى جر إيران إلى طاولة المفاوضات، ليعيد بذلك رسم المشهد الإقليمي مرة جديدة.
وتأمل الفصائل العراقية المدعومة من إيران في أن يراجع بايدن، في حال تأكيد فوزه، سياسات، ترامب.
محمد محيي، المتحدث باسم جماعة “كتائب حزب الله” العراقية الموالية لإيران، قال إن ولاية ترامب “كانت سلبية للغاية” و”فترة هدم”، وعبر عن أمله في أن تقوم إدارة بقيادة بايدن بـ”إنهاء الأزمة وسحب الجنود” الأميركيين من العراق.
وكان البرلمان العراقي قد صوت لصالح سحب هذه القوات في أعقاب الغارة الأميركية التي أدت إلى مقتل قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس، وبعد هجمات على القوات الأميركية في العراق هددت إدارة ترامب بإغلاق السفارة في بغداد.
واعتبر، نصر الشمري، المتحدث باسم “حركة النجباء” الموالية لإيران إن اختيار بايدن “يمهد الطريق للتعاون بين الدول”، وهو ما يتفق معه، خميس الخنجر، الزعيم السني الذي تحالف مع إيران في انتخابات 2018. واعتبر الخنجر فوز بايدن “فرصة جديدة مع العالم لفتح صفحة جديدة نحو الاستقرار والحوار”.
وقال مدون عراقي يدعى، يوسف، إنه يشعر بالقلق من هذه التصريحات، لأن هؤلاء السياسيين الذين وصفوا الولايات المتحدة بأنها “شريرة” ورفعوا عبارة “الموت لأميركا” يقدمون الآن التهنئة لبايدن على فوزه في الانتخابات وكأنه “صديق قديم”.
ورغم أن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، هنأ الرئيس المنتخب، إلا أن بعض المسؤولين العراقيين قالوا لوكالة فرانس برس إن لديهم مخاوف من أن الفصائل الموالية لإيران قد “تتجرأ أكثر” بعد رئاسة بايدن ما قد يؤدي إلى إفساد خطط رئيس الوزراء لكبح جماحهم.
ويخشى البعض أن يمد بايدن “غصن الزيتون لإيران”، من أجل إحياء الاتفاق النووي الذي أبرم خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، عندما كان بايدن نائبا له. وخلال تلك الفترة، تمكنت إيران من توسيع نفوذها عبر المنطقة.
وقال النائب، ظافر العاني، نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي: “لا نريد أن تعود سياسات أوباما إلى بلادنا مرة أخرى”.
لكن البعض لا يتوقع أن يكون ملف العراق من بين أولويات الرئيس القادم، بالنظر إلى الأزمات المحلية الملحة في الولايات المتحدة نفسها.
واستطلعت فرانس برس آراء عراقيين كانوا وسط مسيرة في ساحة التحرير في بغداد، بدوا “غير متأثرين” بفوز بايدن.
أبو سعد، العراقي البالغ من العمر 74 عاما قال: “كعراقي، أفضل بقاء ترامب في السلطة”، لكنه أشار إلى أن العراقيين بشكل عام “لا يرون أن تغييرا في القادة سيؤدي إلى تغيير في السياسة”.
زينب (43 عاما)، أشارت إلى قضايا أكثر إلحاحا بقولها: “نأمل أن تأتي المساعدة للعراق الذي يمر بأزمة اقتصادية وسياسية وسيجري انتخابات”.
لكن مع بقاء، ترامب، في البيت الأبيض حاليا، يقول بعض العراقيين إنه قد يكون أكثر تشددا مع إيران خلال هذه الفترة أكثر من أي وقت مضى.
المتحدث باسم “كتائب حزب الله” قال: “ترامب يتصرف بطريقة غير متوقعة وقد يستخدم هذه الفترة الانتقالية لاستهداف قيادتنا”.
قال مسؤولان عراقيان إنهما يتوقعان أن تنشر الإدارة الحالية “قائمة كاملة من العقوبات” ضد المصالح الإيرانية في العراق قبل أن تترك البيت الأبيض.
ولا تعرف بشكل واضح ملامح السياسة الخارجية لبايدن، ويشير تاريخه السياسي إلى أنه صوت لصالح حرب العراق عام 2003 لإطاحة صدام حسين، وفي 2006، كتب مقال رأي دعا فيه إلى إنشاء “ثلاث مناطق تتمتع بالحكم الذاتي” للمجتمعات العرقية والطائفية الرئيسية في العراق: الشيعة والسنة والأكراد.
وتربطه علاقات شخصية مع بعض قادة العراق الحاليين بمن فيهم الرئيس الحالي، برهم صالح، الذي وصف بايدن في تهنئه له بالفوز بأنه “صديق وشريك”.
وقال، الرئيس العراقي، في تغريدة إن بايدن “عرفناه صديقا وشريكا موثوقا به خلال عملية بناء العراق الجديد”. وأضاف “نتطلع إلى العمل معا من أجل تحقيق أهداف ومصالح شعبينا المشتركة، وتعزيز آفاق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.
من جهته، أكد الكاظمي أنه يتطلع إلى “تقوية الروابط الاستراتيجية بين بلدينا نحو مستقبل مبني على الاحترام المتبادل وقيم التعاون المشترك والوثيق من أجل تجاوز التحدّيات ودعم السلم والأمن، وتحقيق الاستقرار والازدهار”.