وأوضحت الكاتبة في مقال لها على الموقع الإلكتروني لصحيفة "ناشيونال إنترست"، أنه منذ البداية كانت إدارة ترامب تعكس في سياساتها تجاه سوريا حالة واقعها السياسي، فلقد سبق لوزير الخارجية السابق الذي أقاله ترامب، ريكس تيلرسون، أن أكّد أنّ قوات بلاده باقية في سوريا من أجل المساعدة على خلق سوريا مستقرة وموحدة ومستقلة.
غير أن قرار ترامب بسحب القوات من سوريا بهذا الشكل المفاجئ ضرب بتلك الخطط والأهداف عرض الحائط، ما شكّل صدمة للحلفاء الأوروبيين والعرب، بحسب الكاتبة.
بعد ذلك التصريح المفاجئ استمرت السياسة الأميركية بالتقلّب، فلقد عاد ترامب وعدل عن تصريحه، واعداً ألا يكون الانسحاب بهذه السرعة التي أعلنها، ثم عاد بومبيو بخطاب مليء بالعزيمة والتصميم مؤكداً أنه عندما تتراجع أميركا وتغادر مكاناً ما فإن الفوضى تأتي بعد ذلك، مبيناً أن الولايات المتحدة لن تنسحب حتى ينتهي القتال ضد الجماعات الإرهابية.
ورأت الكاتبة أنّ انسحاب القوات الأميركية من شرق سوريا يعني أن تندفع قوات أخرى لملء الفراغ، ما يؤذن بفوضى جديدة، بحسب الكاتبة، مشيرة إلى أن الروس والإيرانيين والأتراك سيندفعون لتلك المناطق، فالأمر لا يتعلّق بسوريا وحسب وإنما أيضاً بالمنطقة عموماً، ولكن السؤال الأهم؛ لماذا لا يوجد الأوروبيون في تلك المنطقة؟ تتساءل الكاتبة.
وأردفت الكاتبة إذا لم يكن لدى الأوروبيين قلق فإن عليهم بعد قرار الانسحاب الأميركي، الذي يبدو أنه سيأتي طال الزمن أو قصر، ملء أي جزء من الوجود العسكري الأميركي الضخم بالشرق الأوسط بالقوات الوطنية الأوروبية أو حتى بمبادرة الجيش الأوروبي.فمنذ 2003 وما سبق غزو العراق، كان هناك العديد من الخلافات بين أوروبا والولايات المتحدة حول الشرق الأوسط، وأهم هذه الخلافات هو السياسة تجاه إيران، ففي حين أن واشنطن تتخذ سياسة عدائية تجاه طهران، فإن أوروبا كانت تتعامل بطريقة أكثر ملاءمة.
ونوهت الكاتبة بأن البرلمانات الأوروبية تتردّد في دعم أي عمليات أمنية في الخارج ما لم تتعرّض أوطانها لتهديد مباشر، كما أن أوروبا ليست أميركا، فقلة من الدول الأوروبية قادرة على توفير المتطلّبات غير العسكرية لمرحلة ما بعد النزاع.
وترى الكاتبة أن هناك دوراً متنامياً للصين من خلال التجارة غير العسكرية والاستثمار في الشرق الأوسط، وهو يعادل التهديد العسكري الذي يمثّله الروس، والتهديد الأيديولوجي الذي تمثّله إيران.
وفي وقت ما زالت أميركا تركز على التهديد العسكري الصيني في بحر الصين الجنوبي، فإن بكين اليوم تتوغّل في الشرق الأوسط من خلال الشركات بطريقة مخيفة وكبيرة جداً.
ورغم ذلك، ترى الكاتبة أنه ما زال أمام أوروبا إمكانية الدخول إلى المنطقة رغم افتقارها للقدرة المالية، او ربما للإدارة، ولكن ذهاب أوروبا لسوريا يمكن أن يحقق لها الكثير من المزايا.