سقوط تسوية موسكو في ادلب.. من يستنزف انقرة؟

سقوط تسوية موسكو في ادلب.. من يستنزف انقرة؟
سقوط تسوية موسكو في ادلب.. من يستنزف انقرة؟
يبدو  أن التسوية التي عقدها كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب اردوغان حول محافظة ادلب السورية بعد معارك دامية استمرت اسابيع، تترنح من دون قدرة الطرفين على تنفيذها بشكل حاسم، علماً ان ثمة محاولات مستمرة بين الطرفين لايجاد ثغرات يمكن العبور منها تمكنهم من تنفيذ جميع البنود.

لكن مراقبين يعتقدون بأن هناك توافقاً من عدة اطراف على جعل الجانب التركي يستنزف ويتخبط في ادلب ليقدم تنازلات اكبر من تلك التي قدمها في موسكو، وهذا ما ليس قريباً بحسب التصريحات التركية التي تظهر عناداً كبيراً من قبلها.

تتصدى جبهة "النصرة" ومجموعات اخرى تدور في فلكها لأي محاولات تركية - روسية لفتح طريق اللاذقية - حلب المعروف باوتوستراد M4، عبر تظاهرات شعبية، وعمليات عسكرية ضد الدوريات الروسية والتركية، الامر الذي يعطل اول بند واهم بند من بنود الاتفاق اقله بالنسبة إلى موسكو.


ووفق المعلومات فإن موسكو تشترط على انقرة أن تنفذ هذا البند عبر فتح الاوتوستراد قبل تنفيذ موسكو ما عليها، لذلك تجهد انقرة لتحقيق هذا الهدف، الامر الذي يعرض قواتها لعمليات عسكرية من داخل البيت الادلبي ادت الى مقتل عدد من الجنود الاتراك.

وترى مصادر مطلعة ان توافقاً ضمنياً او تلاقي مصالح بين "النصرة" وموسكو يؤدي الى زيادة الضغط على انقرة داخل المحافظة الشمالية، خصوصاً ان "النصرة" ترغب بان يقتصر الوجود التركي العسكري في ادلب على نقاط المراقبة، وليس أن يكون هناك جيش كامل موجود فيها، يستطيع فرض شروطه وتسوياته على غالبية الفصائل مما يضعف نفوذ "النصرة" تلقائياً. وفي الوقت تفسه فإن موسكو تفضل انسحاب انقرة عسكرياً من ادلب بعد فتح اوتوستراد اللاذقية - حلب، وذلك لكي لا تشكل عائقاً امام أي تقدم عسكري سوري لاحقاً كما حصل في المعركة الاخيرة.

من هنا، وبحسب المصادر، فإن الضغوطات العسكرية لـ"النصرة" ضد الجيش التركي تترافق مع ضغوطات سياسية روسية على انقرة من اجل تنفيذ الاتفاق، الامر الذي يوحي بأن هناك من يرغب بإشتباك عسكري بين الجيش التركي وبعض الفصائل السورية، وهذا اذا حصل سيكون قد جعل تركيا تخوض معارك الجيش السوري في ادلب، واذا لم يحصل فإن انقرة ستكون امام عملية استنزاف طويلة مترافقة مع فشلها في تطبيع الاتفاق مع موسكو، ما قد يجعل الروس يعودون الى الحل العسكري.

وترفض "النصرة" حتى اليوم فكرة حل نفسها التي تعرضها انقرة، والقائمة على تغيير تسمياتها وعلمها وشكلها التنظيمي مقابل ازالتها عن لوائح الارهاب، وهذا ما يضع تركيا في وضع حرج وبين فكي كماشة، ففي حين انها لا ترغب في الدخول في اشتباك عسكري مع "النصرة" لاسباب كثيرة، غير أنها باتت محرجة امام شركائها في مسألة محاربة الفصائل المصنفة ارهابية، وما بين هذا وذاك الاستهدافات العسكرية التي تقتل جنودها بين فترة واخرى.

في ظل هذا الغبار السياسي والميداني يستمر الجيش السوري في استهداف بعض الاهداف الهامة في ادلب بين فترة واخرى، وهو قام ايضاً بالتقدم والسيطرة على عدد قليل من المناطق والقرى، بإعتبار أن "النصرة" هي التي تسيطر على جنوب ادلب، مستخدماً تاليا الحجج القديمة التي تفتح المجال امام اي عملية عسكرية: "المجموعات الارهابية".

كل ذلك يحصل والتقارب السياسي بين دمشق ودول الخليج يسير على قدم وساق، والتنسيق الاعلامي والسياسي مع حكومة حفتر في ليبيا على اعلى مستوياته، في ظل الاعلان عن سقوط قتلى سوريين وآخرين اتراك في الاشتباكات هناك، مما يطرح اسئلة عن حجم الضغوط وعمليات الاستنزاف المتزامنة التي تتعرض لها تركيا، وعن الطرف المسؤول عنها؟ هل هي موسكو الشريك الاستراتيجي الذي يرغب بشراكة طويلة الامد لكن وفق شروطه؟ ام هي واشنطن التي ترغب باعادة تركيا الى بيت الطاعة الاطلسي، وان تكون اليد الطولى في المنطقة؟ ام هي الرياض التي باتت تعطي اولوية لمقاتلة انقرة على مقاتلة اي طرف اخر في المنطقة؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى واشنطن تعترف: الحرب الأوكرانية مفيدة للاقتصاد الأمريكي