في جنوب فرنسا، حيث يتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة 45 درجة مئوية، يحرص كبار السن على الخروج قبل الثامنة صباحًا للتبضع في مونبلييه. وتقول سوزيت ألاغر الثمانينية التي وضعت قبعة ونظارات شمسية وهي تمشي بصعوبة وتحمل بيدها شبكة التسوق: أذهب مع افتتاح المتجر. الشمس حارقة حتى في هذا الوقت وأشعر بثقل التلوث".
وتضيف المرأة التي تصف نفسها بأنها "ابنة الجنوب" وتؤكد أنها لطالما كانت "قادرة على تحمل الحر"، أنها تخشى "هذا القيظ الجهنمي". وتقول، بعد التسوق "أعود إلى المنزل وأبقى في الداخل بعد أن أغلق النوافذ وأشغل المروحة".
في المتجر، حيث خلت رفوف عبوات الماء ولم تبق ولا مروحة، عبرت سونيا تافيرنييه عن استيائها وهي تستعد للتوجه لقضاء الإجازة بعد الظهر مع طفليها الصغيرين في سيارة قديمة غير مكيّفة.
تتوقع الأرصاد الفرنسية أن "تتجاوز الحرارة 45 درجة مئوية وهو أمر لم يسبق له مثيل في فرنسا" باستثناء المناطق الفرنسية خارج القارة. وتحسباً لما قد ينجم عن ذلك، وضعت أربع إدارات في جنوب فرنسا لأول مرة في حالة التيقظ الحمراء، وهي الأشد قسوة، وتستدعي تعبئة خدمات الطوارئ وتعزيز التدابير الاحترازية مراعاة للأكثر ضعفا.
في إسبانيا، حيث تتعدى درجات الحرارة 40 درجة مئوية في أغلب الأيّام، توفي شاب في السابعة عشرة من عمره كان يحصد في الأندلس جراء "ضربة شمس"، وفق السلطات.
ووضعت 34 من بين 50 مقاطعة في إسبانيا في حالة تأهب تحسباً من الحرائق، لا سيما في كاتالونيا حيث يكافح رجال الإطفاء حريقًا اجتاح بالفعل 6500 هكتار.
"التكيف الضروري"
كافح 400 رجل طوال الليل هذه الحرائق، وفقًا لبيان صادر عن رجال الإطفاء، ومنذ السابعة صباحًا، استأنفت الطائرات والمروحيات دوراتها لمحاولة وقف تقدم النيران. وقال البيان إنّه "على الرغم من أن الحريق لم يتوقف في الوقت الراهن، إلّا أننا لا نواجه جبهات مشتعلة بضراوة".
وكان رئيس دائرة الداخلية الكاتالونية، ميكيل بوخ، حذر من أن الموجة الحارة ستصل يوم الجمعة إلى ذروتها مع درجات حرارة تفوق 40 درجة، وأوصى السكان باتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر".
وفي فرنسا، أصيب طفل سوري يبلغ من العمر ست سنوات بجروح خطيرة مساء الخميس بسبب ضغط المياه المنبعثة لدى فتح صنبور لإطفاء الحريق في إحدى ضواحي باريس.
والخميس، توالت درجات الحرارة القياسية المسجلة في جزء كبير من أوروبا: 38,9 درجة في جمهورية تشيكيا و38,6 في ألمانيا و38,2 في بولندا و43,5 في جنوب فرنسا.
ويترقب الفرنسيون بخشية كبيرة نهاية هذه الموجة مخافة تكرار موجة القيظ التي اجتاحت أجزاء كبيرة من البلد في عام 2003 وأودت بحياة 15000 شخص.
وقالت وزيرة الصحة الفرنسية أنييس بوزين "سيتم إلغاء أو تأجيل الرحلات المدرسية والمناسبات الاحتفالية ما لم تنظم في أماكن باردة دون الحاجة إلى الانتقال والتعرض للحرارة".
وفي إيطاليا، يتوقع أن تكون الحرارة على أشدها في الشمال الغربي حيث تصل درجة الحرارة إلى 40 في بييمونتي أو 39 درجة في جنوة وتوسكاني. وعثر على مشرد سبعيني ميتًا صباح الخميس في ميلانو، بسبب الاعياء الناجم عن الحر.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّ موجات الحرارة هذه في فترات غير معتادة بالنسبة لفرنسا، يتوقع أن تتكرر جرّاء الإحتباس الحراري. وأضاف من طوكيو أنّه "سيتعين علينا تغيير تنظيم أنفسنا وطريقة عملنا (...) وطريقة بناء منازلنا"، مشدداً على "ضرورة تكيف المجتمع وممارساته" تبعاً لتغير أحوال الطقس.