خبر

ساعة الانتخابات الإيرانية تدق.. صراع أجنحة وغموض يلف التحالفات

نشرت قناة "الجزيرة" تقريراً عن الانتخابات التشريعية الإيرانية، قالت فيه: "لم يتمكن مجلس صيانة الدستور عبر إعادته النظر في طلبات الترشح، من ردم الهوة بين عدد مترشحي التيارين المحافظ والإصلاحي في إيران، مما أدى -حسب مراقبين- إلى شرخ كبير في الجبهة المحافظة، بينما أضحت خلافات الإصلاحيين تطفو علی السطح حول المشاركة في الانتخابات التشريعية من عدمها".

وتابعت القناة بالقول إنّه مع انتهاء مهلة البت في طلبات الترشح، أعلن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني عباس كدخدائي تأييد أهلية ألفي مترشح بعد إعادة النظر في طلباتهم، إلا أن أوساطا إصلاحية ومعتدلة اعتبرت الخطوة لا تؤثر على التركيبة المتوقعة للبرلمان المقبل.

وقبل أسبوعين فقط عن موعد الانتخابات التشريعية الحادية عشرة، تحوّل المشهد الانتخابي إلى موضوع خلافي بين معسكري الإصلاحيين والمحافظين، وحتى بين أجنحة كل معسكر.

الإصلاحيون والمقاطعة

وبعد ذهاب عدد من الأحزاب الإصلاحية إلى سيناريو "مقاطعة" الاستحقاق الانتخابي المقبل للضغط على مجلس صيانة الدستور لتأييد أهلية عدد أكثر من مرشحيها، التأم المجلس الأعلى لوضع سياسات الجبهة الإصلاحية بعيد الإعلان عن نتائج البت في الترشحات التي سبق رفضها.

وأكد الاجتماع الإصلاحي على أهمية "جمهورية" النظام في فكر الإمام الخميني، وحذر من مغبة مساعي بعض الأطراف السياسية لتقويض ركن الجمهورية في النظام الإسلامي التي لن تؤدي إلا إلى تراجع مشاركة الشعب في الانتخابات.

وبعد دراسته لعدد المرشحين الإصلاحيين الذين تمكنوا من التملص من مقصلة مجلس صيانة الدستور، قرر الإصلاحيون تفويض مجلس الإصلاحات في المحافظات الإيرانية باتخاذ القرار النهائي حول المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة من عدمها.

وبالمناسبة، كان الأمين العام لحزب "شباب إيران الإسلامية" الإصلاحي محمد خونجمن أعلن أن مجلس صيانة الدستور لم يؤيد أهلية أي من مرشحي التيار الإصلاحي في 16 محافظة، وأن عدد مرشحيهم لم يتجاوز الشخص الواحد في تسع محافظات أخری.

وعن تقديم قائمة في العاصمة طهران من عدمه، أعلن المجلس الأعلى لوضع سياسات الجبهة الإصلاحية أنه سيتخذ القرار النهائي بهذا الشأن في جلسة طارئة خلال الأيام القليلة المقبلة.

وفي هذ السياق، علقت سكرتيرة المجلس الأعلى آذر منصوري على التركيبة السياسية النهائية لمرشحي الانتخابات المقبلة بالقول إن "تقاريرنا تؤكد عدم حدوث تغيير ملموس في تركيبة الترشحات"، مؤكدة أن سيناريو الجبهة الإصلاحية المرجح حتى اللحظة هو عدم تقديم أي قائمة في الانتخابات المقبلة.

منهج ناجح

ويأتي التردد بشأن مشاركة الإصلاحيين في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 21 شباط الحالي، بعد أيام قليلة جدا من إعلان السياسي الإصلاحي البارز محمد رضا عارف أن تياره سيشارك عبر تقديم قائمة إصلاحية دون التحالف مع أي جهة أخرى.

وشدد رئيس كتلة "الأمل" في البرلمان الإيراني الذي امتنع بدوره عن الترشح للتشريعيات المقبلة، على أن التيار الإصلاحي سيمارس السياسة التي انتهجها خلال الانتخابات الماضية والتي حقق عبرها فوزا كبيرا على حساب منافسه المحافظ، وذلك "رغم أن رفض أهلية مرشحينا في هذه الدورة قد عقد المشهد الانتخابي".

ويرى مراقبون في إيران أن قرار مشاركة الإصلاحيين في الظروف الراهنة قد يأتي للحيلولة دون تمكن التيار المنافس من العمل على شطب تيارهم من المشهد السياسي الإيراني، بعد السیطرة علی أغلبية المقاعد البرلمانية التي من شأنها أن تنسحب نتيجتها علی الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2021.

خلافات المحافظين

وفي المعسكر المحافظ، أخذت الرياح تجري بما تشتهي السفن، فعندما كانت أوضاعه تتجه إلى الحسم لتقديم قائمة موحدة في العاصمة طهران برئاسة المرشح الرئاسي الخاسر محمد باقر قاليباف تمهيدا لتربعه على رئاسة السلطة التشريعية، تفاجأ أنصاره بتفاقم الصراعات بين أجنحته والإعلان عن استحالة تقديم لائحة واحدة.

وشكل التيار المحافظ لجنة للتوصل إلى قائمة موحدة من 30 مرشحا، نظمت في الخطوة الأولى انتخابات داخلية بين 150 مرشحا من كافة أطيافه وغربلت منهم 90 شخصا، على أمل تكرار الانتخابات الداخلية للتوصل إلى القائمة النهائية في الخطوات الأخرى.

وفي ظل تصاعد الاحتمالات بعزوف الإصلاحيين عن خوض السباق الانتخابي، وتزايد التكهنات بسيطرة المحافظين على البرلمان المقبل، أدى الصراع بين الطيف التقليدي للتيار المحافظ وجبهة "الصمود" (بايداري) إلی سحب الأخيرة مرشحيها من قائمة المحافظين برئاسة قاليباف، معلنة أنها ستقدم قائمة خاصة بها.

تشتت وفشل

وكان السياسي المحافظ عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد رضا باهنر قد حذر المحافظين من تقديم أكثر من قائمة، معتبرا أن التشتت سيجلب لهم الفشل في الانتخابات المقبلة.

ولم تستطع دعوات الإصلاحيين وبعض الشخصيات المحافظة من ثني مجلس صيانة الدستور الإيراني عن قراره رفض طلبات أكثر من 50% من المرشحين للانتخابات التشريعية، منهم أكثر من 80 شخصا من النواب الحاليين المحسوبين على التيار الإصلاحي.

وکان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد اتهم ضمنیا مجلس صيانة الدستور -المحسوب علی التيار المحافظ- بهندسة الانتخابات جراء تصفية الشخصيات الإصلاحية، محذرا من أنه لا يمكن إدارة البلاد علی يد تيار سياسي واحد دون مشاركة الآخرين.