نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريراً أشارت فيه الى الصمت الإسرائيلي حيال التوتر الأميركي الإيراني، وذكرت: "الغارة الإسرائيلية على دمشق ليلة السبت طغى عليها الرقص والغناء في مسابقات (يوروفيجن)، التي نظمت في تل أبيب، والآن وقد انتهى الحفل، وغادر المعجبون، لم يعد هناك ما يحرف النظر عن السؤال الرئيسي المتعلق بإيران".
وقالت الصحيفة إن "عدم صدور بيان من الحكومة الإسرائيلية، ولا المؤسسة العسكرية أو الأمنية، عن الحشود الأميركية في الخليج، مع أن إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو كانا الأعلى صوتا في التحريض على إيران، ومحاولة تخريب المعاهدة النووية التي قصد منها الحد من البرنامج النووي الإيراني".
وأضافت الصحيفة بأن نتنياهو نظم سلسلة من المؤتمرات الصحافية "الطنانة"، التي كشف فيها عما لدى المخابرات الإسرائيلية من وثائق عن المشروع النووي الإيراني، مشيرة إلى أنه ثبت بعد الفحص والتمحيص أنها معلومات قديمة وليست مهمة.
وتابعت الصحيفة أن "هذا تغيير بمقدار 180 درجة في الموقف الإسرائيلي من التطورات الحالية مع إيران له دلالاته، فرغم الصخب والنباح والتهديد والوعيد فإن إسرائيل لا تريد حربا مع إيران، ولا تريد أن تكون من يوجه إليها اللوم لو اندلعت، فنتنياهو تحديدا لا يريد أن يحمل مسؤولية حرب جديدة بعدما اتهم بأنه هو الذي حرض على حرب العراق عام 2003".
ولفتت إلى أن إسرائيل محاطة بأعدائها الإيرانيين وجماعاتها الوكيلة، مثل "حزب الله"، وفي سوريا القوات الإيرانية، أما في غزة فقد دعمت إيران حركات "متشددة" فيها، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية الإيرانية قامت بنقل السلاح والمعدات العسكرية إلى "حزب الله"، الذي بنى ترسانة من الصواريخ تصل إلى 130 ألفا، غالبيتها بمدى يصل إلى مدينة حيفا.
وتذكر الصحيفة أن إسرائيل تتهم إيران بمحاولة بناء وجود لها في الجنوب السوري، ودعم الجماعات المتشددة في غزة، لافتة إلى أنه في الوقت الذي يمكن فيه للجنوب الإسرائيلي مواجهة الصواريخ والقنابل المصنعة محليا، من كتائب القسام التابعة لحركة حماس والجماعات المسلحة الأخرى في القطاع، إلا أن البيوت في شمال إسرائيل لا تستطيع مواجهة الصواريخ الموجهة بدقة التي سيطلقها حزب الله في أي مواجهة جديدة.
وتبين ترو أن نظام القبة الحديدية أثبت أنه ليس قادرا على التعامل مع مقذوفات صاروخية تنطلق في وقت واحد، مشيرة إلى أن إسرائيل تملك أنظمة عسكرية، مثل نظام "ديفيدز سلينغ"، الذي يستطيع التعامل مع النيران متوسطة المدى، بالإضافة إلى آرو2 و3 القادرين على التصدي للهجمات الصاروخية الباليستية، "إلا أنها أنظمة مكلفة للغاية".
ويورد التقرير نقلا عن كبير محللي الدفاع في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، قوله: "هناك الأسباب كلها الموجودة في العالم التي تبعد إسرائيل عن هذا، وليحافظ نتنياهو على صمته"، وأضاف: "لا تريد إسرائيل أن تكون على خط القتال".
وتنقل الصحيفة عن ياكوف أميدور، الذي عمل مستشارا للأمن القومي لنتنياهو، في الفترة ما بين 2011- 2013، قوله: "لا نريد أن نواجه حربا على ثلاث جبهات.. لهذا السبب نقاتل مرة تلو أخرى لمنع إيران من الحصول على هذه القدرات".
وتنوه الكاتبة إلى أن المحاولات التبشيرية التي قام بها نتنياهو للتحذير من التهديد الإيراني، كانت من أجل إقناع دونالد ترامب بالخروج من المعاهدة النووية، وهو ما فعله بعد مؤتمر صحافي صاخب تحت شعار "إيران كذبت" حول قدراتها النووية، بحسب ما قال نتنياهو، لافتة إلى أن إسرائيل كانت تأمل بأن تؤدي الجولة الجديدة من العقوبات على إيران إلى إقناعها بالدخول في مفاوضات حول "صفقة جديدة"، كما يقول أميدور.
وبحسب التقرير، فإن هناك من يقول إن إسرائيل لم تعد مهتمة بتغيير النظام الإيراني من الداخل أو إشعال حرب، مشيرا إلى أنه بالنسبة لنتنياهو فإن التصعيد الأمريكي جاء في وقت سيئ، وهو يجري المفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي بعد فوزه في الانتخابات للمرة الخامسة في نيسان.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن نتنياهو يواجه ثورة داخل حزبه، واتهامات بمحاولة إضعاف المحكمة العليا، لافتة إلى أنه حتى تقرر الولايات المتحدة الخطوة المقبلة فإن إسرائيل ستحافظ على صمتها.