خبر

لماذا أصبح 'داعش' أقوى في سوريا بعد قرار الانسحاب الأميركي؟

حذر تقرير نشرته مجلة "تايم" الأميركية من أن مقاتلي تنظيم "داعش" يكتسبون نفوذاً بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا، لافتاً الى أن "داعش سيسعى على الأمد الطويل إلى استعادة السيطرة على بعض المراكز السكانية السورية وتوسيع نطاق هجماته الإرهابية بالخارج".

وبحسب التقرير، الذي أعده دبليو جيه هينيغان وجون والكوت، قالت وكالة الاستخبارات الدفاعية إن تنظيم "داعش" قد عاود الظهور داخل سوريا وباتت لديه قدرة أكبر على شن هجمات إرهابية ضد الغرب بعد الانسحاب السريع للقوات الأميركية من سوريا خلال الشهر الماضي.

وكشف تقرير لمكتب المفتش العام بالبنتاغون أن قرار ترامب المفاجئ بنقل جميع القوات الأميركية البالغ عددها ألف جندي من شمال سوريا، قد أسفر عن فراغ في السلطة وتسبب بسلسلة من التطورات العنيفة التي تهدد بانقلاب التقدم المحرز خلال أكثر من خمس سنوات في الحرب على "داعش".

ويقول تقرير البنتاغون الذي يقع في 116 صفحة: "استغل داعش التوغل التركي والانسحاب اللاحق للقوات الأميركية في إعادة بناء قدراته وموارده داخل سوريا إلى جانب تعزيز قدرات التنظيم الإرهابي على التخطيط لشن هجمات في الخارج. ومع غياب ضغوط مكافحة الإرهاب من المحتمل أن يتمكن "داعش" من بناء شبكات سرية بشكل أكبر إلى جانب تزايد المحاولات لتحرير الدواعش المحتجزين في السجون وأفراد عائلاتهم الذين يعيشون في مخيمات النازحين داخلياً".

ويلفت تقرير المجلة إلى أن الرئيس ترامب قرر الإنسحاب عقب محادثة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السادس من شهر تشرين الأول الماضي، وفي التاسع من الشهر ذاته شنت تركيا عمليات عسكرية جوية وبرية ضد المقاتلين الأكراد وهم جزء من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تحارب داعش إلى جانب الجيش الأميركي منذ عام 2015.

وبحسب التقرير، تجاهل قرار ترامب تحذيرات مساعديه بشأن مخاطر التخلي عن الأكراد حلفاء الولايات المتحدة الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين، إذ كانت الولايات المتحدة تعتمد عليهم لتدمير بقايا خلايا داعش وحراسة أكثر من 30 مركزاً لاحتجاز الدواعش الذين تصل أعدادهم إلى قرابة عشرة الأف مقاتل في جميع أنحاء شمال سوريا.

ويقول التقرير: "حينما أصدر ترامب أمراً بالانسحاب كانت القوات الأميركية في خضم تدريب الأكراد وتجهيزهم لتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب ضد داعش. ومن شأن تقليل ضغط مكافحة الإرهاب ضد داعش أن يقود إلى توفير الوقت والمساحة للتنظيم الإرهابي لتوسيع قدراته على شن هجمات تستهدف الغرب".

وبحسب المسؤولين الأميركيين يتمثل أحد المخاطر الآن في أن انتباه مقاتلي داعش الباقين سيتحول إلى الهجمات الإرهابية المتصاعدة خارج المنطقة، من خلال الموالين للتنظيم في أوروبا وأماكن أخرى في العالم، لاسيما إذا تم شحن المزيد من اللاجئين إلى أوروبا بسبب إصرار تركيا على ترحيلهم.

وستزداد الأمور تعقيداً في حال نجاح مقاتلي داعش في الفرار من الاحتجاز بسبب انشغال القوات الكردية عن حراسة مخيمات الاحتجاز والتحول إلى مواجهة القوات المدعومة من تركيا.

ويضيف تقرير المجلة الأميركية أنه على الرغم من استمرار الأكراد في حراسة مراكز الاحتجاز إلا أنهم قلصوا بشكل ملحوظ الأمن نتيجة التوغل التركي، لذا هرب قرابة 200 من سجناء داعش البالغ عددهم عشرة ألاف تقريباً. ومن المتوقع على الأمد القصير وبسبب تراجع ضغوط مكافحة الإرهاب أن يعمل داعش بحرية أكبر في مناطق شمال شرق سوريا لبناء شبكات سرية وتحرير الدواعش المحتجزين لدى الأكراد.

ويرى مسؤول أميركي أن الظروف القاسية في معسكرات السجون قد جعلتها أرضاً خصبة لتجنيد جيل جديد من الإرهابيين، بما في ذلك النساء والشباب.
ويشدد تقرير مجلة "تايم" على أنه رغم أن داعش لم يعد يسيطر على أي مدينة رئيسية في العراق أو سوريا إلا أن المعركة لم تنته بعد؛ فالجنود المشاة لتنظيم داعش لايزالون على قيد الحياة، والكثير منهم في أجزاء من الصحراء السورية وغرب العراق، وبات من الصعب استهدافهم لأنهم مبعثرون وعادوا إلى حرب العصابات من خلال دمج مجموعات من الخلايا النائمة في العراق وسوريا للقيام بشكل روتيني بالكمائن والتفجيرات والاغتيالات.

ويلفت التقرير إلى أن مقتل زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، خلال الغارة الجوية التي شنتها العمليات الخاصة الأميركية في الشهر الماضي بشمال غرب سوريا، ينطوي على تأثير ضئيل بالنسبة لقدرة داعش على إعادة تشكيل التنظيم.

ويخلص التقرير إلى أنه على الأمد الطويل من المتوقع أن يسعى داعش إلى استعادة السيطرة على بعض المراكز السكانية السورية وتوسيع وجوده العالمي، وذلك حتى مع تعديل ترامب لطلبه بالانسحاب الكامل من سوريا خلال الأسابيع الأخيرة، وإرسال الجيش الأمريكي لقرابة 500 جندي ومدرعات لحراسة حقوق النفط في شمال شرق سوريا لمنع داعش من استغلالها.

ويختم التقرير: "لم يضع القضاء على الخلافة المزعومة لداعش أو قتل البغدادي نهاية للتهديد الإرهابي الذي يشكله داعش للولايات المتحدة وحلفائها، ومن السذاجة التفكير بأن شن هجوم انتحاري في الشانزليزيه أو تايمز سكوير يحتاج إلى عائدات النفط".