وكانت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو قد صوتت اليوم الجمعة بإجماع أعضائها الـ21، على إدراج بابل القديمة كموقع للتراث العالمي بعد ثلاثة عقود من الجهود التي بذلتها العراق. وقال وزير الثقافة والسياحة العراقي عبد الأمير الحمداني في كلمته خلال الاجتماع أن بلاده خصصت مئتي مليون دولار من أجل بابل.
وتضم قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي 878 معلماً، أغلبها مواقع ثقافية مع مجموعة أقل من المواقع الطبيعية والمختلطة، وتهدف القائمة إلى جذب الاهتمام للحفاظ على التراث العالمي وحمايته للأجيال القادمة.
وسعى العراق خمس مرات منذ عام 1983 لتصنيف موقع بابل القديمة، وهي مجمع ضخم مساحته عشرة كيلومترات تم حفر 18٪ منها فقط حتى الآن ضمن قائمة اليونسكو، وتحقق ذلك أخيراً في الدورة 43 المنعقدة حالياً في باكو بأذربيجان.
أصل التسمية
وتطورت بابل القديمة كمدينة مسوّرة تضم معابد وأبراجاً مصنوعة من الطوب الطيني.
وتقع المدينة القديمة على ضفاف نهر الفرات، على بعد نحو مئة كيلومتر جنوب بغداد، وكانت المدينة مركز الإمبراطورية البابلية القديمة قبل أكثر من أربعة آلاف عام.
وتحتل بابل مكانة خاصة في الأديان، وجرى ذكرها في العهدين القديم والجديد وحتى النبوءات الأسطورية.
أسد بابل
هو تمثال على شكل أسد يقف على شخص بشري، طول التمثال يبلغ مترين وهو موضوع على منصة طولها حوالي متر عثر عليه باحثون ألمان 1776، ويقال إن الأسد يرمز لقوة بابل وسيطرتها على الشعوب.
بوابة عشتار
هي البوابة للمدينة الداخلية، زينت بقرميد أزرق زاه وزخرفت برسومات لثيران وتنانين وأسود، سمي تيمنا بالآلهة عشتار، ويقال إن نبوخذ نصر الثاني بناه تعبيرا لحبه لزوجته.
اتخذت بوابة عشتار مدخلا رئيسيا لسور المدينة الداخلي، وإلى شارع الموكب الذي يعد الشارع الرئيس لمدينة بابل والطريق المقدس الذي يربط المدينة ببيت الاحتفالات الدينية في عيد رأس السنة، الذي احتفل فيه مع بداية الربيع وانطلاق الموسم الزراعي.
وقام علماء آثار ألمان بالكشف عن البوابة في أوائل القرن العشرين، وإعادة بنائه باستخدام جارته الأصلية في متحف بيرغامون في برلين.
جدران بابل
احتوت المدينة القديمة على جدران بنى حمورابي جدارا أحاط بابل، تلاه نبوخذ نصر الثاني الذي أضاف ثلاث حلقات إضافية بطول 40 مترا.
ووصف المؤرخ الإغريقي هيرودوت سمك جدران المدينة، قائلا إن سباقات بين العربات كانت تقام فوقها، وتبوأت المدينة داخل هذه الجدران مساحة بلغت 200 ميل مربع (517 كيلومتر مربع)، أي ما يقارب مساحة مدينة شيكاغو الأميركية.
ذكر في العهد القديم احتواء المدينة على برج بابل، الذي بني اعتقادا بإيصال سكانه إلى الجنة، وأن الرب عندما رأى ذلك دمر البرج وبعثر البشر حول الأرض ليتكلموا بلغات متعددة وينعدم التواصل بينهم.
ويذكر موقع "History" وجهة نظر بعض الدارسين بأن القصة مستمدة من برج كان قائما بالفعل لعبادة الإله البابلي مردوخ.
وهي مجموعة من المتاهات البرجية التي تحفها الأشجار والأزهار وشلالات المياه، وهي إحدى العجائب السبع للعالم الأثري، لكن وللأسف عثر العلماء على أدلة قليلة على وجودها أصلا على أرض الواقع يوما ما.
و ذكر علماء آخرون أن الحدائق المعلقة لم تكن موجودة في بابل أصلا، بل رجحوا وجودها في محافظة نينوى.
بابل أكبر مدينة قديمة
وكانت اللجنة بدأت اجتماعاتها الأسبوع الحالي في باكو للتصويت على إدراج بابل و34 موقعا أثرياً آخر، بعضها في البرازيل وبوركينا فاسو، على لائحة التراث العالمي.
وأضاف أن "البابليين هم حضارة الكتابة والإدارة والعلوم"، في العراق الذي يفخر بكونه أول بلد عرف الكتابة، وعثر فيه على أول لوح مسماري يعود تاريخه إلى 5500 عام.
ووفق مستشارة التراث العالمي لدى الحكومة العراقية جيرالدين شاتلار فإنّه "يبدو مستحيلا التخلص من بابل في السرد الوطني العراقي".
وتشير شاتلار، وهي أيضاً باحثة في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، إلى أنّ إدراج الأونيسكو لبابل اليوم "اعتراف مهم وخبر سار للسلطات التي تأمل في أن تعزز الفخر الوطني".
العراق يسعى للعودة إلى الساحة الثقافية والسياحية
بعد 35 عاما من حكم البعث ضمنها عقد من الحصار، ثم 15 عاما من العنف الطائفي والجهادي، يسعى العراق -الذي يقول إن لديه ما لا يقل عن سبعة آلاف موقع أثري- للعودة إلى الساحة الثقافية والسياحية.
لكن قبل النجاح خارجا، تعول جهات الآثار العراقية على قائمة اليونيسكو لتعبئة المسؤولين بعد سنوات من انقطاع الاموال التي كانت تنفق على المجهود الحربي.