ويشير التقرير إلى أن الأزمة في إدلب هي تذكير بأن الحرب السورية لم تختف وهي قابلة لأن تصبح أسوأ، لافتاً إلى أنّ الرئيس السوري بشار الأسد يحاول أن يأخذها بالقوة الغاشمة.
وأفاد التقرير بأنه ردا على ذلك شنت القوات التركية عملية قالت إنها قتلت فيها 76 جنديا سوريا، وحذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في يوم الأربعاء من المزيد من الأعمال الحربية إن لم تتراجع القوات السورية عن مواقع المراقبة التركية في إدلب، مشيرا إلى أن هذا الاشتباك حدث بالقرب من بلدة سراقب.
وحذّرت الصحيفة من أنّه في حال وقوع حرب سورية تركية شاملة فإنها ستشكل فوضى جيو سياسية كاملة، فسوريا متحالفة مع إيران، ودخول تركيا إلى إدلب تم بدعم من الطيران الروسي، وهو ما وضع علاقة أردوغان بطهران وموسكو تحت مزيد من الضغط.
وبحسب التقرير، فإن هناك أيضا حقيقة مزعجة أخرى، وهي أن تركيا حليفة لواشنطن، وتخزن فيها حوالي 50 قنبلة نووية أميركية على بعد 250 ميلا من الحدود السورية، وهي أيضا عضوة في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما يعني أن أميركا وكندا وكثيرا من البلدان الأوروبية ملتزمة بحمايتها إن تمت مهاجمتها.
ويستدرك التقرير بأنه رغم هذا كله فإن أكبر تأثير للحرب الآن هو على المدنيين في إدلب، بينهم الكثير من النساء والأطفال، فالحرب السورية امتدت لحوالي عقد، وارتكبت خلالها جرائم، وحصل نزوح جماعي، لكن "بأي مقياس فإن الهروب من إدلب يأتي في ترتيب أعلى".
وفي هذا الإطار، نقل التقرير عن المجموعات الحقوقية، قولها بأن ما لا يقل عن 150 ألف شخص فروا من بيوتهم على مدى الأسبوعين الماضيين، ما يوصل عدد النازحين منذ 1 كانون الأول إلى 500 ألف، مشيرة إلى أن فيديو من منطقة القصف يظهر زحمة السير للهروب من المنطقة القريبة من منطقة القصف.
توازياً، نقل التقرير عن مدير الاتصالات في الحكومة التركية فخر الدين التون، قوله في تغريدة له هذا الأسبوع: "وجود تركيا في شمال سوريا يشكل الحاجز الوحيد أمام أزمة إنسانية أخرى.. لقد سمح حلفاؤنا الغربيون لهذه الأزمة بأن تتفاقم لفترة طويلة جدا، ويعيرون الاهتمام فقط عندما يشعرون بالتهديد من تدفق اللاجئين".
وبين التقرير أنه بالنسبة للكثيرين فإن الخيار الأفضل هو الدعم المؤقت لأنقرة، لافتا إلى أن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أصدر بيانا هذا الأسبوع، قال فيه إن بلاده تقف خلف تركيا، وأشار إلى كونها حليفا للناتو.
وذكر التقرير بأنّ مجلس الأمن القومي قال في تغريدة له: "يجب على نظام الأسد وروسيا وإيران وحزب الله أن يوقفوا عدوانهم في شمال غرب سوريا واستهداف المدنيين في إدلب"، وكان الهجوم على القوات التركية هو آخر عنف وحشي في سوريا تقوم به هذه المجموعات، على حدّ تعبيره.
ويستدرك التقرير بأن العلاقة العسكرية بين تركيا وأميركا متضررة بشكل كبير، فقبل عدة أشهر فقط قامت أميركا بشجب تركيا لتحركاتها في سوريا ضد القوات الكردية، مشيرا إلى أن "رويترز" قالت يوم الأربعاء بأن أميركا أوقفت برنامج الاستخبارات العسكرية السري مع تركيا في شهر تشرين الأول بعد الاجتياح التركي لشمال سوريا.
ولفت التقرير إلى أن "الاجتياح" وقع بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترامب بشكل غير متوقع بأن القوات الأميركية في سوريا ستغادر، مشيرا إلى أنه مع أنه لم يتم تنفيذ ذلك الوعد، إلا أن سوريا ليست على سلم أولويات الإدارة، وفي خطاب حالة الاتحاد يوم الثلاثاء، لم يشر ترامب إليها إلا في سياق ذكر زعيم تنظيم "داعش" المقتول، أبي بكر البغدادي.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن ترامب كان يأمل أن يغسل يديه من سوريا، لكن أزمة إدلب تشير إلى أن الأمر لن يكون بتلك السهولة.