فكيف وصل إلى تلك المكانة وما هي قصة صعوده الصاروخي وماذا يمكن أن يتسبب فيه القيصر الشاب؟
أضافت الصحيفة: "صحيح أن ترامب يرأس القوة العظمى الأبرز على سطح الكوكب والتي تمتلك القوة العسكرية الأكثر فتكا واقتصادا تبلغ قيمته 18 تريليون دولار سنويا، ولكن سلطات الرئيس الأميركي محدودة بقوانين وكونغرس ودستور ورأي عام واعتبارات سياسية واقتصادية تجعله غير قادر على تنفيذ أي قرار يراه مناسبا، كما أنه لا يمكن أن يظل في منصبه لأكثر من 8 سنوات".
من جهة أخرى، لفتت الى ان "زوكربيرغ هو المتحكم الوحيد في شركة عملاقة في المركز السابع عالمياً، ويتحكم من خلال فيسبوك وواتساب وانستغرام في حياة أكثر من ملياري شخص، ولكن الأهم أنه يمتلك سلطة مطلقة لا تخضع لمراقبة أو مساءلة سواء داخل الشركة أو خارجها، ويمكنه أن يظل في منصبه مدى الحياة ومع كل يوم تزداد قوته وتتسع صلاحياته".
ما الذي يجعل زوكربيرغ أقوى من رؤساء دول؟
يقول هيوز: "يملك مارك نفوذاً هائلاً، أكثر بكثيرٍ من أي أحدٍ آخر في القطاع الخاصِّ أو الحكومة، فهو يتحكَّم في ثلاث منصَّاتٍ أساسيةٍ للتواصل -فيسبوك وإنستغرام وواتساب- يستخدمها ملياراتٌ من الناس كل يومٍ، ويؤدِّي مجلس إدارة فيسبوك دوراً أشبه بلجنةٍ استشاريةٍ عن جهةٍ إشرافيةٍ، لأن مارك يتحكَّم في نحو 60% من أسهم التصويت.
ويضيف: "وحده مارك قادرٌ على أن يقرِّر كيفية ضبط خوارزميات فيسبوك لتحديد ما يراه الناس على صفحاتهم الرئيسية، وأية إعدادات خصوصيةٍ يمكنهم استخدامها وحتى الرسائل التي تصلهم. وهو يضع القواعد لكيفية التمييز بين الخطاب العنيف والمثير للفتنة وبين ما هو مُسيءٌ فقط، ويمكنه أن يختار إغلاق أحد المنافسين من خلال شرائه أو حجبه أو تقليده".
هل ترجم مارك تأثيره إلى واقع؟
الرد يأتي أيضا على لسان هيوز الذي يرى أن مارك شخصٌ صالحٌ طيِّبٌ، "لكن يغضبني أن تركيزه على التنمية أدَّى إلى تضحيته بالأمان والتحضُّر لأجل مشاهدات الإعلانات، وأشعر بخيبة الظنِّ بنفسي وبفريق فيسبوك في بداياته بسبب عدم تفكيرنا لمدَّةٍ أطول في كيف يمكن لخوارزمية الصفحة الرئيسية أن تغيِّر ثقافتنا، وتؤثِّر في الانتخابات وتعزِّز زعماء القوميَّة، وأخشى أن يكون مارك قد أحاط نفسه بفريقٍ يؤيِّد معتقداته عوضاً عن أن يتحدَّاها".
كي نضرب مثالا على ما يمكن لمارك أن يفعله، نتوقف عند فضيحة التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية والتي اتهمت فيها شركة دعاية انتخابية تسمى كيمربيدج أناليتكا. كانت الشركة قد وقعت عقدا بقيمة 15 مليون دولار مع روبرت ميرسر وهو مستثمر من رعاة الحزب الجمهوري في أميركا لمساعدة الحزب في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس عام 2014.
المشكلة التي واجهت الشركة أنها لا تمتلك بيانات تخص الناخبين الأميركيين، فقامت بالحصول على معلومات أكثر من 50 مليون مستخدم أمريكي لموقع فيسبوك دون تصريح منهم وذلك في أكبر تسريب للبيانات في التاريخ، ما تكشف من مستندات ومن شهادات موظفين سابقين في الشركة.
وقد مكن ذلك الاختراق الشركة من استغلال الأنشطة الاجتماعية لقطاع ضخم من الناخبين الأميركيين وتطوير أساليب تأثير وإقناع مثلت أساس عمل الشركة في حملة الرئيس ترامب في 2016.
ويمكن في ذات السياق أن نذكر الثورة المصرية في يناير 2011 والتي أطلق عليها "ثورة الفيسبوك" نسبة إلى الدور الكبير الذي لعبه موقع التواصل الاجتماعي في الحشد والإعلان عن فعاليات التظاهر وكذلك كوسيلة لنشر المعلومات في ظل تحكم النظام في وسائل الإعلام التقليدية سواء قنوات أو محطات إذاعية أو مواقع وصحف.
رجل واحد يتحكم في محادثات ملياري شخص
ويرى هيوز أن الجانب الأكثر إشكالية في قوة فيسبوك هو سيطرة مارك الأحادية على المحتوى، فلا توجد سابقة تُبرز قدرته على متابعة أو تنظيم أو حتى مراقبة المحادثات بين ملياريّ شخص، فمهندسو فيسبوك يكتبون الخوارزميات التي تختار تعليقات ومنشورات المستخدمين التي تظهر في الصفحات الرئيسية لأصدقائهم وعائلاتهم، وتخضع ملكية هذه الخوارزميات لفيسبوك، وهي معقدة جداً، حتى إن العديد من موظفي فيسبوك أنفسهم لا يفهمون طريقة عملها.
وفي كانون الثاني 2018، أعلن مارك أن الخوارزمية ستفضِّل المحتوى غير الإخباري الذي يشاركه الأصدقاء والأخبار من المصادر "الموثوقة"، وهو ما فسَّره مهندسو فيسبوك –برغم حيرة بعضهم– بتعزيز نشر أي شيء يندرج تحت فئة "السياسة، والجريمة، والكوارث".
بلغة أبسط مارك زوكربيرغ يمتلك القدرة من خلال فيسبوك على تغيير حياة أكثر من 2 مليار شخص حول الكرة الأرضية، وهي بالقطع قدرة لا تتوفر لأي شخص آخر على وجه الكرة الأرضية حاليا، وربما لم تتوفر أصلا لأي شخص آخر عبر التاريخ.