في هذا الإطار، لفت أمير أفخمي، أستاذ مساعد لعلم النفس والصحة العالمية والتاريخ بجامعة جورج تاون، في مقال على موقع "فورين أفيرز" الى أنّه عندما بدأ الفيروس الانتشار في ووهان بالصين، اتخذت دول كثيرة استعدادات لمواجهة الوباء. ولكن إيران لم تستعد، بل واصلت تصدير أقنعة إلى الصين، ما أدى إلى نقص شديد في الكمامات التي احتاجتها مستشفياتها في شباط الماضي.
كما رفضت إيران تقييد الوافدين من الصين، أكبر شركائها التجاريين، في محاولة لتجنب أي تأثير ضار على اقتصادها الذي انتعش قليلاً بعد أن تعرض لضرر شديد من العقوبات الأميركية.
عجز محرج
وفي رأي الكاتب، ورغم اختلاف الظروف، يبدو رد الفعل على كورونا مشابهاً إلى حد كبير مع موقف الحكومة الإيرانية في مواجهة موجات متكررة من وباء الكوليرا، في بداية القرن العشرين.
فقد أدى عجز إيران عن وقف تكرار تفشي الكوليرا فيها قبل أكثر من مائة عام، إلى دمار اقتصادها وتقويض سيادتها، وأثار احتجاجات شعبية أجبرت السلالة القاجارية الحاكمة وقتها، إلى غييرات كبرى. وأدى تفشي فيروس كورونا إلى سلسلة من الأحداث المشابهة، توسيع حظر الرحلات الدولية إلى إيران، وانخفاض إضافي لقيمة العملة، وتنامي انعدام الثقة المحلية في الحكومة.
وعلى نفس المنوال، يرجح أن تفيد الإصلاحات الصحية التي قضت على وباء الكوليرا في إيران قبل مائة عام، في احتواء فيروس كورونا.
وتلقت مصداقية إيران ضربة أشد في بداية الأسبوع الماضي عندما أُجبر نائب وزير صحتها ورئيس فريق العمل لمكافحة كورونا على الاعتراف بإصابته بالفيروس بعدما ظهر مريضاً في مؤتمر صحافي. كما ظهرت أعراض الوباء على عدد آخر من المسؤولين الإيرانيين.
الكوليرا
ويشبه كاتب المقال رد فعل الحكومة الإيرانية على فيروس كورونا بما حصل في 1904، عندما وصل وباء الكوليرا إلى إيران، مع عودة حجاج من العراق.
وفي البداية حاولت طهران الحد من عدد الحجاج للمراقد المقدسة، ولكن كبار رجال الدين رفضوا ذلك، واتهموا مسؤولين بتحقيق أهداف "الكفار الغربيين" بمنع الشيعة من واجباتهم الدينية، فانتشرت الكوليرا وتداعى الاقتصاد ما أجبر إيران على التخلي لروسيا، وبريطانيا، على محاجر عند حدودها الشرقية والجنوبية، واستولت هاتان الدولتان على الحدود البرية، والبحرية الإيرانية.
ويرى الكاتب أن الوضع نفسه يتكرر مع حكومة الرئيس حسن روحاني التي عجزت عن احتواء عدد زوار مدينة قم خشية إثارة الذعر العام. ويبدو أن القيادة الحالية في إيران نسيت تلك الدروس. وما لم تتبن نهجاً أكثر شفافية وقوة لوقف انتشار الفيروس، فإن التاريخ سيُكرر نفسه على الأرجح.