يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رحلة دبلوماسية جديدة يسعى من خلالها لحلحلة أزمة النووي الإيراني التي تعقدت بفعل انسحاب أميركا من الاتفاق في أيار 2018، ويطمح ماكرون الذي سيجتمع اليوم الجمعة بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لإعادة طهران إلى احترام الاتفاق.
وتتلاقى جهود ماكرون نسبياً مع تطلعات إيران التي تحدث وزير خارجيتها محمد جواد ظريف عن وجود نقاط اتفاق مع الرئيس الفرنسي في إطار مساعي إنقاذ الاتفاق النووي.
ويتزامن لقاء ماكرون وظريف مع انعقاد قمة مجموعة السبع التي تبدأ غداً السبت في مدينة بياريتس في جنوب غرب فرنسا، ورغم وجود خلافات حقيقية داخل المجموعة حول الاتفاق النووي إلا أن ماكرون يصر على إجراء مناقشة خلال القمة بشأن كيفية معالجة الملف الإيراني.
وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية، طالباً عدم ذكر اسمه، إن المحادثات الجمعة بين ظريف وماكرون ستكون استكمالاً للمحادثات التي كان بدأها موفد الرئيس الفرنسي إلى طهران، مستشاره الدبلوماسي إيمانويل بون.
إنعاش الاتفاق
وكثفت فرنسا جهودها لإنعاش الاتفاق بعد أن بات مهدداً حقيقياً لأمن المنطقة خاصة وأن إيران ردت على الانسحاب الأمريكي برفع مستوى تخصيب اليورانيوم وتجردت من بعض الالتزامات السابقة ما دفع الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا للهرولة لإنقاذ الاتفاق قبل خروج الأمور عن السيطرة. كما تهدد إيران بالتخلي عن التزامات أخرى في حال لم تنجح باقي الأطراف في إعانتها على الالتفاف على العقوبات الأمريكية، خصوصاً بما يتعلق ببيع النفط والغاز.
وبحسب المعهد النرويجي للشؤون الدولية فإن اللقاء بين ماكرون وظريف سيناقش مقترحات ملموسة على الطاولة سعياً للعمل على تطبيقها لاحقاً.
مفاوضات جديدة
وتشير التقارير إلى أن ماكرون يتوقع أن تمتثل إيران امتثالاً كاملاً ببنود الاتفاق النووي، إضافة إلى الدخول في مفاوضات جديدة تشمل برنامج الصواريخ الباليستية والأنشطة الإقليمية مقابل تخفيف العقوبات على إيران أو توفير "آلية تعويض لتمكين الشعب الإيراني من العيش بشكل أفضل" في مقابل الامتثال التام للاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة العام الماضي.
وتبقى الوساطة الفرنسية ضعيفة، ويؤكد ذلك إجابة ماكرون على سؤال صحافي بالقول "الوساطة الفرنسية تواجه صعوبات من الجانب الأمريكي، وسبق وأن وجه ترامب لفرنسا انتقادات لاذعة، وقال إنه لا يريد لأحد أن يتحدث باسم أمريكا، وعلى الأمريكيين أن يتحدثوا بأنفسهم".
فرص نجاح محدودة
يقول رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب) محمد محسن أبو النور في تصريحات لوكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك"، إنه "يستبعد نجاح فرنسا في التوصل إلى تسوية بين واشنطن وطهران، خلال لقاء الرئيس ماكرون ووزير الخارجية جواد ظريف".
وأضاف أبو النور، أن هناك أسباباً لعدم نجاح تلك الوساطة، منها السقف العالي للمطالب بين الطرفين (الأميركي والإيراني)، ووصول التوتر بينهما إلى نقاط حادة، إضافة إلى إعلان الطرف الإيراني عن نيته عدم الدخول في مفاوضات في المرحلة الراهنة.
وتؤكد صحيفة "الشرق الأوسط" أن المنتظر من ظريف، وفق مصادر أوروبية، أن ينقل إلى ماكرون وعبره إلى الرئيس ترامب والقادة الآخرين، آخر ما رست عليه المطالب الإيرانية، وما تقبله طهران وما ترفضه. وسبق لباريس أن طرحت مقترحات متقابلة من شأنها "تبريد" الوضع وتجميد التصعيد المتبادل أميركياً وإيرانياً، والتمهيد للعودة إلى طاولة المفاوضات.
لكن أوساطاً فرنسية أفادت بأن إحراز أي تقدم مرهون أولاً بما تريده الإدارة الأمريكية التي يبدو أنها ماضية في سياسة الضغوط القصوى التي ترى أنها أخذت تحقق الكثير من النتائج وستلزم طهران بالتفاوض وفق الشروط الأمريكية. وإذا صحت هذه القراءة، فإن تحقيق أي تقدم في الملف الإيراني يبدو اليوم بعيد المنال.