نبيل الجبيلي نقلاً عن "الجزيرة"
تصب إسرائيل منذ 4 شهور وأكثر، جام غضبها على المدنيين الفلسطينيين العزل، وتقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتعتقل الرجال وتنكل بهم بتهمة الانتماء لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وتفرض حصارا على من تبقى على قيد الحياة من أجل تجويعهم وترهيبهم لدفعهم إلى الفرار خارج قطاع غزة.
هذه الجرائم هي سوابق لم تحصل من قبل في العالم. لم تجرؤ أي دولة على ارتكاب هذه الفظائع، في ظل صمت دولي واستعصاء حلفاء إسرائيل عن إخفاء الحقائق وطمس الجرائم، برغم قتل عشرات الصحفيين ومنع الآلاف من مغادرة قطاع غزة عبر المعابر.
هذه الحرب المستمرة، دفعت بجميع الدول إلى سحب رعاياها من قطاع غزة، وروسيا كانت من بين الدول التي قامت بذلك، وزادت فوق سحب الرعايا أيضا، استقبال أقاربهم المعرضة حياتهم للخطر.
على مدى أسابيع من بداية الحرب، فتحت موسكو جسرا جويا مع مصر من أجل سحب هؤلاء وحمايتهم، بالتزامن مع دفعها في مجلس الأمن الدولي العائد للأمم المتحدة من أجل وقف فوري لإطلاق النار. لكن "الفيتو" الأميركي كان يحول دون ذلك، بدعم مبطن للكيان الصهيوني، برغم كل التصريحات والدعوات والإيحاءات الأميركية إلى وقف الحرب.
من بين الناجين، وصلت مجموعة من الفلسطينيين إلى جمهورية الشيشان الروسية، التي أظهرت عناية بالغة بهم، وصلت إلى حدود اهتمام الرئيس رمضان قديروف لأمرهم شخصيا.
قاديروف، قال قبل نحو أسبوعين عشية وضع "حجر أساس" لبناء مشروع يخصهم، إنه من بعد شهور وبموافقة أوروبا والولايات المتحدة، تقوم إسرائيل "الإرهابية الصهيونية" بقتل الأطفال والنساء من سكان غزة، مما حول الأحياء المكتظة بالسكان إلى أنقاض، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أنه "يستحيل التصالح مع الجرائم التي يرتكبها الصهاينة ضد المدنيين دون عقاب"، مؤكدا في الوقت نفسه على أن الشعب الشيشاني "يدعم بشكل كامل السكان المضطهدين في غزة".
كم قال قاديروف في حينه، إن مئات الآلاف من المسلمين في المساجد الكبرى في جمهورية الشيشان يقفون لياليهم في صلاة التهجد جماعيا، سائلين الله عز وجل أن يخفف أحوال سكان فلسطين وينقذهم من الظلم الصهيوني".
خلال الكلمة، وعد رئيس الشيشان بتشييد 5 مبان سكنية متعددة الشقق، تضم 35 شقة في الجمهورية المسلمة، وذلك من أجل استيعاب الضيوف الفلسطينيين.
ويفترض أن يعيش في هذه المدينة، من حالفه الحظ ووصل إلى روسيا الاتحادية من بين الفارين من القطاع، توزعوا على جمهوريات روسية عدة، من بينها: داغستان، وإنغوشيتيا، وتتارستان، والشيشان.
وقد تولى الصندوق العام الإقليمي الذي يحمل اسم أحمد حاجي قديروف (والد الرئيس رمضان قديروف) تمويل بناء القرية، كما خصص الصندوق نفسه مبلغ 100 ألف روبل (قرابة 1100 دولار أميركي) لكل أسرة فلسطينية.
الزعيم الشيشاني أكد أن جمهورية الشيشان "ستواصل العمل بنشاط من أجل تقديم المزيد من الظروف لتكيّف إخواننا الفلسطينيين مع الحياة في روسيا، بما في ذلك توظيفهم وضمان متابعة الدراسة لأطفالهم".
أما وزير السياسة الوطنية والعلاقات الخارجية والصحافة والإعلام للجمهورية أحمد دوداييف، فقال: "في الوقت الحالي، نيابة عن الرئيس قديروف، فقد تم إنفاق نحو 130 مليون روبل (قرابة 1.5 مليون دولار) على جميع المساعدات المقدمة إلى النازحين الفلسطينيين داخليا، بما في ذلك المساعدات الإنسانية المرسلة إلى قطاع غزة".
هذا الكلام أثلج قلوب الفلسطينيين الزوار، الذين أبدوا ارتياحا للأمن والأمان الذي شعروا به في الجمهورية القوقازية وحرموا منه لسنوات، بسبب الإجرام والظلم والإبادة الإسرائيلية.
على الرغم من أن أغلبهم ما زال يحلم بالعودة يوما ما إلى القطاع، ولكن السؤال الذي يسأل: سيعودون إلى أين بعدما هدم الكيان الصهيوني أحلامهم ودورهم، وتخلى عنهم العالم أجمع؟
هم يعلمون مسبقا بأن لا عودة إلى غزة بعد اليوم. يدركون أن هذه المدينة الصغيرة في غروزني، ربما ستكون بداية لمستقبل مشرق ينتظرهم.
الضيوف الفلسطينيون يقيمون حالياً على أراضي معسكر صحي للأطفال اسمه Mountain Key ويقع في منطقة جبلية وبين غابات خلابة على مشارف قرية Serzhen-Yurt في منطقة Shalinsky.
أما مساحة المعسكر، فستبلغ نحو 4200 متر مربع، وتقع المنازل في منطقة فيزيتوفسكي في العاصمة غروزني، على مقربة من مدرسة وروضة للأطفال.
ويضم المجمع إلى جانب المباني السكنية، ملاعب للأطفال وملعب تنس وكرة قدم وكرة طائرة، وكذلك صالة ألعاب رياضية خارجية، ومدرج، إضافة إلى حمامات سباحة منفصلة للبنين والبنات، وصالة رياضية للملاكمة والمصارعة.
وحتى تاريخه، فقد حصل قرابة 30 شخصا من بين اللاجئين الفلسطينيين على فرص عمل في قطاع الرعاية الصحية، كما نظمت السلطات الشيشانية لهم دورات لتعليم اللغة الروسية من أجل دمجهم سريعا في القطاع التربوي، وحتى يتمكن الأطفال من استكمال دراستهم.
بالإضافة الى ذلك، حصل 8 لاجئين فلسطينيين آخرين على فرص عمل في مجالات مختلفة. وتعمل امرأة أيضا مصففة شعر في صالون تجميل، وأصبحت ابنتها موظفة في وزارة السياسة الوطنية والعلاقات الخارجية والصحافة والإعلام في جمهورية الشيشان.
علاوة على ذلك، ستوفر جمهورية الشيشان للفلسطينيين وسائل نقل الى مكان عملهم ومن أجل مساعدتهم على التأقلم.
كل هذا يظهر، أن جمهورية الشيشات بقيادة رمضان قديرون تسعى دائما لأن تكون السباقة في ممارسة دورها في الدفاع عن المسلمين والعمل لما فيه مصلحة لهم.
أخبار متعلقة :