وفي هذا السياق تتم الإشارة الى مركز تشرف عليه الإدارة الذاتية الكردية ووحدات حماية الشعب شمال شرق سوريا، حيث تجري عملية إعادة تأهيل العشرات من أطفال التنظيم الإرهابي، في محاولة لإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية، حيث أصبحت كيفية التعامل مع الأطفال الذين خرجوا من رحم التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش، مشكلة كبيرة تؤرق العالم.
وتم تأسيس مركز "هوري" لحماية وتعليم الأطفال، في 2017، في بلدة "تل معروف" التابعة لمدينة القامشلي في شمال سوريا، ويضم المركز حوالي 70 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً، ممن حاول تنظيم داعش تجنيدهم طوعاً أو قسراً، وزجهم في ساحات القتال، بعد ما عمل على غسل أدمغتهم في محاولة لزرع فكره التطرف.
وتقول مديرة المركز عبير خالد لموقع "صوت أمريكا"، إن المركز يهدف إلى تجنيب هؤلاء الأطفال الذين انضموا لداعش في سوريا، آثار الحرب ومناقشتهم فكرياً لإعادة تأهيلهم وإبعادهم عن الأفكار المتطرفة.
وأضافت "يوجد في المركز حوالي 70 طفلاً، معظمهم سوريون، كما يوجد بعض الأطفال الأجانب"، مضيفة "نحن لا نعرف شيئاً عن ذويهم الذين إما قتلوا أو هربوا".
إعادة التأهيل
ويخضع "أشبال الخلافة" السابقون لبرنامج يومي مكثف في المركز ، يمارسون فيه الرياضة كما يتعلمون "الأخلاق" والانضباط ويدرسون اللغتين العربية والكردية، فضلاً عن التاريخ والجغرافيا، ويوفر المركز أيضاً ملحقاً طبياً لعلاج الأطفال ممن أصيبوا أثناء معارك تنظيم داعش الإرهابي.
وتخطط السلطات الكردية لتوسيع المركز وإحضار المئات من أطفال داعش الموجودين حالياً في مخيمات اللاجئين في شمال سوريا"، مضيفة أن "نجاح المركز في إعادة تأهيل الأطفال دفع السلطات إلى فتح مراكز أخرى في منبج والرقة".
تهديد مستقبلي
وأكد خبراء في الأزمة السورية على ضرورة وجود استراتيجية واضحة للتّعامل مع أشبال الخلافة السابقين، ولفتوا إلى أن كثيرين منهم ولدوا في ظل "دولة الخلافة" المزعومة، كما أن هناك عدد كبير منهم في سنّ صغيرة عندما استولى التنظيم على مساحات واسعة من العراق وسوريا.
ويقول المسؤولون والناشطون إنه "تم تسجيل الآلاف من هؤلاء الأطفال في مخيمات اللاجئين منذ آذارالفائت، بعدما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركياً النصر النهائي على داعش، بعد أسابيع من الاشتباكات في بلدة الباغوز في شرق سوريا".
وقالت منسقة للشؤون الإنسانية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا زوزان علوش لـ"صوت أمريكا"، إن "حوالي 17000 امرأة وطفل ينتمون لتنظيم داعش من السوريين والأجانب، يتوزعون الآن في 3 معسكرات في شمال شرق سوريا.
وأضافت المسؤولة أن "الإدارة والناشطين في المعسكر أطلقوا مبادرات للقضاء على الفكر المتطرف بين أسر التنظيم، إلى أنه يتم تجاهل الجهود المستمرة وذلك لأن الاحتياجات الإنسانية تفوق في كثير من الأحيان الحاجة إلى مثل هذه البرامج".
وتابعت علوش "هناك أيضاً مسألة الخبرة في تصميم وتعليم برامج لمكافحة التطرف، خاصة عندما نأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي والتعليمي والديني للمجموعة المستهدفة"، مضيفة أن توفير برامج إعادة التأهيل هذه سيكون له تأثير ضئيل على الصدمات النفسية للأطفال إذا لم تتم تلبية احتياجاتهم الأساسية أولاً.
مزيد من التطرف
يقول الخبراء إن "هؤلاء الأطفال عرضة لمزيد من التطرف ويمكن أن يصبحوا جيلاً آخر من مجندي داعش إذا ظلوا متجاهلين في مخيمات اللاجئين"، وأضافوا أن "هؤلاء الأطفال قد يكبرون في ظروف قاسية في مخيمات اللاجئين حيث سيجدون أنفسهم مرفوضين من قبل المجتمع في العراق وسوريا".
وقالت أستاذة الاتصالات ودراسات الشرق الأوسط بجامعة جورجيا الحكومية ميا بلوم، لـ "صوت أميركا" إنه "من مصلحة المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية الأطفال ومساعدتهم على التعافي من التجارب التي تعرضوا لها في ظل داعش".
وأضافت إنه "حتى إذا لم يتم تدريب هؤلاء الأطفال على القيام بأعمال عنف، فقد تعرضوا للصدمة الشديدة من خلال مشاهدتهم لأعمال عنف في منطقة حرب".
ومضت بالقول: "أعتقد أن مثل هذه البرامج مهمة من أجل أن يعيش هؤلاء الأطفال حياة أفضل، وبعدها سيكون لديهم خيارات أكبر بكثير"، موضحة أن "تلك الدول يمكن أن تتبنى برامج لمحاربة التطرف تنفذ في دول مثل باكستان، حيث يتم التركيز بشكل أكبر على أهمية الحوافز الاقتصادية وتحسين سبل المعيشة".