نهار الأربعاء الماضي، بعد انتهاء غارة جوية على منطقة أريحا في ريف إدلب الجنوبي، خرجت الطفلة رهام، من بين الأنقاض في مشهد سحري من عالم الغرائب: شعر أشعث غامق ومغبر لطفلة بالكاد تخرج عنقها ورأسها من بين الدمار، لتلتقط شقيقتها الرضيعة تقى المعلَّقة بدورها بحديدة تركتها الأقدار عند ذلك المكان، فقط لتبقى الناجي الوحيد الذي سيكون له الحق برواية الحادثة، إذ لا رواية بدون ناجٍ، وإلا من سيتحدث عن الطوفان؟
ومن صدمة خروج طفلة من بين أنقاض تسبب بها القصف، لتنقذ شقيقتها الرضيعة، إلى صدمة وفاتها التي أعلنت ليل الخميس، وهي في غرفة العمليات بعد تعرضها لإصابات خطيرة وعدم تمكن الأطباء من إنقاذها، لتبكي قلوب متابعين وناشطين وإعلاميين من على شاشات التلفزة ومختلف وسائل التواصل.
لقد عادت رهام من الموت، لتنقذ شقيقتها الرضيعة، ثم توجّهت إليه، بكل غموض وقساوة. لقد انتهت المهمّة، وتمّت المعجزة، والرضيعة (تقى) التي كانت معلَّقة على حديدة من بقايا البناء المدمر، ستظل حياتها ملْكاً لروح شقيقتها التي عادت من الموت، فقط لإنقاذها، ثم أكملت الرحلة إليه، تاركة وراءها القهر تلو القهر الذي يحرق، الآن، حناجر وعيون وأصوات السوريين، بحسب ما ورد من تعابير وصيغ، في تعليقات تتوسع الآن بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي.