كشفت مجلة "نيوزويك" عن تسجيلات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وهو يصيح في وجه وزير الاتصالات مخالفاً تعليمات المدعي العام. ويقال إن التسجيلات وفرت تأكيداً غير مباشر بشأن ما ارتكبه نتانياهو، وقد أعلن المدعي العام بالفعل عن خططه لاتهام رئيس الوزراء بانتظار عقد جلسة استماع.
وبحسب مارك شولمان، كاتب رأي لدى مجلة "نيوزويك" ومحرر موقع "هيستوري سنترال" الإسرائيلي، أنه في ظل الفوضى التي تشهدها السياسات الإسرائيلية حالياً، سرعان ما حول حزب نتانياهو، الليكود، تلك التسجيلات التي قد تجرمه، إلى إعلان للانتخابات وظفت فيه لإظهار أن نتانياهو زعيم قوي، كما يثبت من خلال صياحه على وزير في حكومته، وإصراره على وجوب أن يكون لوسائل إعلام يمينية صوت مسموع.
وما يثير السخرية بشأن بث الشريط على القناة 13 في التلفزيون الإسرائيلي، دعوة رئيس الوزراء بعد ذلك لمقاطعة قناة تجارية كبرى أخرى – القناة 12- بسبب إنتاجها لبرنامج (اعتبره نتانياهو معادياً لإسرائيل)، ولأن مراسل القناة 12 تجرأ على الكتابة حول تقرير عن شهادة مسربة، يقدم فيها المدير العام لوزارة الاتصالات في حكومة نتانياهو دليلاً ضد رئيس الوزراء بشأن إحدى قضاياه العالقة. وبسبب الطبيعة الشخصية لهجمات نتانياهو، عيِّن للصحفي حراس شخصيين.
وبحسب الصحيفة، إن نتانياهو يتبع سيناريو مشابهاً تقريباً لما يتبعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فقد دأب على وصف ما تنشره وسائل الإعلام بأنها "أخبار مزيفة"، والإيحاء بأن من يطلقونها أعداء. وقد نشر الليكود إعلاناً خاصاً بالحملة يعرض لمجموعتين من الصور – الأولى للزعيم الإيراني وزعيم "حزب الله" معاً، والثانية لمجموعة من الصحفيين الإسرائيليين. وتحت مجموعتي الصور كتبت عبارة "لا يريدون منكم التصويت لليكود– سنلتقي بكم عند مراكز الاقتراع".
وقد أصبح الليكود يشبه صحفيين يكتبون أشياء سلبية عن نتانياهو بأشد خصوم إسرائيل، كما دأب ترامب على وصف وسائل إعلام بأنها "عدو الشعب".
ويلفت الكاتب لاقتراب موعد الانتخابات (بعد أقل من أسبوعين)، وأن هذه الحملة الانتخابية تجري في معظمها على الانترنت، في وقت لا تتحدث فيه أي من الأحزاب عن قضايا محلية. ورغم تلك الحقيقة، هذه أول مرة منذ عدة سنين، يبدو فيها مسار نتانياهو للفوز بالانتخابات غير واضح المعالم.
رفض للهزيمة
ويشير كاتب المقال لانتهاء الانتخابات الأخيرة بهزيمة فعلية لنتانياهو الذي عجز عن تشكيل ائتلاف. ووفق الأعراف والقوانين، كان يفترض به تحويل تكليفه بتشكيل الحكومة إلى الرئيس، الذي كان سيكلف شخصاً آخر بدلاً منه. لكن نتانياهو لم يكن ليقبل بالهزيمة، لأنها كانت تعني نهاية عهده كرئيس للوزراء، ولربما دخوله السجن. ولذا استفاد من مناورة برلمانية لم يستخدمها أحد قبله. لقد حل الكنيست فكان لا بد من إعادة انتخابات نيسان الماضي.
ويرى الكاتب أن المسؤول عن فشل نتانياهو في تشكيل حكومة هو أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع السابق، ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا". واستندت حملة ليبرمان إلى دعوته لتشكيل حكومة وحدة من يمين الوسط، تخلو من أية أحزاب دينية، وهو شيء يزعم 86٪ من الإسرائيليين أنهم يفضلونه. ولكن ليبرمان يدرك أن الوسيلة الوحيدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية لا تتحقق إلا إذا أجبر نتانياهو على التخلي عن زعامة الليكود.
وهناك عنصر آخر في هذه الحملة الانتخابية، ولطالما كان الأهم في أية حملة، وهو الوضع الأمني. فقد دخلت إسرائيل، خلال الأسابيع الأخيرة، في مواجهة علنية مع كل من إيران وحزب الله، في سوريا ولبنان. وهناك دعم سياسي شامل لأنشطة إسرائيلية من أجل إحباط أية محاولة إيرانية لإقامة قواعد في سوريا، أو لتطويق محاولات "حزب الله" لبناء ترسانة صواريخ دقيقة.
ومن أقوى خصوم نتانياهو رؤساء أركان سابقون للجيش الإسرائيلي، منهم وزيرا دفاع سابقان، وكانوا جميعاً صريحين في انتقادهم العنيف لكشف نتانياهو عن أنشطة إسرائيلية في سوريا ومناطق أخرى. وتتناقض التصريحات الأخيرة مع صمت التزمت به إسرائيل طيلة عشرات السنين فيما يتعلق بعملياتها خارج حدودها (باستثناء غزة والضفة الغربية).
ويرى كاتب المقال أن نتانياهو سيواصل مصارعة خصومه حتى إغلاق صناديق الانتخاب. وكل من يستبعد فوز نتانياهو يقلل من شأنه. ولكن، في الوقت نفسه، كل من يثق بأن الساحر، كما عرف يوماً، سوف يخرج أرنباً آخر من تحت قبعته، بحاجة للعودة إلى لانتخابات السابقة قبل ستة أشهر، عندما أعدت منصة العرض، ولكن الأرنب لم يظهر فعلياً.