بعدما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام، عزم بلاده على توطين مليوني شخص في "المنطقة الآمنة" المزمع إقامتها في شمال شرق سوريا، كشف تقرير أخير مخطط تركيا التي طرحت برنامج إسكان طموح لصالح مليون سوري، يُعد الأكبر من نوعه في التاريخ، وبتكلفة تصل الى 27 مليار دولار، ما إعتبره كثيرون خطة تسعى من خلالها تركيا لإقتطاع قطعة أرض من بلد عربي.
والمنطقة الآمنة المزمع إقامتها تمتد شرقاً من نهر القرات في سوريا الى الحدود العراقية، كانت أنقرة وواشنطن قد إتفقتا على إقامتها على إمتداد 480 كيلومترا من الحدود التركية، وترغب تركيا في أن تصل المنطقة إلى عمق 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية. وحسب سيث فرانتزمان، كاتب لدى منتدى الشرق الأوسط، ومؤلف كتاب "ما بعد داعش: أميركا وإيران والصراع على الشرق الأوسط"، تتحدث أنقره منذ أشهر عن "المنطقة الآمنة"، وقد طرحت مؤخراً برنامج الإسكان والذي يعني بناء 200,000 مسكن لأكثر من مليون لاجئ سوري يقيمون حالياً في تركيا. وجاء معظم هؤلاء اللاجئين من مناطق مثل حلب، ولكن تركيا لا تريد عودتهم ثانية إلى مناطق قريبة لقراهم وبلداتهم السابقة، مثل جرابلس، أو محافظة إدلب.
توجيه لاجئين
ويقول كاتب المقال إن تركيا تريد توجيه لاجئين نحو مناطق تحاذي الحدود الشمالية الشرقية لسوريا، حيث تتواجد قوات أميركية وقوات سوريا الديموقراطية "قسد". وتهدف تركيا لتغيير المنطقة ديموغرافياً من منطقة كردية تاريخياً، إلى أخرى سكنية في بلدات على النمط الاستيطاني، يقطنها لاجئون عرب تدعمهم تركيا، ولا يتواصلون مع سكان أصليين، ويعتمدون على دعم تركي.
ويعتبر حجم المشروع طموحاً حتى بالنسبة لدول غنية وقوية، ليست تركيا من ضمنها. لكن، تتصور أنقره بناء 140 بلدة، يضم كل منها 5000 مقيم، في عشرة "مناطق" جديدة. ويشير الكاتب لنشر وسائل إعلام تركية صوراً لتلك البلدات، والتقطتها وسائل أخرى، كتلفزيون "إيران برس" و"عرب نيوز"، وستبدو أكثر حداثة ورفاهية من معظم البلدات التركية.
وتقول الحكومة التركية إن هدفها يقوم على "إسكان مليوني سوري، بدعم من المجتمع الدولي، عبر تأمين ممر سلام بعمق 30 كيلومتراً، وطول 480 كيلومتراً، في المرحلة الأولى.
وبرأي كاتب المقال، تتصرف تركيا كأنه ليس هناك سكان أصليون في شمال شرق سوريا، حيث سيكون في كل قرية منشأة رياضية ومدرستان تضم كل منهما 16 فصلاً. وستبلغ مساحة كل بيت 100 متر مربع، حسب الخطة التي نشرتها صحيفة "حريت". وحسب الصحيفة يتطلب تنفيذ المشروع مساحة 92.6 مليون متر مربع، فضلاً عن الحاجة لـ 140 مليون متر مربع من الأراضي الزراعية.
ولم تعلق الحكومة الأميركية التي وقعت مع تركيا اتفاقاً لتسيير دوريات حراسة مشتركة في شرق سوريا لأجل تمهيد الطريق "للمنطقة الآمنة"، على حقيقة أن تركيا تتصور منطقة آمنة تؤوي مليون مقيم في منطقة ستضطر الولايات المتحدة وشركاءها على الأرض، لإخلائها من أجل إفساح المجال للنظام الجديد.
إلى ذلك، ليس معروفاً بعد كيف ستقرر تركيا من سيقيم في تلك المنطقة وسط فيض من الطلبات، ما يطرح مخاوف من أن حالة من عدم الاستقرار قد تنتج عن المشروع التركي، وسيكافح السوريون للحصول على فلل بمساحة 100 متر في شمال شرق سوريا. كما قد يتساءل سوريون يقيمون تحت الحكم التركي في عفرين وإدلب ومناطق أخرى في شرق سوريا عما يمنع تخصيص مشروع بعدة مليارات الدولارات لبناء منشآت رياضية ومساجد ومدارس جديدة لهم، ما قد بسبب مزيداً من الاحتجاجات بسبب تفضيل تركيا منطقة سورية على أخرى.